يمضي الجيش السوري على طريق حسم المعارك لصالحه في شمال البلاد، بعد تقدم جديد وصف ب الاستراتيجي في ريف حلب الجنوبي، في ظل تصاعد التوتر في محافظة إدلب بعد تعزيزات عسكرية تركية في المنطقة، الامر الذي ساهم في تفاقم الاوضاع الانسانية لملايين المدنيين المتضررين في شمال غرب البلاد. وكانت وحدات الجيش السوري، قد اعلنت عن استرجاع السيطرة على بلدة العيس الاستراتيجية من الجماعات الارهابية، وبذلك تكون أهم النقاط المؤدية للسيطرة الكاملة على الطريق الدولي إف خمسة ، الرابط دمشق بحلب بيد القوات الحكومية، فيما لم يتبق سوى عدة مواقع على بعد خمسة عشر كيلو مترا عن الطريق تحت سيطرة المسلحين. وبحسب الإعلام السوري، حوصرت تل العيس من خلال التقاء وحدات الجيش السوري من ريف حلب مع وحدات الجيش القادمة من ريف إدلب الجنوبي. وبهذا تكون قوات الجيش السوري، وفي تقدم سريع خلال أيام قليلة، استعادت أكثر من 42 منطقة في ريفي حلب الجنوبي والغربي، في تقدم هو الأول من نوعه مقارنة بسنوات الحرب الماضية، التي كانت خلالها هذه المناطق تابعة لسيطرة المسلحين. جاء هذا التقدم للجيش السوري، في وقت عززت فيه القوات التركية تواجدها في شمال سوريا، الامر الذي يهدد بحدوث المزيد من المواجهات في المنطقة لا سيما بعد ان تمكن الجيش السوري خلال عملياته العسكرية في المنطقة من محاصرة 8 نقاط مراقبة تركية من أصل 12, وباتت ضمن نطاق سيطرته. ودفع هذا الامر بأنقرة لأن تهدد بشن عملية عسكرية إذا لم تتم تسوية الوضع في محافظة إدلب على الفور , حيث دعا الرئيس التركي, رجب طيب اردوغان, الجيش السوري إلى الانسحاب إلى خلف نقاط المراقبة التركية في إدلب وأمهله حتى نهاية فيفري الجاري, بعد ان عجزت بالرغم من نقاط مراقبتها من تغيير نتائج المعادلة العسكرية على الأرض. إحتدام التوتر بين أنقرةودمشق جددت دمشق رفضها القاطع لأي تواجد تركي على الأراضي السورية، بعدما عززت أنقرة في الآونة الأخيرة وجودها العسكري في شمال سوريا, داعية المجتمع الدولي إلى لجم السلوك العدواني التركي . واعتبرت على لسان وزارة الخارجية أن أي تواجد تركي يشكل انتهاكا سافرا للقانون الدولي واعتداء صارخا على السيادة السورية, ويتناقض مع بيانات آستانا وتفاهمات سوتشي بخصوص منطقة خفض التصعيد في إدلب . وأهابت دمشق بالمجتمع الدولي اتخاذ المواقف الواجبة للجم السلوك العدواني التركي ودعمه اللامحدود للإرهاب في سوريا , مؤكدة أن الاعتداءات التركية لن تنجح في إعادة إحياء التنظيمات الإرهابية , مؤكدة على أن قوات الجيش السوري ستستمر في مطاردة فلول هذه التنظيمات حتى القضاء عليها بشكل كامل واستعادة السيطرة على الأراضي السورية كافة . وعززت تركيا في الآونة الأخيرة وجودها العسكري في شمال سوريا خاصة في إدلب عبر إقامة نقاط عسكرية جديدة وإرسال أرتال تضم مئات الآليات والاف الجنود إلى المحافظة الواقعة في شمال غرب سوريا. وبهدف تهدئة الاوضاع , تواصل روسيا مفاوضاتها مع الجانب التركي للوصول الى ارضية تفاهم لتفادي المزيد من التوتر في المنطقة لا سيما بعد وقوع إطلاق النار المتبادل مرتين خلال الشهر الجاري أسفر عن سقوط قتلى من الجانبين. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين, قد بحث في اتصال هاتفي معه نظيره التركي التوتر في منطقة خفض التصعيد بمحافظة /إدلب/ , وتوصل الجانبين الى التأكيد على أهمية تنفيذ إتفاق /سوتشي/ الموقع بتاريخ 17 سبتمبر 2018, ومواصلة المؤسسات المعنية اتصالاتها بهدف تحقيق الأهداف المشتركة التي تم التوصل إليها في الاتفاقات المبرمة بين الجانبين. تجدر الاشارة إلى أن تركياوروسيا وإيران أعلنت في مايو 2017, التوصل إلى اتفاق منطقة خفض التصعيد في إدلب, في إطار اجتماعات /أستانا/ المتعلقة بالشأن السوري. وضع إنساني مقلق يستوجب إلتزام كل الأطراف بالرغم من كل الاتفاقيات التي تم إبرامها بين مختلف الاطراف الفاعلة في الازمة السورية لتثبيت وقف إطلاق النار في إدلب، غير ان التصعيد المتواصل في المنطقة تسبب في مقتل أكثر من 1800 مدني منذ 17 سبتمبر 2018، فيما بلغ عدد النازحين بالقرب من الحدود السورية التركية أكثر من مليون و677 ألف نازح وفقا لارقام الاممالمتحدة. وهي الأوضاع التي لازالت تثير قلقا امميا, حسب ما اكده ستيفان دوجاريك, المتحدث باسم الأمين العام أنطونيو غوتيريس, الذي قال إن المنظمة العالمية لا تزال تشعر بقلق بالغ إزاء سلامة أكثر من 4 ملايين مدني في شمال غرب سوريا, أكثر من نصفهم من النازحين داخليا, بعد تقارير عن استمرار الغارات الجوية والقصف خلال عطلة نهاية الأسبوع. وأبرز المتحدث الاممي أن مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان يفيد بمقتل أكثر من 1500 مدني في شمال غرب سوريا منذ أفريل, عندما بدأت التصعيدات العسكرية الحالية بما في ذلك أكثر من 430 طفلا و290 إمرأة. وأضاف أنه منذ أول ديسمبر, نزح ما يقدر بنحو 389 ألف شخص بزيادة تقدر ب30 ألفا عن الأسبوع الماضي, مشيرا الى أن الغالبية العظمى منهم أي 80 بالمائة, من النساء والأطفال. ويفاقم النزوح الوضع الانساني المتردي أصلا في المنطقة حيث نزح حسب دوجاريك, أكثر من 400 ألف شخص بين نهاية أفريل ونهاية أوت الكثير منهم عدة مرات. وقال المتحدث: ما زلنا ندعو إلى وقف الأعمال العدائية ونحث جميع الأطراف وهؤلاء الذين لديهم تأثير على الأطراف, حيث يتماشى ذلك مع التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي .