خلق مبدا السيطرة وبسط النفوذ.. سببان للعنف والجريمة غياب التهيئة النفسية للمرحلين الجدد يولد عدم الانسجام المخدرات والبركينغ وراء الشجارات القاتلة باتت فرحة المرحلين نحو أحياء سكنية جديدة في إطار القضاء على السكن الهش والفوضوي عبر أغلب ولايات الوطن وتمكين المواطن من السكن في الظروف الصحية والاجتماعية الملائمة، تتحول إلى كابوس حقيقي وجحيم يعيشه المرحلون بعد أيام أو أشهر قليلة من دخولهم سكناتهم الجديدة جراء الظواهر السلبية التي باتت تصاحب الأحياء السكنية الجديدة خاصة الاجتماعية منها على غرار المناوشات والعنف وحروب العصابات التي تحدث لأتفه الأسباب متسببة في خسار مادية معتبرة، ويحدث هذا -حسب مختصين- جراء عدم التخطيط والدراسات القبلية لتفادي ذات الظواهر التي تجعل العائلات تعيش في قلق وتوتر مستمر. تعرف عديد الأحياء السكنية الجديدة، مناوشات وشجارات وفوضى عارمة تحدث بين الحين والآخر، وهو ما يخلق الرعب والقلق أوساط العائلات المرحلة الى مواقع جديدة بعد سنوات من الانتظار، ولولا تظافر جهود المصالح المعنية على غرار الشرطة التي تتدخل في كل مرة لتكبدت المواقع محل الشجار خسائر معتبرة. الترحيل الفجائي وعدم التهيئة النفسية يولّد عدم الانسجام بالحي الجديد أكدت المختصة في التنمية البشرية، حفصة حيدر، ل(السياسي)، أن ما يحدث من شجارات وفوضى على مستوى الأحياء السكنية الجديدة له عدة أسباب أولها عدم التهيئة النفسية للمرحلين، حيث أكدت أن كل عمليات الترحيل تتم بصورة فجائية دون إعلام العائلات المعنية بالموقع الذي سوف تنتقل إليه وهو نفس الوضع بالنسبة للسكان الأصليين القاطنين بجوار الأحياء السكنية المستقبلة للمرحلين، الأمر الذي يتطلب التحضير المسبق لضمان الانسجام وسير الحياة اليومية بالشكل المطلوب لتفادي بروز الصراع المفضي للعنف والجريمة، مؤكدة في سياق حديثها أن عادة ما تحدث ذات الفوضى بسبب البحث عن مشكل ما لخلق مبدا السيطرة على المنطقة بشكل كلي. وفي سياق حديثها، أشارت المختصة في التنمية البشرية، حفصة حيدر، أن غياب ثقافة ممثل أو لجنة الحي يزيد الوضع تعقيدا، مؤكدة أن دور هذا الأخير هو جد قيّم ومهم خاصة خلال حدوث مناوشات أين يجب عليه التواصل رفقة العقلاء للتفاهم والتحاور وبالتالي حدوث الهدوء النفسي بالمنطقة، وتأسفت نفس المتحدثة عن غياب الدور الميداني المطلوب من ممثل الحي في المساهمة في الوقاية من شتى المظاهر السلبية. الأئمة والأمن ضروريان للحد من العنف ومن بين الحلول التي اقترحتها حفصة حيدر، خلال حديثها ل(السياسي) هو لعب كل جهة دورها المعني على غرار المسجد ومصالح الأمن، وكذا إشراك المجتمع المدني في عملية التحسيس والتوعية والتأطير في إطار إستراتيجية شاملة لتسيير الفضاءات العمومية على غرار الباركينغ، مشيرة إلى أن هذا الأخير لا يجب أن يكون محل نزاع وفوضى عارمة بالحي الجديد، بل يكون مقننا من خلال تدخل المصالح المحلية التي يجب عليها تعيين شخص يعمل بشكل قانوني كحارس لحضيرة السيارات، إضافة إلى التهيئة النفسية للمرحلين الجدد وكذا السكان الأصليين للمنطقة. الأحياء الجديدة بوهران... شجارات تحدث لأتفه الأسباب تعيش الأحياء الجديدة على مستوى ولاية وهران، نوعا من الفوضى والمناوشات وموجة عنف لوحظت غداة عملية ترحيل السكان من الأحياء المشيدة عفويا