تعددت حيل المتسولين وبلغت مداها، بمجرد أن أصبحت وسيلة لجمع أكبر قدر من الغنائم ودخلت نطاق الحرف، إذ في الآونة الأخيرة وبعد الأموال الطائلة التي حققها التسول على ممتهنيه الذين دخلوا الميدان بقوة، أسالت هذه المهنة لعاب الكثيرين من مختلف الأعمار لكلا الجنسين، وأصبح الشارع الجزائري ينام ويستفيق على جموع جديدة من المتسولين يوميا، هم على أتم التأهب والاستعداد للظفر بصدقات المحسنين الذين همهم الأول والأخير هو التقرب إلى الله ومساعدة الفئة المعوزة بالنظر إلى طبيعة أي مجتمع الذي يضم فئات متعددة، ومن طبقات مختلفة، والغريب في الأمر أن لكل متسول حيله الخاصة التي تتغير بين كل فترة وأخرى. طلب الصدقة وسط الصلاة داخل المساجد وقد لفت انتباه الكثيرين أخر ابتكارات بعض المتسولين، الذين أصبحوا يقصدون المساجد ويقيم بعضهم الصلاة رفقة جموع المصلين قصدا، وبمجرد إشراف المصلين على الفراغ من الصلاة، يبدأ هؤلاء المتسولون في طلب الصدقات من المصلين وكأنه أمر إجباري على المصلين. بعض الأئمة والمصلين أبدوا انزعاجا من الظاهرة الظاهرة التي انتشرت خلال الآونة الأخيرة ندد بها عديد الأئمة والمصلين، واعتبروها استغلالا بالدرجة الأولى خصوصا وأن الكثير من المعوزين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة، ويمتنعون عن مد يدهم تذللا للمارة، على الرغم من ضعف إمكانياتهم المادية وفقرهم، وهم على اقتناع بما أنعم عليهم الله، في حين يستغل الكثير مهنة التسول في جمع الأموال الطائلة، مستغلين في ذلك رأفة المحسنين ورقة قلوبهم. مكاتب البريد، الأسواق، الأماكن العمومية في المناسبات فقط وأجمع الكثير ممن وجهنا لهم بتساؤلاتنا، على أن الكثير من المتسولين يغتنمون فرصة الأعياد والمناسبات للتجمع أمام مقرات مراكز البريد، البلديات، الأسواق الشعبية، المساجد، محطات وسائل النقل، أين يكثر تواجد المواطنين لتتضاعف الأموال على خلفية أن المناسبات الدينية ينتعش فيها فعل الخير والتقرب إلى الله مما تستقطب هذه المواقع الإستراتيجية حشود مختلفة من المتسولين، فكل متسول يتفنن في طرقه الخاصة بجمع المال والكسب السريع ويستغل المتسولون عموما عطف المتبرعين وشفقتهم على من هم بأمس الحاجة إلى المساعدة حتى في بيوت الله التي خصصت للعبادة. مختاري مختار خطيب القصبة: «لماذا ترفض بعض المتسولات تقديم ملف للاستفادة من التبرعات؟» أفصح الشيخ مختاري مختار عبد الرحمن خطيب مسجد «عبد الله» بحي القصبة بالجزائر العاصمة، أن ظاهرة التسول في المساجد بمجرد انقضاء الصلوات، ظاهرة مأسوية انتشرت في الآونة الأخيرة، وأدت إلى بروز الفئة الاستغلالية على الرغم من أن التسول لا يجوز شرعا إلا في حالات الضرورة القصوى، فمثلا يقول الشيخ «أنا شخصيا اقترحت على أحد أئمة بلدية عين النعجة أن ينظموا لجنة حي تضم قائمة تتضمن العائلات المعوزة التي تحتاج إلى مساعدة ودعم على مستوى ذات الحي وليس لمتسولين غرباء»، مشيرا في ذلك إلى أن الكثير يستغل الفرصة لكسب الأموال واتخاذ مهنة التسول كحرفة، خصوصا الذين يتاجرون بالأطفال صغار السن ويجوبون ضواحي العاصمة، فهناك بعض النسوة من يتخذن من التسول مهنة تحقق لهم أرباحا وتعيل أزواجهم وحدثنا ذات الإمام عن تجربته الشخصية مع بعض المتسولات، فقد حدث وإن التقى ببعض المتسولات واقترح عليهن منحه ملفا يتضمن عدة وثائق هوية كشهادة الميلاد وشهادة الإقامة ووثائق أخرى، تعد بسيطة تتم من خلال هذه الملفات توزيع المساعدات والتبرعات على المعوزين، غير أن الكثير من المتجلببات والواضعات للستار رفضن تقديم هذه الملفات أو بالأحرى هويتهن، ولم يعد يرى إحداهن بعد ذاك التاريخ، ومن خلال الجريدة وجه ذات الخطيب دعوة إلى المصلين والأئمة للتحسيس بخطورة الظاهرة.