يراهن العديد من الشباب بحياتهم حتى يتمكّنوا من الوصول إلى الضفة الأخرى أو أرض الأحلام، كما تلقب، من أجل تحقيق آمالهم والعيش الكريم، وهو الأمر الذي دفع وليد. س ، المدعو أمين المنحدر من قرية لعزيب ببجاية لمغادرة الوطن وتحقيق الأفضل لعائلته بعد ان تدهورت أحوالهم الاجتماعية، خاصة بعد وفاة والده وهو في عمر الزهور، ليشاء الله أن يرحل وليد الى إيطاليا بفيزا تجارية قصد مزاولة دراسته هناك وعمره آنذاك لا يتجاوز ال22 سنة متجاهلا بذلك كل ما قد يعترض طريقه في سبيل تحسين ظروفه الاجتماعية. ولمعرفة أكثر عن هذا، تقربت السياسي من وليد ليروي قصة حياته في المهجر، بعد أن حتمت عليه الظروف الاجتماعية القاسية مغادرة أرض الوطن أملا في تحسين أوضاعه. حالتي الاجتماعية دفعتني لتحدي الواقع وتوفير الأفضل لأسرتي بدأت أفكار الغربة تراود دو عمره لا يتجاوز ال22 سنة حيث كان همه الوحيد هو تغيير أوضاعه الاجتماعية فقط، وهو ما أعرب عنه وليد الذي سافر للدراسة في الخارج والذي بدأ كلامه وهو يسترجع الماضي وكأنه بالحاضر القريب: إصراري في النجاح جعلني أتحدى الواقع لتوفير الأفضل لأسرتي ، ليسترسل في كلامه قائلا: كانت بداية حياتي في إيطاليا بعد ان ذهبت بفيزا تجارية ومن ثمّة، بفيزا دراسية، وفي الفترة الأولى لي هناك عملت حتى كوّنت معارف، وأوصلوني إلى أشخاص لهم علاقات في الجامعة، ودخلت الجامعة، وهكذا بدأت حياتي الدراسية، لكن كان هناك العديد من المشكلات التي أثقلت علي حياتي، ورغم المعوقات، تعلمت وتعبت لأكتسب المزيد من الخبرات، هذه الخبرات دعمتني وزادت من تصميمي على العودة إلى بلدي لأفيد بها الشباب والوطن، ليصبح شعاري في الحياة: الذي ليس له خير في بلده.. ليس له خير في الخارج . وفاة والدتي زادت من معاناتي في المهجر رغم كل هذا، فإن وليد رحل مجبرا لا مخيرا بسبب الأوضاع الاجتماعية التي كانت تعيشها أسرته، ليقول في هذا الصدد: رغم رحلة الزمان التي نالت من عمري بسبب مواصلة دراستي في الخارج، ورغم نفاد ما أوتي من صبري لفراق أهلي وأقاربي، إلا أنني بقيت متفائلا بالخير فتحصلت على منصب عمل مكنني من ولوج عالم النسيان لأوفر لعائلتي أحلى ما في الكون خاصة وأنني عشت يتيم الأب، فتحديت واقعي وأحزاني وعزمت على تغيير حياتي، وعلى غرار هذا، فإن اصطدامي بمرض والدتي والذي اضطرني لأخذها للمعالجة في الخارج، أرغمني للعودة والعيش في ديار الغربة وبعد 3 سنوات من عودة والدتي من العلاج في الخارج بقيت أكابد مرارة وقساوة الوحدة في المهجر، إلا ان ما حز في نفسي هو وفاة والدتي وأنا في ديار الغربة فكان نبأ وفاة أمي الغالية التي سهرت الليالي وتعبت لأجلي لأصير رجلا بمثابة صاعقة، فاكتفيت بالبكاء بعد ان اتصلت بعائلتي فعانقتني أيام الحزن والآلام لشهور عدة بالخصوص أمام غياب الرفيق المؤنس لي في الغربة، فاليتم بعيدا عن الأهل والأقارب زادني عذابا ما جعلني أعيش حالة هيستيرية في ظل حياة مجهولة بين عادات وتقاليد لا تمد مجتمعنا بأي صلة وأمام هذه الأوضاع التي عشتها أتألم وحيدا، قررت ان أسعى لتسوية وضعيتي فكان زواجي هو الحل لذلك . زواجي أنقذني من مرارة العيش في الغربة بعد 6 أشهر من وفاة والدتي، تزوجت بإحدى الأجنبيات هناك فكانت حياتي