يعتبر "الايدز" أو فقدان المناعة المكتسبة من بين الفيروسات الوبائية الخطيرة التي تصيب الجهاز المناعي للإنسان، وينتقل الداء بطرق مختلفة ليترك لدى المصابين أعراضا خطيرة عبر الدم أو الاتصالات الجنسية غير المحمية، إضافة إلى إصابة الرضع عن طريق حليب الام الملوث بهذا الفيروس، وقد أصبحت الجزائر من بين الدول الإفريقية المهددة بهذا المرض الوبائي، ما حتم على القائمين من جمعيات ومنظمات صحية الوقوف بحزم لمكافحة الداء، حسبما اكده عثمان بوروبة، رئيس جمعية «إيدز الجزائر» في حواره مع «السياسي»، مشيرا إلى ضرورة تكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية للحد من التزايد المذهل للإصابات، على هامش اليوم العالمي للسيدا الموافق للفاتح ديسمبر من كل عام. * في البداية، ما هو جديدكم في هذا اليوم؟ - في الحقيقة، منذ تأسيس جمعيتنا ونحن نحاول تركيز أنشطتنا على أكبر قدر من الأشخاص المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة "الإيدز"، ونعتبر الآن الكشف الإستراتيجية التي نعمل عليها في هذاالموسم، خصوصا وأن الحالات التي تأتينا تكون معظمها في مراحل متأخرة أو انتقلت العدوى عبرها لأشخاص آخرين وهنا، تكون نسب العلاج صعبة، إن لم نقل مستحيلة، فالتشخيص هو الشيء الذي نركّز عليه هذه السنة، عكس الأعوام الفارطة حيث كان إهتمامنا مقتصرا على الإعلام والتوجيه. * هلاّ وضعتنا في الصورة من خلال وصفك لواقع مرض فقدان المناعة المكتسبة بالجزائر؟ - لعلمكم، فإن انتشار مرض الإيدز في الجزائر كان متأخرا عكس بعض الدول التي كانت سباقة في احتضانه، ويرجع ذلك لعدة أسباب دينية واجتماعية وعوامل ثقافيه أخرى وتبلغ آخر إحصائيات مصابي الإيدز في الجزائر في 30 ستمبر الفارط حوالي 8046 حالة، وفي الحقيقة، هذا الرقم لا يعبّر عن خطر كبير ولكن هناك المزيد من الاصابات التي لم يكشف ويصرح عنها بعد، وكما قلت سابقا، فإن قلة وعي المصاب بضرورة الكشف والتشخيص المبكّر عن المرض تبقى السبب في عدم الكشف عن الحالات الجديدة، وهذا وما نسعى إليه في هذا الموسم، إن شاء الله. * ما هي الصعوبات التي تواجه مرضى الإيدز؟ - حقيقة، هناك عدة مشاكل خطيرة يجب الوقاية والتحسيس بها، لتجنّب حدوث كوارث لا يحمد عقباها، خاصة وان الايدز مرض وبائي بالدرجة الاولى ولكن تكمن المشاكل المترتبة عن هذا الداء في أزمات نفسية حادة عند المصابين بسبب النظرة الدونية لأغلب فئات المجتمع نحو هذه الفئة، والتي تتمثل في نظرة إقصاء، وبالتالي، يكون رد فعل المصابين سلبي لحد كبير، ويكون في شكل اضطرابات في الشخصية والانعزال عن المجتمع ما يزيد الأمور تعقيدا بالنسبة للمريض او القائمين على مكافحته من جمعيات ومنظمات صحية. * ما هي النشاطات المخصصة لهذا اليوم مقارنة بسابقيه؟ - نحن نسعى دائما لمضاعفة الجهود ونسخر كل ما لدينا من إمكانيات لمكافحة هذا الداء بالتنسيق مع مختلف جمعيات مكافحة مرض السيدا في الجزائر، لأنها قضية الجميع ولابد من وعي الكل بالمهام الموكلة اليه، وبخصوص الموسم الحالي، قمنا بحملة وطنية على مستوى ولاية غرداية والعاصمة، كما شرعنا في إعداد دورات تكوينية للأعضاء والمساهمين معنا في كل من ڤالمة وبلعباس، وفي بعض المدارس والجامعات على مستوى العاصمة، ونحن الآن بصدد القيام بحملات تحسيسية ابتداء من7 إلى 12 ديسمبر الجاري، بحيث يكون هناك عمل جواري بالشراكة مع مراكز ودور الشباب خاصة في الاقامات الجامعية، ونحاول مع المتكونين تنسيق الجهود لتوسيع دائرة المجال التحسيسي للجمعية وهذه ضمن الاستراتيجية التي نسعى من اجل تحقيقها. * يشتكي المصابون من قلة الأدوية إلى ما ترجعون ذلك؟ - سؤال وجيه، أقول أن النسب والحالات المتزايدة للمرض في بلادنا تبقى أرقامها خفية ما يصعب مهام الدولة والجمعيات الصحية، وفي الحقيقة، فإن وزارة الصحة كثّفت جهودها في توفير الدواء بالمجان لهذه الفئة، ولكن تبقى المشكلة الحقيقية في توزيعه بالشكل الذي يسمح لكافة المرضى بالحصول عليه من كافة المراكز الموزعة عبر معظم ولايات الوطن، وما نسعى اليه الآن هو الإحصاء الدقيق لكافة المرضى لكي نتمكّن من التنسيق مع المراكز المتخصصة من توزيعه بالشكل المطلوب، وهذه من التحديات الحالية التي تواجهنا. * هل من آفاق تتطلعون إليها مستقبلا؟ - همنا الوحيد الآن الاستمرارية في توسيع نشاطاتنا، لأننا نواجه أكبر خطر يواجه مجتمعنا ولا بد من تسطير برنامج طويل لمكافحة الداء بالشكل المطلوب، ونسعى ايضا الى تحقيق اكبر قدر من المصادر لتمويل نشراتنا التحسيسية والتوعوية، لمواجهتنا عدة مشاكل مادية متعلقة بسير وتنفيذ البرامج، وعلى الرغم من ذلك، نحن نسير بخطى ثابتة من اجل تمرير رسالتنا السامية لحماية مجتمعنا وشبابنا من أخطار هذا المرض الفتّاك، ومن هذا المنبر، ندعو جميع وسائل الإعلام المختلفة للتنسيق معنا في حملاتنا التحسيسية لتوصيلها الى معظم فئات المجتمع. * كلمة أخيرة؟ - أتوجه من هذا المنبر إلى جميع العاملين في جمعيات مكافحة الإيدز ومنظمات صحية أن يكثّفوا الجهود ونعمل يدا واحدة من اجل مكافحة هذا الداء ووقاية المجتمع من إصابات إيدز جديدة، وأدعوكم كوسائل إعلام لمساعدتنا في حملاتنا التحسيسية لتوعية المواطنين ككل بضرورة الكشف المبكّر في حال ظهور أولى الأعراض، وهذا لا يتم إلا بتضافر جهود الجميع لتجاوز العقبات والتحديات للوصول إلى أهدافنا.