وتعتبر البقلاوة أشهر المرطبات بين مسلمي فرنسا، وتصنع أساسا من الدقيق وزيت الزيتون واللوز والعسل، وتعود جذور البقلاوة إلى مدينة صفاقس عاصمة الجنوب التونسي، حيث اشتهر فريق المدينة لكرة القدم باسم فريق البقلاوة، غير أن البقلاوة خرجت من إطارها التونسي لتصبح مرطبات مغاربية بامتياز في فرنسا. وغير بعيد عن محل (وردة تونس) يتوافد الزبائن على محل للحم الحلال، وقد وضع لافتة أمام بوابة المحل كتب عليها تحية رمضانية باللهجة الجزائرية هي ''صح رمضانكم''، ويقول شريف، أحد العاملين في المحل ''هذا شهر اللحم الحلال وفيه نسجل أعلى المبيعات من اللحوم والدواجن''. وكانت دراسات حديثة نشرت في معرض الأطعمة في باريس أواخر العام الماضي، أشارت إلى أن فرنسا تمثل أكبر سوق للحم الحلال في أوروبا، وأوضحت أن استهلاك الحلال يتزايد بنسبة 15% سنويا، وتصل مبيعات اللحوم الحلال في العام نحو 300 ألف طن سنويا، وتقدر المبيعات ب 5 مليارات أورو سنويا. وبجوار اللحم ينصب المحل طاولة عليها أنواع عديدة من التمر القادم من الجزائر، كتمر ''جازية'' و''دفلة نور''، كما نصبت على الطاولة نفسها مشروبات غازية خاصة بالأقلية المسلمة كمشروب ''مكة كولا'' ومشروب ''إفري'' القادم الجزائر، كما يزيّن الطاولة حساء ''الشربة'' التونسية و''الحريرة'' المغربية. وغير بعيد من محطة مترو الأنفاق بحي ''بارباس'' تصطفّ نسوة من أصول مغاربية على قارعة الطريق تبعن الخبز المصنوع في البيوت كخبز ''فرصى الجزائري'' و''بغرير'' المغربي، وخبز ''محجوبة'' المحشوة بالبصل والتوابل واللحم المفروم. وعن سبب تسمية الخبز ب''محجوبة'' تقول إحدى البائعات ''لكون كل المواد المكونة للخبز حجبت بين ورقتي خبز''، وتضيف البائعة ضاحكة ''ربما تكون أول مبتدعة لهذا الخبز تسمى محجوبة أيضا''. وفضلا عن أن الانتعاشة التي تشهدها محلات اللحوم الحلال والحلويات في حي''بارباس'' الذي تحوّل اليوم إلى ''سوق رمضاني'' كبير، فإن الكثير من الفنانين الشعبيين يستغلون الشهر الكريم لإنتاج أشرطة هزلية مستوحاة من العادات والأكلات الرمضانية، فعلى جدار قرب المحطة يعلّق إعلانا لشريط مسموع هزلي عنوانه ''الشربة باللحم''، وعلى اللافتة صورة لعائلة مغاربية مهاجرة وخلفها قوس النصر الفرنسي الشهير، والمفارقات التي لا يعرفها الكثيرون أن تسمية الحي أصلها نوع من الخمرة الفرنسية التي اشتهرت في أوائل القرن التاسع عشر، حيث كان الحي في ذلك الوقت موطنا للمهاجرين الإيطاليين والبولونيين والاسبان القادمين للعمل في باريس، غير أنه ومنذ سنة 1950 أصبح الحي قبلة للمهاجرين القادمين من الشمال الإفريقي وخاصة من الجزائر، ويحتوي الحي على 3 مساجد كبرى، يدير أحدها الجزائريون وآخر تحت إدارة الأفارقة، وثالث يديره التونسيون، هذا فضلا عن عدد كبير من المصليات الصغيرة. وتعيش في فرنسا أكبر أقلية مسلمة في دولة أوروبية، وتقدّر بما بين 5 و6 ملايين مسلم من إجمالي عدد سكان البلاد وبذلك يُعَدّ الإسلام الديانة الثانية في فرنسا بعد المسيحية. وكما في باريس، المسلمون في كل مدن فرنسا وخاصة الكبرى منها على غرار ليون ومارسيليا يعيشون رمضان بالعودة الى الأصول فتراهم يجتهدون في إعداد الأطباق وتأدية العبادات والتراحم في ما بينهم كما أن النساء غالبا ما يفضلن في النهار التسوق صوب الأسواق التي يسيطر عليها تجار مغاربة وعرب.