بناية المجلس الدستوري اكتملت وأصبحت - ما شاء الله - تحفة معمارية تبهر الناظرين .. ولكن ليت البناء المعماري للدستور يقابله بناء تأسيسي لهذا الدستور .. فتزود الجزائر بدستور جميل البناء التأسيسي من الناحية القانونية، يعادل أو يفوق البناء العمراني لمقر المجلس الدستوري.. لماذا مثلا لا نشيّد دستورا يسمح للمجلس الدستوري بالعمل من تلقاء نفسه لمراقبة أداء الجهاز التشريعي والجهاز التنفيذي والجهاز القضائي وفق مقتضيات الدستور؟! ولا يبقى المجلس الدستوري مؤسسة تتمتع ببطالة كاملة إلى حين أن يتكرم عليها الجهاز التنفيذي بإخطار يسمح لها بالنظر في قضية ما.. هل يمكن أن نتصور مثلا الحياة الدستورية في الجزائر تسير كما يجب ولا يوجد فيها أي خلل يتطلب تدخل المجلس الدستور؟! كل القطاعات في الجزائر تتعرض لإخلالات في بعض الأحيان تصل حد الخطورة.. فهل النظام الدستوري لا يعاني من أية إشكالية تتطلب التحرك للمجلس الدستوري؟! .. وهل تكتيف المجلس الدستوري بإجبارية إخطاره من طرف غيره ممن عادة يفترض فيهم أنهم يخرقون الدستور مسألة صائبة؟! هل الأفراد في التشريع بمراسيم لا يعد التفافا من الجهاز التنفيذي على الجهاز التشريعي يتطلب تدخل المجلس الدستوري؟! .. وهل التشريع في مسائل حساسة من طرف مجلس انتخب ب 7 % من عموم الناخبين لا يطرح مسألة دستورية ما يشرع من الوجهة الأخلاقية وليست القانونية فقط؟! وهل التحايل على الناخبين من طرف الأحزاب لا يطرح مسألة دستورية؟!.. إننا نتطلع إلى دستور يضع حدا للتمييز بين أعوان الدولة في المثول أمام القضاء كما هو الحال اليوم .. ونتطلع لدستور يضع حدا للنصب الإنتخابي على الشعب .. ويضع حدا للتشريع المصلحي لفائدة فئة ما كما هو الحال اليوم؟!.. وإذا لم يكن ذلك، فإننا نقول للدستوريين في المجلس الدستوري ببناياته الجميلة قول الشاعر العربي: لقد ضاع مالنا على داركم .. كما ضاع عقد على جارية