من المنتظر أن يؤدي تقاطع مواقف كل من الأرسيدي والأفافاس السياسية إلى تأزيم العملية الانتخابية وتقليص نسبة مشاركة سكان منطقة القبائل في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إن لم نقل أنها ستجد نفسها غير معنية بها، بسبب التقاء قناعات زعيمي الحزبين المتجذرين بالمنطقة التي تمثل ست ولايات، وهما حسين آيت أحمد وسعيد سعدي في عدم خوض هذه الاستحقاقات، سواء بالمقاطعة أو المعارضة الجذرية لمرشح الإجماع والتحالف، بعدما كانت مواقف الحزبين في السابق متباينة. وجسد قرار المقاطعة المعبر عنه من قبل كل من حسين آيت أحمد وسعيد سعدي ، هذه المرة قاعدة الاستثناء، حيث كان الأمر المتداول هو مقاطعة سعيد سعدي إذا دخل الدا الحسين الانتخابات الرئاسية، وهو ما تكرس في الانتخابات الرئاسية لسنة 1995، حيث ترشح سعيد سعدي إلى جانب اليامين زروال و المرحوم محفوظ نحناح ونور الدين بوكروح، وسجلت مقاطعة حسين آيت أحمد، ثم قاطع سعدي بعد ذلك الانتخابات الرئاسية لسنة 1999، في حين سجلت مشاركة حسين آيت أحمد إلى جانب عبد العزيز بوتفليقة وعبد الله جاب الله ومقداد سيفي ومولود حمروش ويوسف الخطيب وأحمد طالب الإبراهيمي، لينسحب الستة من الانتخابات قبل يوم واحد من إجرائها. وفي سنة 2004 قاطع حسين آيت أحمد الانتخابات لتسجل مشاركة سعيد سعدي. أما الانتخابات الرئاسية لسنة 2009، فقد يغيب عنها كلية ممثلو الحزبين الكبيرين في منطقة القبائل اللذين لم تفتح الضمانات التي قدمتها السلطة شهيتها كالارسيدي، الذي كان متمسكا بشرط استقدام ملاحظين دوليين، كما ونوعا لمراقبة الاستحقاقات القادمة من أجل دخول المعترك الانتخابي، لكنه رفض لأن الدعوة لم توجه للمراقبين الذين كان يبحث عنهم ، أي الاتحاد الأوروبي والمعهد الديمقراطي الأمريكي. أما بالنسبة للأفافاس، فلم يسجل بقرار المقاطعة الاستثناء، لأنه سبق وأن قاطع الانتخابات الرئاسية لسنة 1999بانسحاب قبل يوم واحد من تنظيمها وسار على نفس الدرب خلال الرئاسيات الماضية. والملاحظ على الانتخابات الرئاسية لسنة 2009، إذا تمت وفق ماهو موجود الآن على الساحة، حالة الفتور وغياب الحماس التنافسي، بسبب غياب المنافسة الثقيلة لمرشح التحالف الرئاسي والإجماع، عبد العزيز بوتفليقة، من جهة، وارتفاع هواجس نقص المشاركة الإنتخابية لدى المواطنين من جهة ثانية، كما أن المنظمات الجماهيرية التي تحمل أغلبيتها لون التحالف الرئاسي تعيش انشقاقات داخلية، وهذا وراء سر دعوة قادة التحالف لهذه التنظيمات لتجاوز مشاكلها الداخلية واستثمار جهدها في إنجاح الحملة الانتخابية لرئيس الجمهورية وإقناع المواطنين بالتصويت لصالح الرئيس يوم الاقتراع.