تسبب غياب ديوان وطني مستقل لإدارة وتسيير صندوق الزكاة كافية في بطء وتيرة تسديد القروض الحسنة التي باشرت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف منذ عام 2000 توزيعها وعلى مدار 8 سنوات كاملة على الشباب الذين تتوفر فيهم الشروط المحددة من قبل هيئة صندوق الزكاة قصد القيام بمشاريع استثمارية تغنيهم مشقة انتظار منصب عمل في شركة أو وظيفة إدارية، لكن البعض من هؤلاء اغتنم فرصة توفر تلك السيولة المالية في يده (من 20 إلى 30 مليون سنتيم، قيمة القرض المصغر حسب نوع النشاط) وخان الثقة ليتنكر للمعروف التي صنعته معه الوزارة وهيئة صندوق الزكاة اللتان مدتا له يد العون. 3500 قرض حسن بقيمة تفوق 600 مليار سنتيم معرضة للتلاعب والتحايل وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة سعد دحلب بالبليدة، الدكتور فارس مسدور، أن عدد القروض الحسنة للزكاة الموزعة على المستفيدين قفز من 246 قرض حسن عام 2000 إلى أكثر من 3500 قرض حسن إلى غاية العام الجاري فاقت قيمتها الإجمالية 60 مليار سنتيم على مدار 8 سنوات، مضيفا أن ذلك المبلغ لا يمكن استرجاعه إذا بقيت عملية تسديد القروض تسير بالوتيرة التي هي عليها الآن، لاسيما وأن عددا من المستفيدين عوض أن يحترم ويلتزم بالاتفاق المحدد للاستفادة من القروض الحسنة المصغرة ويباشر تسديد قيمتها المالية المحددة حسب كل مشروع استثماري ما بين 20 إلى 30 مليون سنتيم، راح يتلاعب ويتحايل بشأن هذه المسألة. السداد القانوني للقروض محدد لدى صندوق الزكاة بأقل من 4 سنوات ولكن... وأضاف المتحدث، أمس في اتصال مع "الفجر" أن الأخطر من ذلك هو تماطل ولامبالاة المستفيدين من القروض الحسنة في تسديدها وتفضيلهم طرقا أخرى في التلاعب والتحايل منها على سبيل المثال: أن يتفق المستفيد والممول باسترجاع جزء من قيمة القرض نقدا وعدم أخذ العتاد والتجهيزات المطلوبة للمشروع. طريقة أخرى كشف عنها المتحدث تتمثل في أخذ المستفيد من القرض العتاد والتجهيزات وإعادة بيعها أقل من قيمتها الحقيقية. وهناك طريقة أخرى يعتمدها المستفيد يقوم بالنشاط المصرح به، على أن يستغل جزءا من قيمة القرض الحسن نقدا في نشاطات أخرى غير معلن عنها. وبالرغم من أن المدة المحددة قانونيا من قبل إدارة صندوق الزكاة لتسديد القرض الحسن ب 4 سنوات، إلا أن ذلك لا تجده عند الكثيرين بالرغم من وجود معايير عالمية لتسيير القروض الحسنة، لكنها غير موجودة لدينا، كما أن تأخر المستفيد من القرض عن سداد القسط ليوم واحد يدخل القرض منطقة الخطر (إمكانية عدم التسديد)، لأن الأمور تتراكم على الشخص المستفيد وتجعله عاجزا عن الوفاء بالتزاماته، مضيفا أن نسبة السداد في أحسن الأحوال بلغت 30 بالمائة. غياب المرافقة والمتابعة ساهم في تراكم القروض وأعاب ذات المتحدث على إدارة صندوق الزكاة التي لم تضع في الحسبان أن تسير الأمور بمثل هذه الوتيرة منذ الشروع في عملية توزيع القروض الحسنة منذ عام 2000، كما أن عدم وجود طاقم إداري متفرغ ومستقل ووسائل نقل كافية زاد من توسيع حجم التراكمات المالية، وطريقة العمل التي تنتهجها إدارة الصندوق حاليا بالاعتماد على موظفين عاديين بمديريات الشؤون الدينية وليسوا متخصصين في إدارة مشاريع القروض الحسنة لا يمكن بها استرجاع القروض الحسنة.