ووري الثرى جثمان الشاعر عثمان لوصيف بمسقط رأسه بطولقة، 36 كلم غرب بسكرة، وذلك في موكب جنائزي مهيب. وشاركت العديد من الوجوه الأدبية والثقافية وأفراد عائلة الفقيد إلى جانب جموع غفيرة من المواطنين وأصدقائه ومحبيه في مراسم تشييع الجنازة انطلاقا من مقر السكن العائلي ليوارى الثرى بمقبرة الشهداء بالمدينة. وبهذه المناسبة الأليمة، تقدم وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي الى عائلة المرحوم وأسرته والى كل أصدقائه ومحبيه بأخلص عبارات التعازي وأصدق جمل المواساة، سائلا من الله، عز وجلّ، أن يلهمهم الصبر والسلوان في مصابهم الجلل هذا وأن يتغمد الفقيد برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته. وجاء في رسالة التعزية لقد تلقى وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي ببالغ الحزن والاسى نبأ التحاق الشاعر الكبير عثمان لوصيف بالرفيق الأعلى وهو الذي ترك للثقافة الجزائرية إرثا أدبيا ورصيدا فنيا متميزا يتمثل في عشرات الدواوين الشعرية ومئات القصائد التي منح من خلالها نفسا فنيا جديدا للشعر الجزائري . وأردف الوزير قائلا إذ يعد المرحوم واحدا من أهم الأصوات الشعرية التي أخذت على عاتقها مسؤولية تجديد روح القصيدة الجزائرية وهو المسار الذي بدأه بعمله الاول الموسوم ب(الكتابة بالنار) مرورا ب(أعراس الملح) و(شبق الياسمين) و(غرداية) وصولا الى (كتاب الاشارات) و(قراءة في كتاب الطبيعة).. وقد لفتت نصوص الشاعر الكبير عثمان لوصيف، رحمه الله، انتباه واهتمام أغلب النقاد والكتاب والجزائريين العرب الذين رفعوا معه سقف طموح الشعرية العربية عاليا لكن قضاء الله وقدره كان أقرب إليه من حلم الكتاب والشعراء، فرحمه الله وأسكنه فسيح جنانه . وكان وزير الثقافة، عزالدين ميهوبي بمناسبة زيارة قادته لولاية بسكرة في جوان الجاري قد قام بزيارة للفقيد الذي كان يرقد على سرير المرض بالمستشفى حيث وصفه أثناءها بأنه قامة أدبية وأحد الأسماء الوازنة في الأدب ومثقف ملتزم بقضايا وطنه وقضايا الإنسان والحامل لمبادئ المحبة والأخوة. وخلال مجلس العزاء الذي أقيم بالمناسبة، أبرز المدير الولائي للثقافة أن الفقيد كان له باع طويل في الأدب والفكر وله سمعة تجاوزت حدود الوطن مشيرا إلى أن مساهماته الشعرية قد أثرت المكتبة الوطنية بعناوين ستخلد اسمه وتبقى عنوانا للإبداع والعطاء. وأضاف أن فقدان هذه الشخصية المعروفة في الميدان الثقافي والأدبي التي تحظى بالاحترام والتقدير لما قدّمته من مستوى راق من الأعمال الفنية فضلا عن شخصيته الفذة يعتبر خسارة للأدب والثقافة محليا ووطنيا وسيترك غيابه أثرا واضحا. من جهته، قال الشاعر إبراهيم صديقي: إن الراحل هو مرادف مباشر للكرم والتواضع والعطاء الأدبي حيث اشتغل بتميز على الشعر وبقي وفيا، كما أضاف، لمبادئه ، مشيرا إلى أن الجميع فقد فيه المبادر والمعلم باعتباره نقطة اللقاء بين شعراء الجزائر في أخلاقه وقيمه. بدوره، اعتبر رئيس جمعية البسمة الثقافية بالدوسن ببسكرة، طارق خلف الله، أن هذه القامة الادبية من الصعب ان تتكرر