لوحات فنية كوريغرافية متنوعة في ديكور متنقل يروي قصة كفاح شعب، هي من بين ما احتوته فصول العرض الفني ملحمة الجزائر التي عرضت مساء أول أمس الجمعة بالمركب الرياضي محمد بوضياف بالعاصمة احتفاء بالذكرى الستين لاندلاع ثورة التحرير. وعكست مختلف اللوحات الكوريغرافية في هذا العرض مراحل عديدة من تاريخ الجزائر بدء من العصر الحجري الذي دل على وجود الإنسان عبر الجداريات الصخرية للطاسيلي مرورا بالعهد النوميدي والاحتلال الروماني ثم الوندال وصولا إلى الفتوحات الإسلامية لتأتي بعدها أحداث أخرى أرّخت بظلالها لصفحات تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر. وجسد فنانون بين ممثل وراقص كوريغرافي كل حسب دوره على خشبة المسرح في هذا العرض الملحمي -الذي استغرق ساعتين من الزمن- شخصيات تاريخية تركت بصماتها على سجل الذاكرة الجماعية في تسلسل زمني نسج خيوطه الراوي (محمد عجايمي) ولمياء بطوش، خريجة مدرسة ألحان وشباب، في دور الجزائر. فمن الملك النوميدى ماسينيسا ويوغرطة وتاكفاريناس، الى القديس أوغسطين ثم الكاهنة وطارق ابن زياد الى الأمير عبد القادر وزعماء المقاومة الشعبية إلى العربي بن مهيدي وغيرهم من الأسماء التي تبقى محفورة في الذاكرة. ووظف المخرج المسرحي عمر فطموش في الملحمة-التي تكفل بسينوغرافيتها بوخاري حبال وبالكوريغرافيا رياض بروال- تقنية الركح المفتوح دون الاستعانة بديكور ضخم ليترك حرية أكبر للممثلين والراقصين الكوريغرافيين الذين تجاوز عددهم 300، كما وظف الكثيرمن الإيحاءات في أحداث بارزة كأحداث 5 أكتوبر 1988. وأوضح عمر فطموش للصحافة أن اختيار تقنية الركح المفتوح جاءت لمنح حرية أوسع للتعبير الجسدي والإيماءات بالاستعانة بعناصر توظيفية كالإضاءة والرقص والمقطوعات الموسيقية لخلق جو جمالي . وتم تخصص خلال هذه الأمسية وقفة تكريمية لفنانين رحلوا عن الساحة الفنية كانوا قد ساهموا في هذا العمل المسرحي من أمثال عمر البرناوي والملحنان محمد بوليفة ومعطي البشير. ونال عرض ملحمة الجزائر - الذي أنتجه الديوان الوطني للثقافة والإعلام ووزارة المجاهدين- إعجاب الجمهور الذي انبهر بأداء الممثلين على الركح حسب البعض إلا أن البعض الآخر لفت انتباهه الشح في المشاهد التي احتوتها اللوحات الكوريغرافية في ثورة نوفمبر المجسدة على خشبة المسرح . وحضر في هذا العرض الملحمي، شخصيات رسمية منهم وزراء يتقدمهم الوزير الأول عبد المالك سلال ووزير المجاهدين الطيب زيتوني ووزيرة الثقافة نادية لعبيدي بالإضافة إلى أعضاء البرلمان بغرفتيه وكذا العائلة الثورية وإطارات سامية في الدولة وأعضاء من ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمدين بالجزائر، الذين وقفوا بعد انتهاء العرض وقفة لرفع ولتحية العلم الوطني. يذكر أن ملحمة الجزائر قد عرضت في 1994 وكتب نصها الشاعر الراحل عمرالبرناوي وشعراء آخرون من أمثال سليمان جوادي وعزالدين ميهوبي كما تم الاستعانة بمقطوعات شعرية لمفدي زكريا والشيخ عبد الحميد بن باديس والأمير عبد القادر.