لا يزال كتاب البروفسور شلومو صاند" كيف تم اختراع الشعب اليهودي" الصادر مؤخرا عن دار نشر فايار في باريس، يثير جدلا في الأوساط الفكرية. ويتساءل أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب، في مقدمة كتابه: متى ظهر الشعب اليهودي إلى الوجود؟ منذ أربعة آلاف سنة، أم أنه لم يوجد إلا عبر أقلام مؤرخي القرن التاسع عشر، الذين باستعراضهم لأحداث الماضي، شكلوا صورة متخيلة، من شأنها أن تتمخض عن أمة في المستقبل؟. ويقودنا المؤرخ في كتابه وفق ما كتب سعيد هلال الشريفي بصحيفة "تشرين" السورية عبر رحلة استكشاف في أعماق التاريخ القديم، متسائلا من جديد: هل كان لسكان منطقة الجليل وجود إثر تدمير الهيكل الثاني عام 70 ميلادي، أم أن تلك الحادثة ليست أكثر من أسطورة مسيحية تم دسها ضمن التاريخ اليهودي؟ وإذا ما افترضنا أنه لم يتم تهجير أي من فلاحي تلك المنطقة، في ذلك العصر السحيق، فأين هم الآن؟ هل هم الاشكيناز البولونيون، وأنا منهم؟ هنا يوضح المؤلف كيف اعتبر الصهاينة الأوائل ظهور "العصر التوراتي" اعتبارا من القرن التاسع العشر، بمثابة "العصر التاريخي"، وبالتالي "الأمة اليهودية". ويتساءل المؤلف: إذا كان العديد من علماء البيولوجيا الإسرائيليين الحاليين يسعون إلى إثبات أن اليهود يتمتعون بخصائص شعب يحظى بحامض نووي خاص بهم، فما الذي يخفيه محتوى "الدولة اليهودية"؟ ولماذا لم ينجح هذا الكيان حتى الآن بالتحول إلى جمهورية يشعر جميع مواطينها، على اختلاف عقائدهم، بالإنتماء إليها؟. يطرح الكتاب بجرأة وشفافية مسألة تفكك المفهوم التاريخي الذي نشأت على أساسه هذه الدولة الدينية، التي تتناقض مع قيم ومبادئ الديمقراطيات الحديثة، لارتكازها على عامل الدين، الذي يمنعها من أن تكون دولة مواطنين.. الأمر الذي يهدد مستقبلها وديمومتها.