تفصل يوميا مختلف المحاكم في ملفات حوادث المرور ويقف الضحايا والمتهمون سواء أمام محكمة الجنح أو المخالفات، حسب طبيعة الفعل المرتكب، وتتم متابعتهم على أساس تهمة القتل الخطأ أو الجروح الخطأ، وحسب الوقائع والسلطة التقديرية للقاضي يتم تبرئة أوإدانة الفاعل، لكن هذا لا يعني أن يحرم الضحية من التعويض، مثلما جاء في المادة 8 من قانون 74/15 الخاص بالتأمينات التي تنص صراحة على أن "استفادة المتهم من البراءة لا تحرم الضحية من التعويض"• تطبق على قضايا حوادث المرور أحكام قانون التأمينات 88-91 الذي يحدد كيفية التعويضات التي تتفاوت من قضية لأخرى، ووفقا لمعايير دقيقة ومحددة لا يمكن تجاوزها أو الخروج عنها• وفي هذا الصدد أوضحت المحامية، نوال مجقان، بخصوص تهمة القتل الخطأ أن المشرع الجزائري أخذ بعين الاعتبار الدخل الشهري للمتوفى الذي على ضوئه يتم حساب التعويض، وفي حالة ما إذا كان الشخص بطالا، يعتمد الأجر القاعدي المضمون المقدر ب 12 ألف دينار كمرجع• وفي حالة تهمة الجروح الخطأ يتم تعيين خبير لمعرفة النسب قصد حساب التعويض• لكن الإشكالية المطروحة في مثل هذه القضايا هو في كيفية تحديد المسؤولية الجزائية، خاصة أن قانون 14/01 المعدل والمتمم لقانون المرور شدّد في العقوبات، غير أنه في الوقت ذاته فتح باب تبرئة المتهم من الجنحة المنسوبة إليه• سبق لفرع الجنح بمحكمة حسين داي في العاصمة أن فصل في قضية شخص في العقد الخامس متهم بالقتل الخطأ، وخلال الجلسة كشف على أنه كان يقود حافلة لنقل المسافرين بشارع جيش التحرير الوطني على مستوى محطة المسافرين بالخروبة قبل أن يتفاجأ بالضحية، وهي تعبر الطريق من الجهة اليمنى نحو الجهة اليسرى، ما دفعه لتغيير مسار الحافلة بغرض تفاديها، إلا أنه صدمها بالعجلة الخلفية وتوفيت إثر ذلك مباشرة• وخلال الجلسة تمت الإشارة إلى أن المرأة تعمل في شبكة اجتماعية بإحدى البلديات في إطار ذوي الاحتياجات الخاصة• وحكمت عليه المحكمة بستة أشهر حبسا مع وقف التنفيذ و2000 دج غرامة مع تعويض الطرف المدني ب 5 آلاف دج مصاريف الدفن• كما نظر قسم المخالفات على مستوى محكمة الحراش في قضية الحادث المروري الذي وقع بالقرب من مقر الأمن الحضري الأول لبراقي على الساعة الواحدة وربع صباحا، أدى إلى حدوث جروح طفيفة على مستوى سيارة مفتش في الضرائب.. أين توبع المخطئ بالجروح الخطأ وتم تغريمه بألف دينار غرامة نافذة• من جهتها عالجت محكمة الحراش قضية شاب في 19 من عمره توبع بجنحة القتل الخطأ راحت ضحيتها امرأة في العقد الرابع إثر تصدع على مستوى الجمجمة على خلفية صدم سيارته لسيارة الضحية من الخلف التي كان يقودها زوجها• المتهم صرح خلال الجلسة أنه كان يسير في الرواق الأول بالطريق السريع الشرقي باتجاه الجزائر بسرعة 100 كلم وعند وصوله بالقرب من محول قصر المعارض تفاجأ بزوج الضحية، الذي كان في الرواق الثاني يغير اتجاهه نحو المحول دون استعمال الغمازة، ولقصر المسافة بينهما لم يستطع تفادي الحادث، ليقع التصادم بينهما وتنقلب سيارة الضحية على الشريط الترابي، وهذا ما أكده الشهود حيث تحصل على البراءة و ذوي الحقوق