نفس السيناريو عاشته بلدية حاسي بن عقبة، حيث اقتحمت عائلات أخرى ملعب الحي وحظيرة السيارات للإقامة فيها، ولم تسلم من ذلك حتى الأودية وكذا مقبرة عين البيضاء الوحيدة بالولاية، بعد أن غزتها البنايات القصديرية دون مراعاة لحرمة الأموات، خاصة بعد تدفق المياه القذرة على القبور وتسرب الجرذان إلى عين المكان وبالتالي انتقالها إلى القبور. وفي المقابل تبقى وكالة الجنائز غائبة عن تدارك الوضعية، حيث يتواجد أكثر من 140 بيت قصديري أقيمت بمحاذاة مقبرة عين البيضاء في ظرف سنة واحدة، وبالقرب أيضا من الثكنة العسكرية للجيش الوطني الشعبي، حيث لجأت عائلات عديدة من ولايات مجاورة إلى إقامة بنايات فوضوية، بينما تحصي بلدية الكرمة أكثر من 400 بيت فوضوي، وببلدية سيدي الشحمي سجل أكثر من 3000 بيت قصديري حسب رئيسها، متوزعة على 70 تجمعا سكني. وقد كشفت مصادر من مديرية البناء والتعمير، مؤخرا، عن مخطط استعجالي لدراسة البناءات الواقعة خاصة بالأودية، تجنبا لأي كارثة، حيث أفادت ذات المصادر بوجود 400 بيت قصديري بالسانية منتشرة عبر ضفاف الأودية، الأمر الذي يهدد سلامة العائلات التي أصبحت في خطر، وكذا البنايات الفوضوية التي تم إنجازها بحي شكلاوة قرب المقبرة الأمريكية، والتي توسعت أمام تهاون السلطات ومسؤولي الولاية بحيث تضاعف عدد العائلات إلى أن بلغت أزيد من 900 بيت قصديري، ناهيك عن البلديات الساحلية التي أصبحت فيها البناءات الفوضوية الديكور المميز، خاصة ببلديتي عين الترك وبوسفر وغيرهما، والتي تنعدم فيها ظروف الحياة، ورغم ذلك تبقى تشكل الوجه الآخر لوهران الذي يخفي الكثير من المشاكل التي وقف أمامها المسؤولون عاجزين عن تدارك الوضعية التي تفاقمت، ليس فقط خلال العشرية السوداء وما شهدته من نزوح ريفي، لكن أيضا خلال الأربع سنوات الأخيرة. اقتحمت العائلات معظم الفضاءات الخضراء والمساحات الفارغة للإقامة فيها، وذلك في كل الأمكنة، حتى بجانب المفرغات العمومية، وذلك ما تمخض عنه جملة من المشاكل والعراقيل في ظل الضغط المفروض على وسائل النقل والمصالح الطبية، وحتى على الإنارة التي يقوم هؤلاء السكان بقرصنتها وسرقتها من الأعمدة الكهربائية، ما جعل وحدة الغرب بالسانيا لمؤسسة سونلغاز تتكبد خسارة مالية تقدر ب84 مليار سنتيم نتيجة نهب الطاقة الكهربائية من الأعمدة، وذلك بالأحياء التي تشهد انتشار البنايات القصديرية كحي شطيبو وكوشة الجير ودوار فلاليس وكوكا وشكلاوة، وغيرها من الأحياء الفوضوية التي تستعين بعملية الربط العشوائي. وأعلنت المكلفة بالإعلام بسونلغاز، أن المؤسسة تقوم بقطع التيار عنهم في الفترة الصباحية، ليعاودوا إطلاقه في المساء بعد التكثيف من عملية القرصنة، حيث تم تسجيل سرقة 9 محولات في يوم واحد، وذلك ما بات يتطلب تكثيف الجهود من قبل جميع المسؤولين لوضع حد لهذه العصابات التي تقوم بسرقة التيار الكهربائي دون تسديد حقوقهم، الأمر الذي أعاق السير الحسن للمشاريع المتمثلة في عملية ربط العديد من الأحياء والبلديات بالكهرباء. من جهته، حمّل الأمين العام لولاية وهران مسؤولية ما يقع اليوم من بناء فوضوي لشرطة العمران والسلطات القضائية وكذا المجتمع المدني والبلديات، وذلك من أجل محاربة زحف البنايات الفوضوية والتي انتشرت بشكل رهيب في غياب المراقبة الصارمة، مضيفا أن هناك برنامج طموح يبدأ من 2010 إلى 2014 لمعالجة مشكل البنايات الفوضوية والذي رصد له غلاف مالي يقدر ب188 مليار دج، وهناك برنامج مسطر أيضا للقضاء على السكنات القصديرية بصفة تدريجية. وقال أحد المواطنين القاطنين بالبنايات الفوضوية، ببلدية سيدي الشحمي، إن المنتخبين الحالين للبلدية، قاموا بزيارة الحي قبل الحملة الانتخابية "ووعدوا بالتكفل بملف إعادة إسكاننا"، "لكننا لم نر شيئا على أرض الواقع"، وقد وصل سكان هذه الأحياء إلى اليأس من جراء البؤس والحرمان والفقر والأمراض، بعد تفشي الأمية بين أبنائهم من القاطنين في البنايات القصديرية في غياب وسائل التكفل الصحي بهم.