وجه، أمس، رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، تعليمات واضحة وصريحة إلى السلطة القضائية تتعلق بالحرص على تنفيذ قرارات العدالة ضد الأشخاص المتابعين، مهما كان منصبهم، بالقول: "لابد من تأمين التنفيذ الفعال والشامل لجميع الأحكام القضائية ضد أي كان ومهما كا، تحقيقا وتجسيدا لمبدإ سيادة القانون والقانون فوق الجميع". وتعني رسالة القاضي الأول للبلاد وجود أحكام قضائية تخص بعض الأطراف تتمتع بالحصانة والنفوذ دون تطبيق. وقال رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، أمس، خلال افتتاح السنة القضائية بالمحكمة العليا: "أسدي أمرا إلى القضاء ومن هذا المكان لمتابعة المؤسسات التي لا تنفذ القرارات القضائية وتجاوز التماطل في التنفيذ". وخير الرئيس الأطراف التي وجه إليها رسالته بالالتزام بالانضباط مع الدولة أو المجتمع أو الركون بعيدا وقال: :"إما أن يكونوا منضبطين مع الدولة والمجتمع وإذا كانوا في وضع السواح فلكم دينكم ولي ديني". وأضاف من لم يعجبه الأمر فليستقل" . وكانت هذه النقطة محل انشغال الرئيس وانتقاده، رغم أنه أبدى على العموم ارتياحا على وضع المنظومة القضائية بعد سنوات من الإصلاح سواء من تعداد القضاة أو تخصصهم وكذا الهياكل الجديدة التي دعم بها القطاع. ولكنه في المقابل طالب بالاهتمام أكثر بقطاع السجون وأنسنة ظروف الحبس وكذا حماية واحترام حقوق المحبوسين. واتضح من كلام الرئيس أنه يكون قد اطلع على التقرير الخاص المتعلق بوضعية السجون الجزائرية الذي أعدته اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان. وطالب من الهيئة المشرفة على السجون بالتركيز على إنجاح وإعادة الإدماج الاجتماعي للمساجين من خلال تشجيع الحرف والمهن التي يحتاجها سوق الشغل وكذا دفع المساجين إلى التعليم والتكوين. أكد عبد العزيز بوتفليقة على ضرورة احترام حقوق المحبوسين كون المؤسسات العقابية مرآة عاكسة لوضعية حقوق الإنسان في البلاد. وفي ذات السياق، قال إنه من الضروري معالجة الانحرافات بمسؤولية، مشيرا إلى أن كلامه لا يعني أن يكون القضاء رؤوفا رحيما بالمذنبين ولكن صارما وقاسيا، ويبقى على السلطة السياسية تحسين وضعية السجون والمساجين لإنجاح عودتهم الى أحضان المجتمع. وأمر بخلق فضاءات للتعليم والثقافة والترفيه داخل السجون، ومساعدة المساجين المفرج عنهم في الحصول على مناصب عمل تبعدهم عن السلوك الإجرامي نهائيا. وفي سياق حديثه عن المذنبين، جدد عبد العزيز بوتفليقة تمسكه بخيار الرفق بمن ضل بهم السبيل، وعلل ذلك بكون الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية تعهد من الدولة وميثاق غليظ يتمسك به مهما كلف ذلك ورغم الانتقادات المستمرة. ولكن الرئيس بلغ حد المساواة بين الصحفيين والإرهابيين، وقال إن الرفق مثلما استفاد منه الصحفيون الذين يغتالون بالقلم يوميا، يستفيد منه هؤلاء -يقصد من ضل بهم السبيل - وقال: "لابد من الرفق بهؤلاء وهؤلاء ولابد من العدل والقسطاس"، لأن الهدف - حسب الرئيس - هو تحقيق المصالحة والالتحام داخل المجتمع الجزائري. من جهة أخرى، أكد الرئيس على ضرورة تعزيز وترشيد التعاون بين الجزائر والدول الأخرى إلى أوسع مما يركز عليه حاليا وهو تكوين القضاة للنجاح في مكافحة الإجرام بصفة عامة ومكافحته لاسيما الإجرام الخطير العابر للأوطان والرشوة والنهب والفساد التي ضربت استقرار الدول وأمنها.