كلها أمل في ان أسوي وضعيتي فبقيت أعمل بكل إصرار لضمان عيشي دون مشاكل، فشاء الله ان التقيت بإحدى السيدات، بولونية الأصل، سردت لها قصتي بأكملها فوفرت لي عملا ضمنت به حياتي في المهجر وبعد مدة من العمل معها، عرضت عليها الزواج فقبلت فكان ذلك اليوم منعرجا هاما في حياتي لأنها غيرت حياتي واستكملت نصف ديني الذي طالما كنت أحلم بتحقيقه في وطني، فرغم كل ذلك، بقيت في كل مرة أشعر أني غريب في هذا الوطن وهو الأمر الذي زادني عذابا، فعزمت ان أكون مخلصا لزوجتي ولا أفكر في شيء آخر. وبعد سنين طويلة من زواجي، تحصلت على بطاقة الإقامة التي كنت أحلم بها لأعود لأرض الوطن من أجل زيارة قبر والدتي التي لم أراها لآخر مرة . لا شيء أصعب من فراق الأهل والأقارب ولم تحل علي 10سنة من رحيلي لتقسو علي الأيام نتيجة غيابي عن الأهل والخلان بعيدا عن الدفء والحنان العاطفي الذي حول حياتي إلى تعاسة، فرغم تسوية أوضاعي بالمهجر، إلا أنني كنت أشعر بالضياع بين جدران الغربة لتبقى الآلام مغروسة في قلبي وسط قساوة الظروف الاجتماعية التي كانت تتكبدها والدتي لأزيد آلامها وأنا بعيد عن الأنظار لأتمسك بصبري وبرفيقة دربي التي وهبني إياها المولى، عزوجل، والتي أنقذتني من الضياع فكونت أسرة صغيرة، عملت المستحيل لإسعادها فكانت زوجتي وأبنائي نعمة رزقني بها الله، سبحانه وتعالى، ليعوضني ما فاتني من الحياة لكن بعدي عن أهلي أفقدني طعم الحياة لتزيد معاناتي كلما تذكرت صغري ويزداد إحساسي كمغترب بالوحدة والحنين إلى الأهل عند حلول الأعياد والمناسبات أين افتقد عائلتي وحنان وعطف أمي، رحمة الله عليها، في بلاد المهجر ، ليسترسل امين في كلامه قائلا: إن معاناتي وحزني يزيد كلما اقتربت الأعياد، حيث افتقد من يتقاسمني البهجة وفرحة المائدة التي تجمع العائلة الواحدة، إلا ان غربتي حرمتني من هذا ومشاكلي زادت من معاناتي ، بهذه الكلمات والعبارات المليئة بمشاعر الشوق والحب والحنان، اغرورقت عيون وليد بالدموع ليقول: لا يوجد شيء أصعب من الفراق الذي يجعلك تعيش وحيدا ويفقدك طعم الحياة . بعد أكثر من 10 سنوات حققت مبتغاي وعدت إلى حضن الوطن وبعد إصرار وتحد، عزمت ان أعمل المستحيل لأعود وأستنشق هواء وطني، فكانت سنة 2013 سنة إشراق شمس وطني في وجهي بعد ان غبت عن بلادي لمدة أزيد من 10 سنة وبعزمي وبإرادتي قمت بتسوية وضعيتي، فرجعت الى أرض الوطن وكان هذا اليوم يوم ميلاد جديد بعد تيتمي وأنا في ديار الغربة، فحنين الوطن عجل بعودتي . وأمام هذه العبارات القاسية والمؤلمة التي تلفظ بها أمين بعيون دامعة، يسترسل كلامه طالبا وداعيا من المولى، عزوجل، ان يفسح جنانه ويتغمد بنعمته روح أمه مواصلا كلامه قائلا: ما دريت يا لميمة تروحي وتخليني محروق.. نطلب تسامحني ، ليضيف وليد: سافرت لأعمل، واعتمدت على نفسي فابتكرت الحلول وتحملت الصعاب، لأن السفر هو طريق الخوض في مجالات الحياة، العمل هناك جعلني أستطيع شراء بيت لكن عندما تزوجت في ديار الغربة وصار عندي أطفال باتت المعيشة صعبة جداً، وراتبي لم يعد يؤمن لي حياة كريمة بسبب الغلاء، إلا ان عزيمتي وإصراري على النجاح جعلني أتحدى الواقع لتوفير الأفضل لهم، فحققت ذلك وعليه، تمكنت، من خلال نجاحاتي، تحقيق الأفضل لأسرتي .