إلى أحياء حضرية جديدة ببلديات وهران وبئر الجير ووادي تليلات وقديل، قد أظهرت أبعاد أخرى اجتماعية واقتصادية وحتى نفسية، وهو الوضع الذي بات يقلق العائلات التي تعيش الجحيم بين الفترة والأخرى، مشيرة أن المناوشات تحدث حتى لأتفه الأسباب. وحسب الباحث قاسمي بوعبد الله، المختص في علم الاجتماع-الإجرام لدى مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية (كراسك) بوهران، فقد أكد تخليص العائلات من ظروف سكنية غير لائقة من خلال تمكينهم من سكنات تضمن لهم العيش الكريم ضمن أحياء جديدة بمرافق متنوعة هو أمر إيجابي، إلا أن العملية كانت بحاجة إلى الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لهذه المجموعات السكانية وتحضيرها لهذا الانتقال من خلال التأطير القبلي، ذاكرا أن مظاهر العنف الملاحظة بالأحياء الجديدة هي نفسها التي كانت سائدة في الأحياء الفوضوية مثل كوشة الجير وكوكا والحاسي وغيرها التي تتسم بستر المظاهر الاجتماعية السلبية، وأن عدم بروزها في السابق كان بفعل هشاشة الوضع العمراني والجغرافي داخل هذه الأحياء وكذا فردية السكنات بها خلافا للأحياء الجديدة الحضرية التي تتميز بتقاسم الفضاءات المشتركة للعمارات وباقي فضاءات الحي. حراسة الباركينغ والحصول على المال يسعى بعض الشباب المرحلين إلى مواقع سكنية جديدة إلى كسب المال من خلال بسط النفوذ والابتزاز، حيث من بين أهم الأسباب المؤدية إلى حدوث المناوشات والفوضى هي تسيير حظائر ركن السيارات بصفة عشوائية. وقد أكد مراقب الشرطة، صالح نواصري، رئيس الأمن الولائي لوهران، أن إشكال النزاع عن طريق العنف والمشاجرة ما بين المجموعات بالتجمعات السكانية الجديدة المستقطبة للمجموعات المرّحلة من الأحياء العشوائية، هو بسبب محاولة الظفر بالحظائر العمومية لكسب المال. وقد بادرت مصالح الأمن الولائي بالتنسيق مع رؤساء الدوائر والبلديات وفعاليات المجتمع المدني من خلال مبدأ الشرطة الجوارية للتدخل لفك مثل هذه النزاعات، من خلال محادثة هؤلاء الشباب والسعي إلى إقامة الصلح ما بينهم مثلما حدث في عدة أحياء سكنية جديدة على غرار وادي تليلات، يضيف نفس المسؤول، الذي أشار إلى أن الأحياء المرحل منها كانت تتميز على مر عشريات سابقة بتمركز جرائم العنف والمتاجرة بالمخدرات. مشاجرات بواد تليلات تسفر عن توقيف 119 شخص دائرة واد تليلات بوهران التي تعرف إنجاز برنامج تنموي ضخم يتقدمه إنجاز عشرات الآلاف من السكنات الاجتماعية الموجهة للعائلات ذات الدخل الضعيف والقاطنة بالسكنات الهشة بمختلف أنحاء الولاية، فقد عالجت مصالح الشرطة ثلاث قضايا تتمثل في المشاجرة الجماعية ما بين مجموعات باستعمال الأسلحة البيضاء أين تم على إثرها توقيف 59 شخصا قدموا أمام العدالة وأصدر في حقهم أحكام وصلت إلى حد ثلاث سنوات سجن نافذ، يضيف مسؤول الأمن الولائي. ونفس مظاهر العنف تم تسجيلها على مستوى الأحياء الجديدة ببلدية قديل التي استقطبت مجموعات سكانية من الأحياء العتيقة كسيدي الهواري والدرب أين تم معالجة 5 قضايا مماثلة، والتي عرفت توقيف 60 شخصا قدموا بدورهم أمام العدالة. قلة فرص العمل والمتاجرة بالمخدرات من أسباب حدوث المواجهات العنيفة بدورها، سلطت المختصة في علم النفس الاجتماعي، بدرة، الضوء على البعد الاقتصادي داعية إلى إضفاء التوازن ما