مختصون: داء السكري وارتفاع ضغط الدم من إحدى أخطارها إن انتشار ثقافة الساندويتش في المجتمع الجزائري أدت، بشكل واسع، إلى انتعاش محلات بيع الأكلات السريعة خاصة مع عودة التلاميذ الى مقاعد الدراسة، وهو ما لاحظناه خلال جولتنا الاستطلاعية في شوارع العاصمة. وقد يعود هذا لجهل الكثير من المواطنين بالأخطار الصحية الناجمة عنها، وفي خضم هذا الواقع، ارتأت السياسي التقرب من بعض المواطنين والمختصين لمعرفة حقيقة الأكلات السريعة التي بات اليوم تهدّد صحة المواطنين بصفة عامة والأطفال بصفة خاصة. إقبال كبير على الأكلات السريعة.. رغم العلم بأخطارها ووسط الإقبال الكبير على الأكلات السريعة، قامت السياسي بجولة استطلاعية لبعض المحلات لمعرفة مدى إقبال المواطن الجزائري على مثل هذه الأكلات، لتقول في هذا الصدد، عاملة، أعربت عن مدى اعتمادها على هذه الأطعمة بالخصوص أمام عدم تسني الوقت لها لتحضير الغداء لغياب الوقت الكافي، بالإضافة الى بعد مقر العمل عن سكناها، وفي ذات السياق، قالت بُعدي عن مقر سكناي جعلني أعتمد بكثرة على هذه الأكلات السريعة، وعلى غرار هذا، فبحكم طبيعة عملي، فحتى أطفالي يعتمدون على هذه الأكلات في فترة الغداء . ومن جهة أخرى، أعرب سليم، طالب جامعي، عن مدى تناوله لهذه الأكلات قائلا: إن عدم رغبتي في أكل الإقامة الجامعية دفع بي الى الاعتماد على هذه الأكلات، فليس لي البديل، فالأكلات السريعة هي الحل بالنسبة لي ، وعن الأخطار الناتجة عن هذه الأخيرة، يقول محمد: إن المعروف عن أخطار هذه الأكلات هو التسمم الغذائي لعدم توفر شروط النظافة في بعض المحلات . ومن جهتها، تقول كريمة: إن زيادة الإقبال على هذه الأكلات قد يتسبّب في العديد من الأمراض خاصة السمنة التي قد يكون لها أعراض مرضية أخرى على صحة الإنسان، لذا شخصيا أتفادى قدر الإمكان هذه الأكلات ، وفي ذات السياق، يقول مراد من العاصمة إن زيادة الإقبال على الأكلات السريعة يسبّب زيادة في الوزن وهو الامر الذي أعانيه اليوم مع ابني البالغ من العمر 14 سنة والذي يتجاوز وزنه ال50 كلغ وهو ما يتسبّب له في أمراض أخرى . وإذا كان هذا النوع من الغذاء مقترنا في السابق بالدول المتقدمة، فقد فرض نفسه على المجتمع الجزائري وانتشر بأسلوب سريع وغير منتظم في كل المدن الجزائرية حاملا أسماء مختلفة بين الهامبرغر و السندويتش و البيتزا و الشوارمة ، ويلجأ إلى هذا النشاط كل من ساعدته الظروف كونه لا يكلف الكثير ولا يتطلب إمكانيات ضخمة من جهة ولأنه مربح لكثرة الإقبال عليه من طرف المستهلكين من كل الأعمار من جهة أخرى، وهو ما أعرب عنه العديد من الباعة، ليقول في هذا الصدد، محمد، بائع بمحل ل الفاست فود بالشراڤة إن بيع الأكلات السريعة تجارة مربحة تنتعش مع بداية الدخول المدرسي وهذا لزيادة إقبال المتمدرسين عليها، خاصة الذين لا تسمح لهم الظروف للعودة الى المنزل . أولياء: غياب المطاعم المدرسية ساهم في زيادة الإقبال عليها وقد ساهم غياب المطاعم في الكثير من المؤسسات التربوية في زيادة الإقبال على هذه المحلات التي أصبحت اليوم تهدّد صحة التلاميذ وهو ما أجمع عليه العديد من أولياء الأمور، ليقول في هذا الصدد، طارق، أب لطفلين: إن تواجد أبنائي بمدرسة تبعد عن البيت وغياب مطاعم المدرسة ساهم في زيادة الإقبال على الأكلات السريعة وهو ما أصبح اليوم يهدّد صحة أبنائنا ، وفي ذات السياق، تقول جميلة إن الأكلات السريعة هي الحل في ظل غياب المطعم المدرسي وعدم عودة ابني الى المنزل بحكم غيابي بسبب ظروف العمل، إلا ان هذا أصبح يشكّل خطرا على صحته خاصة وانه اليوم يعاني من زيادة في الوزن ، ومن جهة أخرى، يقول جمال إن انتشار هذه المحلات بالقرب من المؤسسات التربوية ساهم في زيادة إقبال الأطفال عليها وهو ما أصبح اليوم يشكّل خطورة كبيرة على صحة أبنائنا . مختصون: الأكلات السريعة أدت إلى انتشار الأمراض المزمنة أجمع أطباء في مختلف الاختصاصات الطبية، أن انتشار ثقافة الساندويتش في المجتمع الجزائري أدت، بشكل واسع، إلى انتشار الإصابة بالأمراض المزمنة. وحذّر رئيس مصلحة أمراض القلب والشرايين بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية نفيسة حمود ، بارني سابقا، جمال الدين نيبوش، من تغيير النمط المعيشي للمجتمع الجزائري وظهور ثقافة غذائية دخيلة كالمأكولات الخفيفة التي