أحزاب سياسية تندد بالإصرار على استفزاز الشارع أثارت تشكيلة حكومة تصريف الأعمال الجديدة، التي أعلن عليها أمس الاول، جدلا واسعا في أوساط الطبقة السياسية وعموم الشعب الجزائري، حيث جاءت أغلب ردود الفعل سلبية تجاهها بدعوى أنها لا تمثل أي استجابة لمطالب الحراك الشعبي المستمر منذ 22 فيفري 2019. ورغم أن الحكومة الجديدة ستكون مكلفة بتصريف الأعمال بشكل مؤقت، إلا أن عاصفة من الانتقادات طالت تشكيلة بدوي الجديدة من قبل أغلب القوى السياسية والنقابات وعلى وجه خاص الشارع الذي انتفض في مظاهرات ليلية وأخرى في صباح اليوم الموالي لإعلان الحكومة الجديدة. ومباشرة عقب الإفراج عن قائمة الحقائب الوزارية الجديدة التي عرفت تغييرا كبيرا، ونصبت فيها أسماء بعضها معروف وأخرى أقل شهرة، حتى نزل المئات من المتظاهرون وسط العاصمة للتعبير عن رفضهم لها، واشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي بالتعليقات تباينت بين السخرية، التهكم والغضب. كما نظم أمس المئات من المواطنين وقفة احتجاجية في ساحة البريد المركزي وسط العاصمة، احتجاجا على تشكيلة حكومة تصريف الأعمال الجديدة. وعبر المحتجون الذين خرجوا منذ يوم 22 فيفري المنصرم وعلى مدار ستة جمعات متتالية مطالبين بالتغيير والاصلاحات، عن غضبهم وعدم رضاهم على الوجوه الجديدة التي أعلن عليها، باعتبارها تمثل النظام ذاته، ولا يوثق في قدرتها على تسيير المرحلة الحالية بكل حيادية، رافعين شعار التغيير الجذري . استفزاز واضح للشارع وفي السياق، اتفقت العديد من الأحزاب والشخصيات السياسية على أن حكومة بدوي الجديدة استفزاز صريح للشارع، بينهما وصفها آخرون ب اللاحدث . وقال رئيس حركة مجتمع السلم الأسبق، عبد المجيد مناصرة، إنّ التعديل الحكومي الجديد استفزاز للشعب، وأشار أمس في منشور له على فيسبوك، أن مصادمة الشعب واستفزازه بهذا التعيين يعقد الأزمة ولا يحلها. ودعا مناصرة الجيش لحل الأزمة وتحقيق مطالب الشعب، وحفظ هيبته وهيبة الدولة عليه، كما دعا الى ترسيم استقالة رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، وتأكيد استقالة رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، وطالب بالحوار مع الأحزاب، لتشكيل اللجنة المستقلة لتنظيم الانتخابات، بالتوافق وتعديل قانون الانتخابات، مع التحضير الجيد للانتخابات، لتجري وفقا للمعايير الدولية. بدوره، قال رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، إن تشكيلة الحكومة، كما أعلن عنها، لا تعبر سوى عن مواصلة التصميم على الإثارة والتحدي، فهي لا تنم عن أية إرادة للتهدئة، و ليست في مستوى خطورة الأزمة الحالية والمتطلبات السياسية والمؤسساتية والدستورية للانسداد السياسي الذي تواجهه الجزائر حاليا، مؤكدا أنها فشل آخر للنظام القائم. وأفاد بيان لحزب طلائع الحريات أمس، أن تشكيل الحكومة الجديدة ليس سوى مجرد ريح في الشباك، وأضاف في ذات الصدد: إن أقل ما يمكن أن يقال، في موضوع الحكومة هو أن تشكيلتها لم تتم في أفضل الظروف، وبالفعل، فالسلطة القائمة لم توفق في اختيار الشخصية التي وضعتها على رأس الحكومة بلجوئها إلى وجه من وجه النظام السياسي القائم والفاقد لكل مصداقية والمرفوض شعبيا . كما قال رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، في أول رد فعل على تشكيلة الحكومة الجديدة، إنها