يعتبر رئيس الحكومة، أحمد أويحيى، المسؤول الرسمي الوحيد الذي تحدث عن أحداث 5 أكتوبر 1988، التي بقيت ولحد اليوم رغم مرور 20 سنة على وقوعها من بين "الطابوهات" التي لا تريد السلطة كسرها والكشف عن خلفيات ما حدث ذات يوم عندما خرج الشباب في مظاهرات عارمة ببعض أحياء العاصمة انتهت بمقتل العديد منهم. وإذا كانت بعض الأحزاب السياسية تسمي الشباب الذين قتلوا خلال تلك الأحداث ب "شهداء الديمقراطية" فإن السلطة لحد اليوم ترفض حتى الحديث في الموضوع وامتنع الرسميون عن التعليق عما حدث أو سرد وقائع الأحداث التي تبقى ضمن "أسرار وخبايا النظام الجزائري تلك الفترة والتي كادت أن تعصف بالرئيس السابق الشاذلي بن جديد". لقد سمحت انتفاضة 5 أكتوبر بفتح أبواب التعددية الحزبية في الجزائر، فعرفت ميلاد ونشأة العديد من الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى خروج العديد من التشكيلات السياسية من الخفاء إلى العلن، لاسيما المعارضة منها لنظام الحكم في الجزائر ورغم كل هذا لم يتجرأ المسؤولون الرسميون على الحديث عن هذه الأحداث أو عن خلفياتها التي بقيت علامة استفهام في ورقة من أوراق تاريخ الجزائر المليء بالغموض. وتفاجأ العديد من المتتبعين للأحداث السياسية في الجزائر للخرجة الأخيرة لرئيس الحكومة أحمد أويحيى بمناسبة عقده ندوة صحفية بعد انعقاد دورة المجلس الوطني للحزب خلال شهر رمضان، حيث وجد أويحيى نفسه يرد على سؤال حول أحداث 5 أكتوبر، فهل أجاب أويحيى وراح يفسر تلك الأحداث مثلما عاشها داخل النظام دون رغبة منه أم أنه تعمّد فتح الباب للسماح بكتابة صفحة من صفحات تاريخ الجزائر. لقد قال أويحيى أن " أحداث 5 أكتوبر 1988 كانت أحداثا مؤلمة ومأساوية ومستغلة وتم تدبيرها والتآمر من خلالها ضد الرئيس الشادلي بن جديد وتسببت في زعزعة أركان الدولة الجزائرية"، لكن يضيف "للأسف كان ضحيتها شباب جزائري أطلق عليهم عسكريون الرصاص تم استقدامهم من ثكنات بالصحراء فوجدوا أنفسهم في فوضى عارمة وسط العاصمة". وأضاف أويحيى أن "أحداث 5 أكتوبر 1988 لم تكن وراء التعددية السياسية بالجزائر وإنما تحرك الشارع الجزائر وقتها جاء بسبب "تبخر حلم بدأت بوادره تظهر سنة 1982 بعد انهيار سعر البترول في الأسواق العالمية". وبالنسبة لأويحيى فإن "تلك الأحداث كانت نتيجة صراعات داخلية في هرم السلطة وانعكست على الشعب الذي خرج في مظاهرات عارمة انتهت بسقوط أبناء عائلات جزائرية".