من فضل الله تعالى ونعمه العظيمة على عباده أن هيأ لهم مواسم عظيمة وأيام فاضلة ، لتكون مغنماً للطائعين وميداناً لتنافس المتنافسين ، ومن هذه المواسم ما شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها أفضل أيام الدنيا ألا وهي عشر ذي الحجة ، والتي أوشكنا أن نعيش في رحابها ، فأيام قلائل وتظلنا نفحاتها العطرة . ولأن هذا العشر بها أمهات العبادة من الصلاة والصيام والصدقة والحج والأضحية والتكبير ، وليس ذلك لغيرها ، فالمسلم مطالب بأن يعمرها بما يقدر عليه من هذه الأعمال فمن حكمة المولى عز وجل ، ودلائل كماله ، تفضيله بعض الأزمنة والأمكنة على بعض في تعظيم الأجور ، وكثرة الفضائل قال تعالى: "والفجر وليال عشر" . ومما زاد من تشريف الله تعالى للعشر الأول من ذي الحجة "يوم عرفات"، حيث يفيض الخير والإحسان على من أخلص فيها لله وعمل الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله . روى البخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ) . وروى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ). وروى ابن حبان رحمه الله في صحيحه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( أفضل الأيام يوم عرفة).