الأخلاق هي محور جميع الرسالات، وهي الوسيلة للوصول لأحسن تقويم خلقنا الله عليه، وتحثنا تعاليم ديننا على حسن الخلق وذلك ليس مع إخواننا المسلمين فقط بل مع أصحاب الديانات الأخرى يقول تعالى: »لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين«. ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: »ألا ومن ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً على غير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة«. وتلعب الأخلاق دوراً كبيراً في تغير واقع المسلم إلى الأفضل في حالة إذا اهتم بالتحلي بالأخلاق، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق«، حيث يبين لنا النبي بهذا الحديث الهدف من بعثته صلى الله عليه وسلم، أنه جاء ليتمم مكارم الأخلاق في أمته والناس أجمعين. عندما يتعامل المسلم بقانون الخُلق الحسن ويتحلى بالأخلاق الحسنة ويبعد عن أفعال الشر والآثام يستطيع تحقيق الكثير من الأهداف النبيلة والتي منها سعادة النفس ورضاء الضمير ورفع شأنه وانتشار المحبة بين أفراد المجتمع المسلم. يكفي أن نقرأ قول الحق سبحانه وتعالى عند وصفه لرسوله الكريم »وإنك لعلى خلق عظيم«، وحديث أم المؤمنين عائشة عندما سُئلت رضي الله عنها عن خلق النبي قالت: »كان خلقه القرآن«، فقد جاء النبي ليتمم الأخلاق التي هي هدف جميع الأنبياء، فقد جاء السابقون لرسالة محمد ببعض الأخلاق ثم جاء نبينا ليتمم ما نقص منها ويوضح ما لم يتم توضيحه من الديانات السابقة. وقد بعث الله الأنبياء ليوضحوا لنا مكارم الأخلاق التي بواسطتها يكتمل بناء الإنسان فهي الهدف الأسمى من خلقه، وقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أسمى مرتبة من مراتب التكامل الأخلاقي حتى استحق قول الله تعالى: »وإنك لعلى خلق عظيم«. عندما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين يديه فقال: يا رسول الله ما الدين؟ فقال: حُسن الخلق، ثم أتاه من قبل يمينه فقال: يا رسول الله ما الدين؟ فقال: حُسن الخلق، ثم أتاه من قبل شماله فقال: ما الدين؟ فقال: حُسن الخلق. فمحور الدين الإسلامي يتركز حول حقيقة واحدة وهي حقيقة »الخُلق الحسن«، والذى نجد الكثير من الدلائل في الكتاب والسنة تؤكد ذلك وتحثنا على التحلي به حتى يفوز الإنسان بعلاقة طيبة مع مولاه جل وعلا، وبعلاقات إنسانية حميدة مع البشر من خلال ترك الصفات السيئة والاتسام بجميع الصفات الفاضلة. يقول تعالى: »يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون«، ويقول: »تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان«، فالخلق الطيب يجب أن يكون راسخ في النفس البشرية يدعوها دائماً لفعل الخير واجتناب الآثام حتى يصح القول بأن الأخلاق قيمة إنسانية. وبنظرة دقيقة إلى العبادات التي شرعها الله جل وعلا سنجد أنها تهدف جميعها إلى التحلي بالخلق الحسن، فمثلا الصلاة تعمل على تكوين الضمير الديني للمسلم، يقول تعالى: »إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر«، ويقول الرسول الكريم »من لم تنهه صلاته عن الفحشاء، فلا صلاة له"«، لا صلاة لمن لا يتسم بصفات طيبة حسنة وخلق سامى، والصيام الذي يهذب النفس البشرية ويجعلها تترك الشهوات وتتجه للتقوى والتقرب لله وهذا من حسن الخلق »يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون«، فنجد أن ديننا فيه إرشادات توجهنا للتطهر والترفع عن زخارف الحياة ومعاملة الناس معاملة حسنة تليق بديننا الحنيف.