جرت مساءلة في مكة المكرّمة بين علماءٍ كُثر وكان الجُنيدُ أصغرهم . الإمام جُنيد هذا الذي قيل له : من وليُّ الله، قالَ الذي تجده عندَ الحلال والحرام. فلما تحاوروا وسألَ بعضهم بعضاً وكانَ الجُنيدُ أصغرهم سِناً فقالوا هاتِ ماعِندكَ يا عراقي فأطرقَ رأسه ودمعت عيناه ثم قال : عبدٌ ذاهبٌ عن نفسه ، متصلٌ بربه ، قائمٌ بأداء حقوقه، ناظرٌ إليه بقلبه، فإن تكلم فبالله، وإن نطقَ فعن الله، وإن تحرك فبأمر الله، وإن سكنَ فمعَ الله ، فهو باللهِ وللهِ ومع الله . قالَ : فبكوا جميعاً وقالوا ما على هذا مزيد. عبدٌ ذاهبٌ عن نفسه نفسه تحتَ قدميه يخضعها لطاعة الله يحملها على مرضاة الله لايثأرُ لها أبداً. ذاهبٌ عن نفسه ، متصلٌ بربه ، قائمٌ بأداء حقوقه ، ناظرٌ إلى الله بقلبه ، إن تكلم فبالله ، وإن نطقَ فعن الله ، وإن تحرك فبأمر الله ، وإن سكنَ فمعَ الله ، فهو باللهِ وللهِ ومع الله. أهل الحب، أهل الإيمان، أهل الإحسان، أهل التقوى، أهل القرب، بيّنوا أن للحب وسائل. فالله عزّ وجل من رحمته جعل إليه طرائق . أحياناً جهة من الجهات ليس لك إليها سبيل الطريق مغلق ، مهما حاولت ، لكنَ الله سبحانه وتعالى جعلَ الطرائقَ إلى الخالق كما يقال بعدد أنفاس الخلائق . ومن الطرائق التي تكون محبوباً بها عند الله عزّ وجل : أولاً : قراءة القرآن بالتدبّر وتفهم لمعانيه وما أُريدَ به ، قالوا تؤخذُ ألفاظه من حفاظه وتؤخذُ معانيه ممن يعانيه، قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أُريدَ به يجب أن تقرأه وأن تفهمه وأن تُطبقه كما أراد الله عزّ وجل . ثانياً : التقرّبُ إلى الله بالنوافل : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ......" (صحيح البخاري) في الصلوات، في الصيام، في الإنفاق، في المال حقٌ سِوى الزكاة، بالأعمال الصالحة، بخدمة الخلق، بدوام ذِكره .