- كرست حياتي لكرة القدم كلاعب ومدرب لكنني اليوم أعاني من التهميش - السر وراء تألق فريقنا الوطني وتأهله لكأس العالم هو الجمهور الذي تنقل إلى السودان بعد أن مكنه الرئيس بوتفليقة من ذلك - مغني لاعب موهوب سنفتقده بجنوب إفريقيا لكن سعدان أحسن لما قرر عدم المغامرة به وهناك لاعبين قادرين على تعويضه" صالحي عبد الحميد رمز من رموز الكرة الجزائرية ومفخرة العرب وإفريقيا، ترك بصماته بميادين كرة القدم بفنياته العالية ودوّن اسمه من ذهب في سجل محافل الدولية بعد أن نال جائزة الروح الرياضية حيث لم يتلقَ طيلة مشوار 20 سنة من اللعب أي بطاقة إنذار ليكون بذلك أول لاعب جزائري وعربي يكرم على المستوى العالي. اقتربنا منه قبيل أيام قليلة من المونديال لطرح العديد من الأسئلة خاصة عن المنتخب الوطني وكان لنا معه هذا الحوار الشيق. * السياسي: كيف تفسر لمحبيك طول فترة غيابك عن الساحة الرياضية؟ - عبد الحميد صالحي: غيابي عن الساحة الرياضية له تفسير واحد وهو علي كسب قوتي وقوت عائلتي الصغيرة لذا اهتم كثيرا بأموري الشخصية بعد أن أعطيت شبابي لرياضة كرة القدم دون أن أنتظر منها المقابل، والحمد الله، مشواري شاهد على ما قدمت وأنا فخور بذلك. وكما يعلم الجميع، ابتعدت عن المحيط الرياضي منذ قرابة 13 سنة ودخلت عالم التجارة كتاجر مختص في بيع ملابس الرياضية ولم أستمر في هذا النشاط بعد أن طغت عليه أمور لا تمت أي صلة بتقاليد التجارة النزيهة ولا بتقاليد ديننا الحنيف وأخلاقنا وتوجهت إلى تجارة المأكولات الخفيفة بمدينة سطيف. * بعد أن كرّست حياتك في خدمة رياضة كرة القدم، هل تلقيت بالمقابل تكريمات من المعنيين أو السلطات الولائية؟ - بالعكس، تلقيت الإقصاء والتهميش سواء من الوزارة الوصية أو من السلطات الولائية لمدينة سطيف، والدليل على ذلك أني لم أتلقَ أي مساعدات وحتى المحل الذي كنت أمارس فيها النشاط التجاري كنت أدفع مصاريف الإيجار وأنا الذي ضحيت ب 30 سنة من حياتي من أجل ألوان فريق سطيف والفريق الوطني. * وهل أنت نادم على دخولك عالم الرياضة؟ - لا، لا، أبداً لم أندم يوما في حياتي على اختياري عالم رياضة كرة القدم لأن حلمي كان منذ الصغر أن أكون لاعب كرة قدم والحمد الله تحقق ذلك، وأكثر من ذلك الرياضة سمحت لي بالتواصل مع شخصيات كبيرة وربط علاقات صداقة مع وجوه عربية وإفريقية وعالمية وأنا فخور بذلك كما أنا فخور بأني مثلت ألوان وطني في المحافل العربية والإفريقية والدولية ولا أنتظر الشكر من أحد. * يبدو أنك متأثر، هل يمكن توضيح الأمور أكثر للقراء؟ - حملت ألوان فريق سطيف منذ موسم 1966 إلى غاية موسم 1977، قدمت من خلال هذه السنوات كل ما أملك والتاريخ شاهد على ذلك، واعتزلت اللعب مجبراً بعد صدور قانون الإصلاح الرياضي فاسحا المجال للاعبين الشباب، ولكن للأسف كنت الخاسر الوحيد ولو واصلت المشوار لبلغت أعلى المستويات العالمية * كيف كان دخولك عالم التدريب؟ ومتى كان ذلك؟ - رغم ما قدمته من تضحيات كلاعب للونين الأسود والأبيض وخروجي فارغ اليدين إلا أنني بقيت وفيا للوفاق وقد دخلت عالم التدريب مباشرة بعد اعتزالي الميدان كلاعب سنة 1977، حيث ضحيت بمنصب عملي كإداري سامي في البنك الوطني الجزائري من أجل تدريب فريق وفاق سطيف بعد أن رفضت إدارة البنك تجميد منصبي وهو ما حتم عليّ التضحية بمنصب مدير عام بالبنك واختيار مهنة التدريب. وقد أشرفت على فريق الأشبال الذي كان يضم آنذاك سرار، عصماني، بن جاب الله، عزالدين