على تعويضات تدفع على عاتق شركة تأمين المنخرط فيها المتهم• وفي نفس المحكمة توبع شاب في العقد الثاني من عمره بجنحة القتل الخطأ، وكشف الضحية الذي تعرض لجروح أنه كان برفقة الضحية الثانية المتوفاة قادمان من برج الكيفان نحو منطقة بودواو، قبل أن يتفاجأ بسيارة تصدم سيارته من الخلف، الأمر الذي لم يمكنه من التحكم في سيارته، نتيجة الصدمة القوية التي دفعتها للدوران عدة دورات وتوقفت بعد اصطدامها بالعازل الأمني، ليتوفي على إثرها صديقه، وتتم إدانة المتهم بسنة سجنا مع وقف التنفيذ والحكم لذوي الحقوق المتوفى من الزوجة والوالدة والأبناء بتعويضات، و40 ألف دينار مصاريف الجنازة تدفعها شركة التأمين• ونظرت محكمة حسين داي في قضية القتل الخطأ التي راح ضحيتها شيخ في العقد الثامن قبل أن يتهم سائق حافلة النقل بارتكاب هذه الجنحة• هذا الأخير صرح أنه في ذلك اليوم كان يزاول مهنته بصفة عادية، قبل أن يفاجئه سائق آخر من الخلف، يطلب منه التوقف، وعندئذ أدرك أن هناك شيخ متوفي واقع على الرصيف، ليتم اتهامه بأنه من قتله• وركز دفاع المتهم على الشهادة الطبية للطبيب الشرعي الذي أكد أنّ سبب الوفاة هو حدوث نزيف داخلي على مستوى أذنه نتيجة اصطدامها بالرصيف، دون أن يشير الطبيب إلى أن الضحية مات بعد أن صدمته المركبة، وأدين المتهم بعام حبسا موقوف النفاذ وغرامة ب 20 ألف دينار، مع تعويض ذوي الحقوق من شركة التأمين• المحكمة ذاتها بتت في قضية شخص وقع من فوق جسر "لافارج" بحسين داي على مركبة سير، وتزامن ذلك مع مرور سائق المركبة، وهو ما أكده الشهود ولم يجد المتهم ما يعلق به سوى قوله بالحرف الواحد لقاضي الجنح بحسين داي أنه تعلم خلال اجتيازه لاختبار السياقة أن "أنظر على يميني وشمالي، خلفي وأمامي لكن لم يتم تعليمي أن أنظر إلى الأعلى"، ولأن الضحية مات فقد أخذ سره معه بخصوص إذا ما قام بالانتحار أو قاموا برميه أو كان نتيجة للدوار، ومع ذلك تمت إدانته بعام حبسا نافذا قبل أن يقوم المجلس بتبرئته من تهمة القتل الخطأ• "نظرية المخاطر" تختص بالتعويض وليس بالإدانة وتحدثت "الفجر" في الموضوع مع المحامية نوال مجقان، حيث أفادت أن المسؤولية الجزائية هو خطأ يعاقب عليه القانون، فإذا لم يخطئ الإنسان فلماذا تتم معاقبته؟، مشيرة إلى أن المبدأ المطبق أوالعرف المتعارف عليه هو أن كل من أصابه جرح أو ضرر هو الضحية، رغم أنه يمكن أن يكون هو من تسبب في وقوع الحادث، في حين المنطق القانوني يرى أن التعويض هو الذي يبنى على أساس "نظرية المخاطر" و ليس الحادث أو "الفعل" الصادر عن سائق المركبة هو الذي يبنى على أساس نظرية المخاطر• وشرح المصدر ذاته نظرية المخاطر في كونها "الخطر المفترض الناتج عن السير بالمركبة بحد ذاتها"، وأشارت إلى أنه حسبما هو متداول عليه والقضايا المعروضة، فإنه من المفروض على القضاء أن يبني أحكامه على نظرية المخاطر التي تختص بالتعويض وليس بالفعل مثلما يشير إليه القانون رقم 88/31 المؤرخ في 19 جويلية 1988 المعدل والمتمم بقانون رقم 74/15 المؤرخ في 30جانفي 1974 المتعلق بإلزامية التأمين عن المركبات وكيفيات التعويض عن حوادث المرور•