استخدمت حيلة تضخيم الحصائل السنوية دون حذف التكاليف لماذا طلب نجيب ساويرس من الحكومة الجزائرية عدم الإفصاح عن ملف ضرائب "جازي" وعن أي شيء يتعلق بهذه القضية "حتى لا يؤثر ذلك على النشاطات الدولية للشركة"؟ ولماذا تحدث أحمد أويحيى، الوزير الأول، في أول تدخل له في مسالة ضرائب "جازي" عن "التقويم الضريبي" وعن ''12شهرا" من التهرب الضريبي؟ هذه الأسئلة وغيرها يفككها خبير في التدقيق المالي والضريبي، ويكشف لعبة أدت إلى تحويل مبالغ هامة بالعملة الصعبة إلى الخارج باستخدام حيلة في حساب الحصيلة السنوية والضريبة والفائدة بالدولار. قال خبير في التدقيق المالي والضرائبي، لم يرد ذكر اسمه، إن المتعامل المصري في الهاتف النقال "أوراسكوم تيليكوم الجزائر" استخدم "حيلة انقلبت عليه في النهاية"، وهي حيلة كانت "جازي" تستهدف من ورائها "إخراج أموال أكبر من العملة الصعبة"، وصلت 36 بالمائة من رقم الأعمال السنوي غير الصافي كل عام، بعيدا عن قانونية عملية تحويل الأموال برمتها. كيف ذلك ؟ يؤكد المصدر أن فرع أوراسكوم تيليكوم "جازي" منذ بداية نشاطه في الجزائر كان يصرح بحصيلة إجمالية ورقم أعمال بدون حذف التكاليف بفواتير إجمالية التي لا تخضع للضرائب، وبالتالي يزداد رأسماله. وعندما يمر محققو المالية والضرائب لطلب وثائق تخليص ما في ذمة الشركة المصرية، يلاحظون التكاليف الضخمة غير المحذوفة من الحصيلة السنوية، ويتساءلون عن السبب، و"كيف تناسى محاسبو الشركة خطأ من هذا العيار"، الذي ينتبه له طالب ليسانس تخصص اقتصاد أو تجارة. وفي نفس الوقت، كان المحققون الماليون يقولون إن التكاليف الكبيرة والحصيلة السنوية ل"جازي" تخدم البلاد ضرائبيا، لأن مصالح الضرائب ستُحصّل نسبة أعلى من الضرائب لصالحها. ولم تطل تساؤلات المحققين الماليين ومحصلي الضرائب حتى اكتشفوا "اللعبة"، التي تقول إن تضخيم الحصيلة السنوية بالتكاليف الإضافية يؤدي إلى رفع غير حقيقي في رأسمال الشركة، وكان الأمر مقصودا، "حتى تستفيد "جازي" من تحويلات أكبر من العملة الصعبة قياسا إلى الرأسمال"، وهي حيلة دامت سنوات وتمكنت "جازي" من تحويل ملياري دولار في فترة وجيزة مقارنة ب"استثماراتها" الأصلية، أي 737 مليون دولار، وهو مبلغ رخصة المتعامل في الهاتف النقال بالجزائر. والنتيجة أن "جازي" حوَّلت ما يقارب 36 بالمائة من رأسمالها في شكل عملة صعبة إلى الخارج كل عام. وهذا ما يفسر الفوارق الموجودة في الأرقام بين قيمة الضرائب التي تحدث عنها الوزير الأول أحمد أويحيى ووزير المالية كريم جودي عن فترة 2005 ,2007 وتلك التي تحدث عنها نجيب ساويرس في عز توتره بخبر مطالبة السلطات الجزائرية له بدفع الضرائب الواجبة عليه وإلا لن يخرج دولارا واحدا إلى الخارج. وسنورد الأرقام والفرق لاحقا. وكان الوزير الأول أحمد أويحيى قال في الندوة الصحفية التي رد فيها على اتهامات القاهرة للجزائر بالحرف الواحد "التقويم الضريبي الذي تم تطبيقه على أوراسكوم المصرية يعود إلى ديسمبر 2008 والشركة المذكورة تهربت بعدة أشكال عن تسديد ما هو مطلوب منها لدى مصالح الضرائب في الجزائر منذ 12 شهرا". هذه الحيلة استخدمتها "جازي" في الفترة الممتدة من 2005 إلى ,2007 وهي الفترة التي كبُرت فيها جازي بشكل لافت للنظر، إلى أن أصبحت تحوز أكثر من 60 بالمائة من نسبة سوق الاتصالات في الجزائر، علما بأن قانون الاستثمارات لا يسمح لشركة أجنبية بتجاوز 45 بالمائة من نسبة نفس السوق. وترتب عن "التكاليف الإضافية والمقصودة" فائدة مباشرة بالدولار للشركة المصرية، تخرجها سنويا و"قانونيا". ولما وجدت جازي نفسها مجبرة على دفع التصحيح الضريبي، عادت إلى الفوترة العادية والحصيلة العادية وفقا للحسابات الضرائبية، وذلك بحذف التكاليف الإضافية من الحصيلة السنوية، وتقديم الحصيلة الفعلية للشركة لمصالح الضرائب بدون سنتيم إضافي واحد، ما يعني أنها لن تحول المزيد من الدولارات إلى الخارج، ولن تأخذ من الفوائد السنوية محسوبة بالدولار إلا ما هو قانوني وخاضع للقوانين الضرائبية والمالية الجزائرية، وامتثالا لما أعلنته الحكومة الجزائرية من منع شركة أوراسكوم تيليكوم القابضة من القيام بأي تحويلات مالية إلى الخارج قبل سداد الضرائب المستحقة على الشركة بقيمة 596 مليون دولار. وقالت أوراسكوم، الشركة الأم المملوكة لرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس في بيان لها، إنها قامت بإعادة تقدير الإيرادات الإجمالية لشركة "جازي" من 2005 إلى 2007 بمبلغ 387 مليار دينار جزائري، ما يعادل 52,5 مليار دولار مقارنة بالمبلغ المسجل والمعتمد من مراقبي الحسابات، والذي بلغ 325 مليار دينار جزائري، ما يعادل 42,4 مليار دولار، مضيفة بذلك مبلغ 62 مليار دينار جزائري، ما يعادل 840 مليون دولار أمريكي على الإيرادات الفعلية المحققة. وهذا عذر أقبح من ذنب ومنسوب إلى الطرف الجزائري، مع أنه ممارسة "جازية". وكان الفرق بالنسبة لعام 2005 فقط بين أرقام أوراسكوم تيليكوم الجزائر المعتمدة وبين مطالبة المصلحة وصل إلى 36 بالمائة، وهي النسبة التي "طارت" إلى الخارج بالدولار. وكان رئيس الشركة المصرية نجيب ساويرس طلب من سلطات الضرائب في الجزائر عدم الإفصاح عن ملف ضرائب "جازي" وعن أي شيء يتعلق بهذه القضية "حتى لا يؤثر ذلك على النشاطات الدولية للشركة"، وحتى لا ينفضح أمرها. ورغم أن السلطات وافقت على الطلب، إلا أن ساويرس راح يسرب معلومات، ويصرح بأن الحكومة الجزائرية تعرقل نشاطاته، وأنها تمنعه من تحويل فوائده إلى الخارج، قبل أن يستغل فرصة المباراة بين مصر والجزائر في السودان، ليحاول إظهار القضية وكأنها انتقام من الحكومة الجزائرية، لأن الأمر يتعلق بشركة مصرية، وهو أمر غير صحيح، لأن مشكلة الشركة مع الضرائب كانت قائمة قبل ذلك بعدة أشهر. ملاحظة: المقالة منشورة بالخبر الأسبوعي لهذا الاسبوع