ساهمت، بشكل واسع، في انتشار الإصابة بالأمراض المزمنة. وتأسف المختص لتخلى المجتمع عن النمط الغذائي التقليدي السليم، مؤكدا بأن الجزائريين يدفعون اليوم ثمن تحسين المستوى المعيشي وإقبالهم المفرط على استهلاك السكريات واللحوم والدهون والمشروبات الغازية بنفس الوتيرة أو أكثر من الدول المتقدمة. وقد أصبح استهلاك الدهون، حسب المختص،آفة اجتماعية نتيجة الإنتشار الواسع لمطاعم المأكولات السريعة بشتى أنواعها التي تزداد من يوم لآخر، داقا ناقوس الخطر حول الاستهلاك المفرط ل الشوارمة والشواء بدهونها المحترقة فوق الجمر متسبّبة في مشاكل صحية للقلب والإصابة بالسرطان. وناشد نيبوش السلطات العمومية لوضع حد لانتشار محلات الشواء وأكشاك التبغ والسكريات بمحاذاة المؤسسات التربوية، مما أدى إلى الإنتشار المخيف لداء السكري وأمراض القلب والسمنة وارتفاع ضغط الدم الشرياني. أما الدكتور جواد فصلة، مختص في داء السكري والغدد ممارس بالقطاع الخاص بولاية وهران، فقد شدّد من جانبه على ضرورة تكوين مختصين في التغذية مما يساهم في ضمان متابعة جيّدة للمرضى وتحسيس المواطنين حول خطر التغذية غير السليمة، مؤكدا بأنه في الوقت الحالي يتم التركيز على العلاج بالأدوية وإهمال المتابعة الغذائية لغياب هذا الإختصاص. وتعتبر ثقافة الساندويتش وما شبه من أسماء الثقافات الخارقة للحدود متحدية العادات والتقاليد شجّعها الإشهار المغرض وما تقدمه الفضائيات من إغراءات في هذا النوع من الأكل الغني بالدهنيات والسكريات وقلة البروتينات مفتقرة لأدنى شروط النظافة، حيث توصف في غالب الأحيان ب القنبلة الموقوتة ، التي تهدّد الصحة لاسيما لدى الأطفال. وأكدت رئيسة الجمعية الجزائرية، زكية عربوش، التي تشغل كذلك منصب رئيسة مصلحة بالمستشفى الجامعي لتيزي وزو، إستنادا إلى تحقيقات وطنية، أن ثلث السكان بالجزائر يعانون من السمنة وربعهم من ارتفاع ضغط الدم الشرياني، حاثة على تعزيز الوقاية حول التخفيض من استهلاك نسبة السكر والملح بالمجتمع والمأكولات الخفيفة الغنية بالدهون والسكريات مع دعم التربية الصحية بالمنظومة التربوية لحماية الأجيال القادمة من خطر الأمراض المزمنة وتعقيداتها. 20 بالمائة من المتمدرسين يعانون من السمنة أثبتت دراسة أجرتها المؤسسة العمومية للصحة الجوارية لبوزريعة في السنوات الأخيرة، أن نسبة 20 بالمائة من المتمدرسين البالغين بين 12 و17 سنة مصابين بالوزن المفرط بما فيه السمنة. وأشارت الدراسة إلى أنه رغم تناول غالبية الأطفال غذاء متنوعا بالمنزل، إلا أن نسبة 66 بالمائة منهم يفرطون في تناول السكريات و63 بالمائة في المرطبات والمشروبات الغازية يوميا ونسبة 78 بالمائة من عينة التحقيق يتناولون الأكلات المقلية ثلاث مرات في الأسبوع على الأقل. كما أكدت، استنادا إلى التجربة في الميدان، أن الأشخاص الذين عانوا من الوزن المفرط خلال طفولتهم يرافقهم هذا المرض خلال مراحل حياتهم بنسبة تتراوح بين 20 إلى 70 بالمائة. وقد دق المختصون في التغذية وطب الأطفال والقلب ناقوس الخطر حول انتشار ارتفاع الوزن بالجزائر لاسيما لدى الأطفال بسبب الإقبال الكبير على المأكولات السريعة ولاسيما المحاذية بالمؤسسات التربوية والجامعات. وأصبحت السمنة المفرطة تشكّل عبئا على الصحة العمومية، حسب الأطباء، لتأكيد ارتباطها بأمراض خطيرة في مقدمتها داء السكري وما ينجم عنه من مضاعفات، ناهيك عن أمراض القلب والشرايين والسرطان وكلها أمراض أصبحت تنتشر لدى فئات شابة، رغم أنها من المفروض أن ترتبط بعامل السن وتصيب المسنين. حماية المستهلك تحسّس الأطفال بأهمية التغذية السليمة وفي خضم هذه الأخطار الصحية التي باتت تترصد المواطنين، خاصة الأطفال منهم، جراء زيادة الإقبال على الأكلات السريعة، تنظّم جمعية المستهلك لولاية تيسمسيلت جولات تحسيسية حول التغذية السليمة موجّهة لفائدة تلاميذ المؤسسات التربوية تحت شعار المستهلك الصغير حسب رئيس الجمعية. وأوضح محمد ميموني، أن هذه الجولات، التي تم إطلاقها بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للأمن الغذائي المصادف ل16 أكتوبر من كل سنة، تتضمن تقديم مجموعة من الدروس التوعوية لفائدة التلاميذ يتم من خلالها تقديم إرشادات ونصائح حول التغذية السليمة والاستهلاك الصحيح لمختلف المواد الغذائية، لتجنّب الأخطار الصحية الناتجة عنها.