والقائمة طويلة، وقد وصلت بهذا الفريق إلى الدور النهائي من تصفيات كأس الجمهورية وانهزمنا في المباراة النهائية أمام شبيبة القبائل بالضربات الترجيحية. وبعدها بسنوات أسندت مهام التدريب إلى المدرب كرمالي الذي جلب معه صديقه حفصي عبد الحميد، وتم طردي من الفريق بطريقة تعسفية ووجدت نفسي بطالا، وأنا الذي ضحيت بمنصبي من أجل الوفاق، ولكن بفضل تدخل رجال وجدت عملا كرئيس مصلحة بمؤسسة البلاستيك والمطاط من 1981 إلى 1986، وبعدها انسحبت قليلا من ميادين كرة القدم إلى غاية 1996 حين كان فريق الوفاق يلعب في القسم الثاني ويتخبط في المراتب الأخيرة نزولا إلى المرتبة ما قبل الأخيرة وهو على وشك السقوط إلى القسم الجهوي وفي المقدمة مولودية قسنطينة بفارق 14 نقطة عن صاحب المرتبة الثانية في القسم الثاني، في هذه الفترة طلب مني والي ولاية سطيف السيد والي عبد القادر الإشراف على الفريق الأول لعلي أجنبه السقوط إلى القسم الجهوي، فلبيت الدعوة حبا للوفاق دون مقابل، وفعلا حملت المشعل وغامرت مع فريق يصارع من أجل البقاء، وبفضل العمل تمكنت من إعادة قاطرة الفريق إلى الواجهة وأضحى الفريق يحسب له ألف حساب، وعززنا مركزنا إلى المرتبة الثانية بجدارة وراء البطل مولودية قسنطينة مع تقليص الفارق إلى 3 نقاط قبل 5 جولات من نهاية البطولة، ولكن يحدث ما لم يكن في الحسبان قبل 5 جولات من نهاية البطولة في مباراة هامة ومهمة أمام فريق ثلجان، وفي الوقت الذي كنا فيه متفوقين ب 6 مقابل 2 والمباراة كانت على مشارفها والفوز الأكيد لفريقي، أسمع شتائم من الأنصار في حق والدي وهو ما لم أتقبله تماما وقد تعجبت لهذا التصرف حيث كان الأنصار يطالبون بإقحام اللاعب عجيسة، ولكن اختياري الخطة التكتيكية رفضت ذلك، هذا الأمر أجبرني على الانسحاب بصمت لأنني عرفت بأن أشخاص معروفين كانوا لا يرغبون أن يكون صالحي له شرف صعود الفريق إلى القسم الوطني الأول ومنها تقهقر الفريق إلى وسط الترتيب بعد انسحابي ولم يتمكن من الصعود في ذلك الموسم 1996، إضافة إلى تحسن النتائج كان الفريق متأهلا إلى الدور الربع النهائي من كأس الجمهورية وفور انسحابي كل الأهداف التي كنت أطمح إلى تسجيلها ضاعت وبقي الفريق موسما آخر ضمن حظيرة القسم الثاني، وبعدها بموسم واحد عاد مجدداً الفريق إلى حظيرة قسم الكبار. * نعود بك مرة أخرى إلى الجزائر، كيف كان شعورك والجزائر تتغلب على مصر بالسودان وتتأهل إلى كأس العالم بعد 24 سنة؟ - المقابلة كانت جد صعبة وخاصة الشوط الأول أين دخل الفريق الوطني متخوفا وهو ما جعله لا يشكل خطر على الخصم في الشوط الأول ومعتمداً على اللعب على الأجنحة، هذا العامل سهّل للخصم ربح نوع من الثقة وكان يحاول استغلالها في المرحلة الثانية، لكن في الشوط الثاني دخل فريقنا الوطني بخطة مغايرة تماما باغت بها الفريق المصري الذي هو الآخر أعدّ خطة لإحباط وإفشال خطة المدرب رابح سعدان ولكن عودة زياني إلى الوسط واللعب بحرية، جعلت الفريق المصري تتبعثر أوراقه والطاقم الفني يفقد أعصابه بفعل تأثير الجمهور الذي كان سند قوي للخضر. وصراحة، تفاجأت بالمستوى الذي ظهر به رفقاء بوڤرة في المرحلة الثانية، والسر وراء تألق الفريق وعودته بتأشيرة التأهل هو الجمهور الكبير الذي تنقل آلاف الكيلومترات لمساندة الفريق بعد أن منحه الرئيس بوتفليقة الضوء الأخضر وهو مشكور على ذلك. * لا شك أنك تعرف جيداً مدرب المنتخب الوطني رابح سعدان، هل تظن أنه قادر على الذهاب بعيداً بالفريق الوطني في كأس العالم؟ - بالطبع، فأنا وسعدان تجمعنا علاقة صداقة منذ مدة كبيرة جداً، أتذكر جيداً أننا التقينا أول مرة خلال تربص للفريق الوطني للأواسط ومنذ ذلك الحين ونحن أصدقاء. سعدان كشخص إنسان متخلق جداً، كنا لا نكاد نسمع صوته في التدريبات أو في المباريات، فهو إنسان حساس إلى أبعد درجة. أما عن جانبه كمدرب، فأنا أثق جداً في قدراته، وحسب رأيي فقد أدى ما عليه بتأهيل المنتخب إلى كأس العالم حتى وإن لن ينجح في تخطي عقبة الدور الثاني فلا ننسى أن مجموعتنا تضم منتخبات قوية كإنجلترا والولايات المتحدة، ففرصنا في تخطي هذه الفرق تكاد تنعدم. * كيف تلقيت نبأ غياب صانع الألعاب مراد مغني عن المونديال؟ - في الحقيقة ككل جزائري حزنت لغيابه لأنه يعتبر من العناصر الأساسية في التشكيلة الوطنية، خاصة للخبرة التي اكتسبها مع ناديه الإيطالي »لاتسيو روما«، كما أنه يعتبر من صانعي تأهل الفريق الوطني إلى المونديال، لكن علينا أن نتمعن جيداً، صحيح هو لاعب رائع والفريق سيفتقد لعنصر مثله غير أن الفريق ليس فقط مغني بل هناك عدة عناصر، كما أن الطاقم الطبي قد أحسن الخيار في إبعاده خصوصا وأن مشاركته في مواجهات المونديال ستقضي نهائيا على مشواره الكروي وبهذا تكون الجزائر قد افتقدت للاعب من طينة الكبار، وأعتبر أن هذا القرار صائب وذلك كان أحسن شيء بالنسبة لمراد. * بالحديث عن عدة لاعبين في المنتخب الوطني، من تراه الأجدر في تعويض مراد مغني؟ - تعويض لاعب على شاكلة مراد مغني أمر يصعب فعله، لكن للضرورة أحكام كما يوجد هناك في التشكيلة الوطنية البديل على غرار صانع ألعاب نادي سوشو رياض بودبوز، على الرغم من أنه لم يلعب بعد رفقة النخبة الوطنية إلا أن طريقة لعبه ستسمح له بتعويض مغني، وأؤكد لكم أن بودبوز لا يلعب مثل مغني لكنه سيعوضه ويعطي للفريق إضافة إن شاء الله. * ما هي الشروط اللازمة للاعبين الذين سيتم منحهم الثقة في مواجهات المونديال؟ - الشرط الأول هو الانضباط والتمسك في الأعصاب خاصة في الأوقات الحرجة والصعبة، فإذا عدنا قليلاً إلى الوراء وألقينا الضوء مرة أخرى على المباراة النصف نهائية في دورة كأس إفريقيا بأنغولا ضد الفريق المصري، نرى أن العديد من اللاعبين قاموا بتصرفات صبيانية بعد أن فقدوا أعصابهم بعد أن أخطأ كثيراً الحكم في حقهم، فمن غير المعقول من حارسنا أن يحاول نطح الحكم أو من لاعبنا المتألق بلحاج أن يتدخل بخشونة من الخلف على لاعب الفريق الخصم ويعرّض نفسه لعقوبة قاسية، فلابد من الانضباط والتحكم في الأعصاب. ففي كأس العلم الخطأ غير مقبول. * لنعرج على مباريات المونديال الثلاثة، ما هي حظوظ الخضر في المرور إلى الدور الثاني حسبكم ؟ - من جهتي أرى أن حظوظ الفريق الوطني شبه منعدمة في اجتياز عقبة الدور الأول، فلا تنسى أننا في مجموعة تضم كل من سلوفينيا والولايات المتحدةالأمريكية وأقوى المنتخبات المرشحة للتتويج باللقب وهو المنتخب الإنجليزي، فحسب رأيي فريقنا فتي. صحيح إننا نملك عناصر شابة ذات إمكانيات وفنيات جد حسنة، لكننا لا زلنا بعيدين عن المستوى العالمي وسنصل إليه مستقبلاً إذا كثفنا من الجهود والعمل. * الكلمة الأخيرة؟ - أشكر جريدتكم الموقرة على هذا الاهتمام، وبالمناسبة أوجه على صفحاتها تحية احترام وتقدير للشيخ سعدان ولاعبي الفريق الوطني وكذا الجمهور الرياضي الذي كان حقا جمهور رائع وساهم بشكل كبير في تحقيق الانتصار التاريخي على الفريق المصري والتأهل لكأس العالم