عرف مسار المفاوضات بين الفرقاء الليبيين لحل الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا تطورات جديدة بعد تمسك مجلس النواب (برلمان طبرق) بوثيقة اتفاق السلم الموقع عليه بالأحرف الأولى في شهر جويلية الماضي ورفض التعديلات التي أدخلت عليه بطلب من المؤتمر الوطني العام. ويأتي هذا الاختلاف في وجهات النظر في الوقت الذي تتعالى فيه الدعوات بالعودة إلى طاولة الحوار وتغليب عامل الثقة بين الأطراف المتفاوضة بقيادة المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون. وأكد مجلس النواب الليبي - المعترف به دوليا- انسحابه من جلسات الحوار التي ترعاها الأممالمتحدة مشددا على تمسكه بالوثيقة الموقعة بالأحرف الأولى في 12 جويلية الماضي وهي الوثيقة التي رفض المؤتمر الوطني العام (برلمان طرابلس) التوقيع عليها سابقا مشترطا تعديلها. واعتبر مجلس النواب أن الوثيقة المعدلة من الاتفاق تختلف عما تم التفاهم عليه سابقا ، كما طالب من ليون الرد كتابيا على الرسالة التي وجهها له الأسبوع الماضي رئيسه، عقيلة صالح، بشأن التأكيد على شرعية المجلس (برلمان طبرق) وحقه في اختيار رئيس الحكومة الجديدة. ويأتي هذا الطلب بناء على معلومات تفيد بأن البعثة الدولية التي يقودها ليون، سلمت وفد المؤتمر مسوّدة جديدة للاتفاق تتضمن جميع التعديلات التي طلبها سابقا بما في ذلك حكم المحكمة العليا في ليبيا بحل مجلس النواب في طبرق. برلمان طبرق يدرس خارطة جديدة للمرحلة المستقبلية وجاء رفض مجلس النواب على مسودة الاتفاق النهائي التي قدمها ليون بعدما تضمنت تعديلات كان قد طالب بها المؤتمر الوطني العام وتتعلق بتشكيل الحكومة واختيار رئيسها وتركيبة مجلس الدولة وصلاحيات البرلمان وعمل الجيش. ففيما يتعلق بتركيبة مجلس الدولة تضمنت التعديلات إنشاء مجلس أعلى للدولة يضم 145 عضو منهم 135 عضو يعتبرهم برلمان طبرق موالين للمؤتمر الوطني العام في حين يختار رئيس المؤتمر الوطني العام (برلمان طرابلس) 11 عضوا المتبقين. كما يرفض مجلس النواب النقاش حول قيادات الجيش التي اعتبرها ليست موضوعا للمساومة . كما يصر مجلس النواب على اختيار رئيس حكومة التوافق الوطني ونائبه الأول من مرشحيه وانفراد المجلس باعتماد حكومة الوفاق ورفض مراجعة أو تعديل التشريعات أو القرارات الصادرة عن المجلس وما يترتب عنها من مناصب سياسية وقيادية. وبناء على هذه المعطيات، أعلن برلمان طبرق استمراره في مناقشة خارطة الطريق الخاصة به تحسبا لانتهاء ولايته القانونية فى العشرين من شهر أكتوبر المقبل من دون التوصل الى أي اتفاق سلام يقضى بتشكيل حكومة وفاق وطني. دعوات إلى العودة إلى طاولة الحوار من جانبه دعا ليون الأطراف الليبيبة إلى العودة إلى طاولة المفاوضات لمواصلة العمل، مشيرا إلى أنه لا برلمان طرابلس ولا برلمان طبرق إختتما النقاش ولكن نأمل أن يعودا إلى الحوار وأن تكون نتيجة النقاش إيجابية . وحول تداعيات هذا الانسحاب على مهمته كمبعوث أممي إلى ليبيا، أكد ليون أنه سيواصل مهمته كمبعوث أممي إلى ليبيا طالما استمر الحوار، لكنه قد يتوقف عن عمله إذا لم يستمر مسلسل المفاوضات، مشيرا إلى وجود مقترحا لتمديد عمله كمبعوث أممي إلى ليبيا، على اعتبار انتهاء ولايته في أوت الماضي. ونفى برناردنيو أن يكون الحوار الليبي قد وصل إلى الباب المسدود، موضحا أن الأخبار التي يتوفر عليها هي أن بعض أعضاء البرلمان هم الذين رفضوا المقترحات التي أدخلت على الاتفاق، وأن عددا كبيرا من أعضائه ليس لهم اعتراض ، معتبرا أنه لابد من التوصل إلى اتفاق من أجل الوصول إلى ثقة وأنه يجب على الأطراف المشاركة بالحوار أن تبني عنصر ثقة، لأنه بدون ذلك لا يمكن بناء مستقبل ليبيا . وبشأن حيثيات الحوار قال المسؤول الأممي إن هناك انعدام ثقة بين الأطراف مما يصعب التوصل إلى اتفاق ولكن يجب أن تتفهم الأطراف الليبية بعضها البعض معتبرا أن وجهات النظر غير متباعدة كثيرا ونحاول التقريب بينها مع التفكير في عدة بدائل ونأمل في الوصول إلى صيغة توافقية قريبا .