بين برمجة عملية التوسيع العمراني على مستوى البلديات وما يمكن لهذه الفضاءات أن تقدمه كفرص للعمل ولضمان الدخل لفائدة المجموعات السكانية المحولة. ولفتت في هذا الجانب إلى أنه بالرغم من عدم ملائمة ظروف الإقامة السابقة لهاته المجموعات السكانية، إلا أنها كانت قريبة من مصادر الاسترزاق التي توفرها المدن الكبرى كالأسواق الكبيرة والحركية التجارية عموما. كما أضافت المتحدثة أنه بالفعل أن عمليات إعادة الإسكان الهائلة قد عملت على تمكين المواطنين من ظروف إقامة حسنة لا سيما من الجانب الصحي والاجتماعي، إلا أن مستوى الإدراك لدى بعض الناشئة بالنسبة لمسألة الاستقرار يتوقف على أوضاعهم الاقتصادية لمزاولة الحياة، ونبهت أيضا من جهة أخرى إلى مخاطر تعرض الشباب للمخدرات والمتاجرة بها والتي تكون أيضا من بين الأسباب المباشرة لحدوث المواجهات العنيفة ما بين المجموعات علاوة على استعمال التسلط وبسط النفوذ من قبل بعض المنحرفين للابتزاز والحصول على الأموال. نحو وضع مخطط أمني متكامل بوهران في هذا الصدد وعلى مستوى الأحياء السكنية الجديدة ببلقايد التي تواصل في استقطاب العديد من العائلات المرّحلة من أحياء تضم سكنات هشة كالحمري ومديوني وغيرهما، يتم مواصلة تدعيمها بمرافق أمنية لتعزيز التغطية الموجهة لتأمين الأشخاص والممتلكات حيث استفادت هذه التوسعة العمرانية الممتدة على الجهة الشرقية للمجمع الحضري الكبير لوهران من فرقة ثانية للبحث والتحري إلى جانب مقر ثاني للأمن الحضري. وبحي سيدي البشير (شرق وهران) الذي يضم نحو 120 ألف ساكن والذي يحتاج إلى تعزيز المرافق الأمنية وكذا لبرنامج خاص لإعادة هيكلة الأحياء التي شيد معظمها بصفة غير مطابقة لمعايير العمران، فسيتدعم قريبا بمقر للأمن الحضري ومقر أخر للفرقة المتنقلة للشرطة القضائية. كما يجري إنجاز مقرات أمنية أخرى بتجمع سكاني كبير مشابه بغرب وهران حي بوعمامة المعروف محليا باسم الحاسي والذي يضم حوالي 140 ألف ساكن حيث سيتدعم قريبا بمقر للأمن الحضري وفرقة متنقلة للشرطة القضائية يضيف نواصري الذي نوه بمجهود الدولة في توفير كل الوسائل لتدعيم التغطية الأمنية بعاصمة الغرب الجزائري التي ستستفيد على ضوء ذلك بتغطية أمنية شاملة 100 بالمائة، وذلك من خلال مخطط أمني متكامل وفق إستراتيجية أطلقها المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل. شبكة أمنية لمكافحة العنف بمدينة علي منجلي يعدّ مكافحة العنف على مستوى المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة التي تم تصنيفها لفترة طويلة كمنطقة حساسة جزءا لا يتجزأ من الانشغالات الكبرى التي تهتم بها المصالح الأمنية التي تعمل على إرساء تغطية أمنية بالمنطقة تعزز الاتصال المتواصل مع قاطني هذا التجمع الحضري الضخم المقدر ب370 ألف نسمة. وأكد رئيس الأمن الولائي عبد الكريم وابري، أنه تم اعتماد هذه المقاربة المطبقة بعلي منجلي حسب مخطط ينخرط فيه بصفة مباشرة الشرطي كما المواطن في إطار شراكة اجتماعية تشكل حصنا ضد أعمال العنف الاعتداء. واستنادا لذات المسؤول، فإن الهدف من هذه المقاربة هو تزويد مدينة علي منجلي ب12 مقرا للأمن الحضري من بينهم 6 دخلت حيز الخدمة فعليا في إطار مساعي مرافقة عملية تنمية هذا المركز الحضري الضخم. وأشار في ذات الصدد إلى أنه من الضروري (نسج