وقد تحدث الدكتور حسن حنفي - الذي يعرف بإثارته للكثير من الجدل في مسائل الدين الاسلامي وأوضاع المسلمين حاليا - في محاضرته عن إشكالية الخلاف بين السلفيين والعلمانيين حيث قال "العلمانيون يصفون السلفيين بالجمود والرجعية والتخلف في حين يصف السلفيون العلمانيين بالتغريب والانسلاخ" وحسبه فإن هذين التيارين يحملان بينهما خط المواجهة والمعارضة ، كما أنهما يمثلان عمودي الصراع الذي يشتد بروزه في الجناح الإفريقي للعالم الإسلامي ،" فعلى خلاف آسيا نجد الصراع كبيرا بين هذين التيارين في كل من الجزائر ، تونس، السودان..". وفي هذا الإطار تحدث المحاضر عن الأزمة التي عرفتها الجزائر في العشرية السوداء قائلا " نحن نعتز بالمليون ونصف المليون شهيد لكن لا نعتز ب 120 ألف ضحية ذهبت هدرا في صراع بين الإخوة المسلمين". وفي سياق متصل أثار ضيف المكتبة الوطنية عددا من النقاط التي قد تكون سببا وراء هذا الصراع اللامتناهي بين الفريقين حيث اعتبر أن الاختلاف قد يكون في اللغة " فالحركة الإسلامية تستعمل اللغة الشرعية لغة الحق والباطل، لغة الحلال والحرام، النافع والضار، الطبيعي وغير الطبيعي.. وهاتان اللغتان المذكورتان في الآخر تمثلان إحدى المبادئ الموجودة في العلمانية "فالإسلاميون حسبه ، يختارون اللغة الشرعية في حين يفضل العلمانيون اللغة الإنسانية" وفي هذا الإطار أعطى الدكتور مثالا على ذلك بالقول" إن معنى الشهادة هو نفي الألوهية المزيفة وإعطاء الحرية للإنسان، والحرية تمثل أحد مبادئ العلمانية، والأمر نفسه بالنسبة للصلاة التي تعد تنظيما للوقت والعلمانيون ينادون بتنظيم الوقت" ، وأضاف ذات المتحدث أن الخلاف بين السلفية والعلمانية قد يكون نظرا للخلاف الموجود بينهما في الشعارات والمقاصد والإيديولوجيات كما قد يكون الخلاف في المنهج سواء منهج التفكير أو منهج التعامل المعمول به لدى كل فريق على حدة هو السبب في الاختلاف بينهما. وفي الأخير يتوصل الدكتور حنفي الى أن السلفية والعلمانية متقاربان في أمور كثيرة وبالتالي فجوهر الخلاف بينهما هو الصراع على السلطة ، لذا يقول المحاضر"السلفية والعلمانية يشكلان جناحين للدولة، فإذا كانت الدولة قوية تحكمت فيهما وإذا ضعفت تصارعا فيما بينهما ، والحل هنا لتجاوز هذا الصراع هو الحوار بين التيارين تحت إشراف أساتذة ومثقفين." للإشارة فقد تسلم الدكتور حسن حنفي وسام المكتبة الوطنية الجزائرية الذي قدمه له الدكتور أمين الزاوي المدير العام للمكتبة الوطنية الذي ألقى كلمة ترحيبية نوه فيها بعطاءات الرجل الفكرية وشجاعته التي قال عنها " الدكتور حنفي معروف بشجاعته في القول لكن ليست شجاعة التهور وإنما شجاعة مؤسسة داخل مرجعيات كبيرة" . للتذكير الدكتور حسن حنفي من مواليد 1935 بالقاهرة ، متحصل على دكتوراه من جامعة السوربون سنة 1966 ، عمل بقسم الفلسفة بالقاهرة حتى وصل إلى درجة أستاذ متفرغ، كما عمل كأستاذ زائر في عدد من الجامعات بالعالم (فيلادلفيا ، المغرب ، طوكيو ) نظرا لإجادته للغات الانجليزية، الفرنسية والألمانية ، و عمل مستشارا علميا لجامعة الأممالمتحدة في طوكيو ، كما يعد الدكتور حسن حنفي من أبرز المشتغلين في الفكر العربي والفلسفة المعاصرة حيث صدرت له عدة مؤلفات من بينها "التراث والتجديد" ، "حوار الأجيال" بالإضافة إلى مؤلفين باللغة الانجليزية "الحوار الديني والثورة" و "الإسلام في العصر الحديث" .