لم تستجب لما طرحته المؤسسة العسكرية من دعوة إلى الاستناد على المادة 7، 8 و102 من الدستور لحل الأزمة. وأكد جاب الله أن هذه الحكومة غير شرعية، وهي إصرار من النظام على السير ضد إرادة الشعب الذي خرج بالملايين رفضا لهم، واصفا ذلك ب أشد أنواع الاستبداد . الحكومة الجديدة لا حدث! بالمقابل، اعتبر حزب جبهة المستقبل الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة الوزير الأول، نور الدين بدوي، ب لا حدث ، حيث يرى الحزب أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة التي تعيشها الجزائر منذ 22 فيفري يكمن فيما اقترحه الحزب سابقا بتفعيل المادة 102 بالإضافة إلى المادة 7و8 من الدستور والذهاب إلى انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن. وفي هذا الشأن، صرح المكلف بالإعلام لدى جبهة المستقبل رؤوف معمري، قائلا: نرى أن المخرج الوحيد للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد هو الذهاب إلى انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن، ويتم ذلك كما سبق وطالبنا به يوم 22 مارس 2019 في بيان للمكتب الوطني عن طريق تطبيق المادة 102 من الدستور والمواد ذات الصلة . وأضاف قائلا: وكذلك عن طريق تفعيل المادة 194 من الدستور الخاصة بالهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات والتي يجب أن تكون منتخبة ومستقلة، مهمتها تنظيم الانتخابات والإشراف عليها من مراجعة القوائم الانتخابية إلى الإعلان عن النتائج . من جهته، اكد النائب البرلماني لخضر بن خلاف بن خلاف أن حكومة بدوي لا حدث، واضاف في منشور عبر حسابه الرسمي في الفايسبوك امس: ننتظر حكومة الهبة الشعبية المشكلة من الكفاءات الوطنية والتي تشرف على الإصلاحات الجوهرية قبل الانتخابات الرئاسية . أما النائب البرلماني عن الجالية سمير شعابنة، فقال أن الحكومة الجديدة أحدثت مفاجئة كبيرة لإقصائها الجالية بالخارج، وأضاف شعابنة أن الحكومة الجديدة لا حدث لأنها جاءت لمهمة معينة وفترة معينة، مشيرا إلى أنها لم تلبي مطالب الشعب والحراك الأخير، لأن المواطنين طالبوا بوجوه جديدة لديها خبرة، خاصة وأن الوزير المعين يجب أن يكون ذو مستوى وخبرة كبيرة سبقتها ترقيات عديدة، وليس وجوها غير معروفة. هذه هي خصوصيات الحكومة الجديدة وبالعودة إلى خصوصيات الحكومة الجديدة، يجدر التذكير بأنها جاءت لتصريف الاعمال لمدة معينة إلى غاية تنظيم الانتخابات الرئاسية، كما جاء في الطاقم الحكومي الجديد إضافة مهمة ناطق رسمي للحكومة إلى حقيبة الاتصال التي تولاها حسان رابحي. وستكون لمهمة وزير الاتصال مخاطبة الشعب في هذه الظروف الحساسة بشأن عمل الحكومة، والإجابة عن مختلف الأسئلة والقضايا التي يطرحها الشعب، وهي المهمة الصعبة نظرا إلى كون الشعب مصر على التغيير الجذري وعدم اعترافه بالحكومة القائمة. ومعروف أنه ومنذ سنة 2008 حين كان رشيد بوكرزازة ناطقا باسم الحكومة، لم يتم العهد بهذه المهمة إلى أي وزير سابق. بالمقابل، طرح تعيين الحكومة الجديدة بحسب قانونيين مشكلة قانونية وسياسية بحكم أنه في إحالة تنحية رئيس الجهورية سواء بالاستقالة أو العزل وفق المادة 102 من الدستور، سيجعل من يخلفه (رئيس مجلس الأمة) مجبرا على التعامل مع الطاقم الجديد، لأن المادة 104 من الدستور تمنع تغيير الحكومة في الفترة الانتقالية.