تؤكد عملية ترحيل 300 عائلة كانت تقطن الحي القصديري الأقواس الرومانية السفلية بقسنطينة، مرة أخرى، عزم السلطات العمومية على قلب صفحة السكن الهش نهائيا. وتوشك ورشة القضاء على الأحياء القصديرية التي تمّ إطلاقها منذ بضع سنوات بعاصمة الشرق الجزائري، برسم برنامج وطني واسع لامتصاص السكن الهش على إنهاء عملها، فلم تتبق سوى بعض المواقع التي تعول السلطات المحلية على إزالتها من خلال إطلاقها منذ مطلع هذه السنة 2017 آخر حصة من عمليات الترحيل، حسبما أكدته مصالح دائرة قسنطينة. فمن أصل ال83 موقعا هشا تم إحصاؤه بقسنطينة يضم ما مجموعه 18 ألف بيت قصديري -حسب الأرقام المقدمة في بداية سنوات التسعينيات- تم القضاء على حوالي 30 موقعا كانوا يعدون من أهم المواقع من حيث المساحة وعدد قاطنيها، والذين أعيد إسكانهم في شقق لائقة مزوّدة بجميع وسائل الراحة اللازمة من أجل حياة أفضل. إعادة إسكان 13 ألف عائلة منذ 2012 فمنذ نهاية 2012 إلى غاية اليوم، تمّ ترحيل ما يقارب 13 ألف عائلة كانت تقطن في ظروف هشة عبر عديد النقاط بمدينة قسنطينة، مما سمح أيضا بتجسيد أكبر قدر من برنامج امتصاص السكن الهش بهذه الولاية. وخلال نفس الفترة تم إخلاء أحد أكبر الأحياء القصديرية بقسنطينة وهو فج الريح الذي يعود إلى العهد الاستعماري، وتم ترحيل ال1300 عائلة التي كانت تقطن فيه إلى سكنات لائقة بمدينة علي منجلي. وفي سنة 2013 إرتاح حي القماص من مشكل البيوت القصديرية التي لطالما شوهت منظره وغادرت ال737 عائلة التي تم إحصاؤها وإلى الأبد حياة الهشاشة، كما اختفت البيوت القصديرية ال286 التي كانت متواجدة بحي الإخوة عباس واد الحد سابقا ، وكذا حيي جاب الله 1 و2 الواقعين على ضفاف الوادي يعبر حي واد الحد الشعبي، وذلك بفضل عملية ترحيل تم القيام بها خلال ذات الفترة. كما تميّزت هذه الفترة بإخلاء الحي القصديري بسيف الذي تمّ تحويل قاطنيه ال750 نحو شقق جديدة بمدينة علي منجلي. وفي مطلع سنوات الألفين، تمّ القضاء على أحد أكبر الأحياء القصديرية التي شوهت منظر قسنطينة لعقود وهو نيويورك الذي كان يفصل بين حي دقسي عبد السلام وحي القماص الشعبي، وأعيد إسكان ال2500 عائلة التي كانت تقطن فيه في سكنات جديدة. في حين تمت إزالة الحي القصديري الآخر المعروف لدى العامة باسم القاهرة الواقع بالحي المعروف ب بين الجبابن (بين المقابر) والذي كانت تقطنه مئات العائلات من خارطة الأحياء القصديرية بقسنطينة، بفضل عملية ترحيل تم القيام بها خلال تلك الفترة. وفي منتصف الطريق بين الحيين الواقعين بأعالي المدينة (جبل الوحش والزيادية) ووسط المدينة، يوجد حي الأمير عبد القادر (فوبور لامي سابقا) الذي شملته عمليات ترحيل في بداية سنوات الألفين انطلاقا من الأحياء القصديرية محجرة لانتيني وقانص وطنوجي التي لطالما شوهت منظره. كما شهدت سنوات 2009 و2010 و 2011 أساسا إعادة تهيئة حي رحماني عاشور (باردو سابقا) المتواجد في قلب قسنطينة، على غرار أحياء قصديرية أخرى مثل جنان التشينة 1 و2 وعين عسكر وشارع رومانيا التي تم تهديمها. وأضحت في الوقت الراهن مئات البيوت القصديرية التي كانت تحاصر مدينة الصخر العتيق من جميع الجوانب (المنصورة المنية باردو المنطقة الصناعية بومرزوق حي البير عوينة الفول) وتشوه وجه قسنطينة، مجرد ذكرى. وتتواصل الجهود المبذولة من أجل القضاء على بعض الأحياء القصديرية الصغيرة التي ما تزال موجودة بقسنطينة واسترجاع الأوعية العقارية التي كانت تحتضنها -حسبما أكده المدير العام لديوان الترقية والتسيير العقاري عبد الغني ذيب- مشيرا إلى أن عاصمة الولاية ستتنفس من الآن فصاعدا الصعداء من خلال الآفاق المتعلقة بإنجاز مشاريع مرافقة حسب الاحتياجات المعبر عنها.