روابط متينة مع السكان)، معتبرا هذا الأمر الوسيلة الأكثر فعالية لمكافحة الجريمة لاسيما العنف. وأردف ذات المسؤول بأن التدخل الأمني في هذا القطب الحضري الذي ما يزال يشهد عمليات ترحيل للسكان من عاصمة الولاية (قائم على العمل الوقائي الذي يعزز العمل الجواري في إطار اللقاءات والحملات التحسيسية مع المواطنين). لقاءات دورية بين الشرطة ولجان الأحياء لإحْتواء الظاهرة وأوضح وابري في هذا الصدد أن مصالح الشرطة بقسنطينة تنظم لقاءات شهرية مع جميع لجان أحياء الولاية وجلسات متسارعة مع لجان أحياء علي منجلي التي تشهد نمو ديمغرافيا متواصلا. وتسببت سلسلة الاشتباكات بين الشباب التي وقعت خلال الفترة الممتدة بين نهاية سنة 2014 ومنتصف سنة 2015 بالوحدة الجوارية رقم 14 بالمدينة الجديدة علي منجلي في إجبار مصالح الشرطة على اعتماد طريقة عمل جديدة تشجع التواصل والاتصال مع السكان من أجل تهدئة النفوس وفي مرحلة لاحقة منع السلوكيات العنيفة. وعلاوة على ذلك، تم تعزيز القطب الحضري لعلي منجلي خلال الفترة الممتدة بين مارس وجويلية 2017 ب4 مقرات للأمن الحضري علاوة على هيكلين مماثلين دخلا حيز الخدمة بذات المنطقة في وقت سابق، حسبما ذكر به ذات المصدر، متحدثا عن إنشاء فرقة متنقلة للشرطة القضائية وأخرى للبحث والتحري. وأضاف (انطلاقا من وعي المصالح الأمنية بوجود مناورات خبيثة حاولت من خلالها دوائر خفية إعادة إحياء غضب المواطنين، لجأت ذات المصالح للعب ورقة الحوار. وسرعان ما أعطى هذا المسعى ثماره ليضحي فيما بعد استراتيجية ميدانية مطبقة في إطار شراكة اجتماعية أكدت فعاليتها، وفق ما عاينته المصالح الأمنية والمواطنون أيضا). وأضحت المشاجرات التي وقعت في أوقات متفرقة طوال سنة كاملة بين مجموعة شباب أعيد إسكانهم بالوحدة الجوارية رقم 14 في إطار امتصاص السكن الهش من الزمن الماضي، بفضل العمل الجواري والتحسيسي الذي تم القيام به من طرف مصالح الشرطة، مضيفا أن الوحدة الجوارية رقم 14 التي يقطنها أكثر من 12 ألف ساكن والتي التصقت بها لسنوات بها صفة (الحي الذي لا يمكن زيارته) باتت تحتل صدارة الترتيب في مجال تسديد الإيجار وفي الوقت الراهن، ويتعلق الأمر بمؤشر تطور الحس المدني الذي أبرزه سكان الوحدة الجوارية رقم 14 بفضل تحليهم بوعي حقيقي عززه عاملا الاتصال والحوار اللذان أرستهما مؤسسات الدولة، وفق ما تم إيضاحه. وأصبحت الوحدة الجوارية رقم 14 التي كانت مرادفا للعنف والاعتداءات مكانا آمنا (بل وأعيد إصلاح الآثار التي خلفتها أعمال العنف على واجهات المباني المستهدفة خلال المناوشات ومحوها) من طرف ذات الشبان الذين يرغبون في نسيان تلك الحقبة المظلمة من تاريخ حيهم. شباب يستغلون أرضيات شاغرة للقيام بأفعال إجرامية أوضحت نورة بيلاك، أستاذة العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قسنطينة 2، أن شبكة المدينة الجديدة علي منجلي التي تشمل عددا كبيرا من الهياكل المخصصة للأمن الحضري ستظل غير كافية ما لم يتم إطلاق عمليات (استرجاع الأرضيات الشاغرة). وغالبا ما يتعزز العنف في الأوساط الحضرية لاسيما بالمدن الجديدة بسبب تواجد أوعية عقارية شاغرة يستغلها الشباب للقيام بأفعال إجرامية بجميع أنواعها، حسبما أردفته ذات الأخصائية، التي شددت على الدور الكبير للأسرة في الوقاية من هذه الظاهرة.