نجح العرض النثري-الموسيقي الذي قدمه الباحث محمد علمي، مساء الأحد بالمتحف العمومي الوطني للفنون والتعابير الثقافية التقليدية قصر أحمد باي بقسنطينة، في استحضار ملامح الموروث الثقافي لمدينة الصخر العتيق وذلك ضمن برنامج المهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي. ووسط ديكور يحاكي البيئة القسنطينية كما كانت عليه في الماضي، أعاد محمد علمي استذكار حكاية نجمة المخلدة في القصيدة الشهيرة التي كتبها حبيبها جاب الله حزنا وولعا على فراق نجمته التي يزوجها أهلها لابن عمها وفقا للعادات القديمة لأعيان المدينة. وفي مستهل العرض الذي حضرته شاعرات ومهتمون بالشأن الثقافي، قدم الراوي عرضا نثريا موجزا حول الأنماط الموسيقية التي تتميز بها مدينة قسنطينة لاسيما المحجوز والذي وصفه بأنه نمط شعري رافق أحزان وأفراح مدينة قسنطينة عبر مختلف العصور يحمل في طياته كلمات بسيطة ذات دلالات عميقة. واغتنم محمد علمي الفرصة ليتحدث عن مصدر قصة البوغي حيث أوضح بأنها مستمدة من مصدرين أحدهما القصيدة في حد ذاتها وثانيهما الذاكرة الجماعية، موظفا اللغة العربية الدارجة تارة والفصحى تارة أخرى بغية تحقيق هدف تقديم سيرتا العتيقة في بطاقة فنية راقية تعكس تراث المدينة وعراقة أهلها لاسيما لدى ضيوف المدينة. بعد ذلك، أطلق العنان لصوته الشاعري الدافئ ليغوص في سرد تفاصيل قصة العشق الشهيرة التي جمعت بين جاب الله و نجمة بن حسين نثرا وتلبية لطلب الجمهور، بادر ذات الموسيقي والباحث في موسيقى المالوف إلى أداء القصيدة عزفا وغناء وسط تجاوب ديكور قسنطيني أصيل زاده جمالا قصر الباي بما يختزنه من ذكريات وكذا العزف الموسيقي الراقي المرافق لتلك الإلقاءات إلى جانب عرض للأزياء التقليدية القسنطينية لمصممة الأزياء رحيمة بابوري. وتم فيما بعد فسح المجال أمام الشاعرات اللواتي قدمن من الجزائر وخارجها للبوح بما جادت به قريحتهن من كلمات عذبة، فتناوبت كل من مريم مشتاوي القادمة من بلد شجر الأرز (لبنان) وسنية مسدوري من تونس علاوة على زينب بن زاوي وحنين عمر وأم الخير عبد المولى ونعيمة بولويزي (الجزائر) في إلقاء مقطوعات شعرية تتغنى بالحب والوطن والجمال وسط ديكور قسنطيني أصيل زاده جمالا قصر الباي بما يختزنه من ذكريات وكذا العزف الموسيقي الراقي المرافق لتلك الإلقاءات، وذلك وسط حضور ملفت لجمهور يحسن الإصغاء. تجدر الإشارة إلى أن فعاليات الطبعة التاسعة من المهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي ستتواصل إلى غاية اليوم بإلقاء محاضرات وتنظيم جولات سياحية عبر أهم معالم مدينة الصخر العتيق وحفل موسيقي في طابع المالوف.