ورحيلها خسارة للشعر الجزائري مضيفا أن الجميع يشعر بالحزن ويودع الشاعر والإنسان الذي عرف كيف ينتصر للقصيدة ويسمو بها، على حد تعبيره. وقد أسهم الفقيد من خلال حضوره الأدبي في الرقي بالكلمة برموز شعرية إنسانية إلى جانب ممارسته مهنة التدريس بالجامعة إذ كان يحمل شهادة دكتوراه في الأدب العالمي عن اطروحة حول الشاعر رانبو وترك رصيدا في فن الشعر قارب العشرين ديوانا منها (الكتابة بالنار) و(نوش وهديل) و(إرهاصات) و(التغابي) و(غرداية) و(أعراس الملح) و(أبجديات). وقال جلال الدين لوصيف، نجل الراحل، في حديثه عن الفقيد، أنه عرف بإحساسه المرهف وبإنسانيته اللامتناهية وبخصاله الحميدة وحبه لطلبته مشيرا إلى أنه معروف كما كان يبذل كل ما لديه في سبيل طلب العلم ونشر إصداراته الشعرية لأكثر من 4 عقود. للتذكير، فإن الفقيد وافته المنية يوم الأربعاء بمستشفى بشير بن ناصر ببسكرة عن عمر ناهز ال67 سنة بعد معاناة مع المرض ليدخل في غيبوبة في الأيام الأخيرة. شعراء الجزائر ينعون عثمان لوصيف وعبر أغلب الشعراء والادباء الجزائريين عن حزنهم لرحيل الشاعر عثمان لوصيف واصفين رحيله بالمؤلم، معتبرين مكانته الشعرية كبيرة. وكان الشاعر ميلود خيزار قد اعتبره من طينة نادرة مضيفا أنه منذ عرفته ظل ودودا، خلوقا، إنسانا حساسا، متواضعا، عفوا، كريما وكتوما، بذاكرته القوية جدا وبعزيمته التي لا تلين إرادته التي لا تقهر. واعتبر الشاعر حمري بحري أن الشعر الجزائري فقد أحد شعرائه المتميزين في كتابة القصيدة وفي طريقة تعامله مع الحياة زاهدا وفي مغرياتها، ووصفته الباحثة هاجر مدقن بأنه فارس شعر . وقال الكاتب بلقاسم مسروق أن لوصيف كان رائعا كالشعر، كالمطر الخريفي مضيفا أنه جاء من رحم الحقيقة حاملا طموحاته وآماله واكتفى بالقول عثمان لوصيف نبي ضيعه قومه . بينما وصفه الشاعر محمد الأمين سعيدي بأنه رجل صوفي عابد، في عينيه المحبة، في حين اكتفى الكاتب والأكاديمي مبروك دريدي بوصف الشاعر الراحل بالكبير وأنه كان ينفخ بحكمته محبة الجمال والخير. واعتبر سعيد بن زرقة الفقيد صاحب الرؤى الصوفية والعارف بسر المقامات والمسالك، يبقى عثمان لوصيف في نظر الشاعر والناقد مشري بن خليفة شاعر كبير وباحث صابر ومصابر في نظر الشاعر والناقد مشري بن خليفة الذي أضاف انه عاش متعففا وزاهدا ومتساميا بروحه. وقال الكاتب بشير مفتي لم التق به إلا مرات نادرة في التسعينيات، لكن كان يكفي قراءة بعض نصوصه الشعرية حتى تدرك مقامه الشعري الكبير ، بينما اعتبر الشاعر عبد الرزاق بوكبة ان عثمان لوصيف أنقذ شرف الشاعر في بيئة جزائرية متهافتة. واعتبر وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي في برقية تعزية الراحل ان المرحوم يعد من اهم الاصوات الشعرية التي اخذت على عاتقها مسؤولية تجديد روح القصيدة الجزائرية وهو المسار الذي بدأه، كما قال، في عمله الاول الموسوم ب(الكتابة بالنار). توفي الشاعر عثمان لوصيف الخميس ببسكرة عن عمر ناهز ال67 سنة بعد معاناة مع المرض. ولد عثمان لوصيف سنة 1951 بطولقة وهو حامل لشهادة الدكتوراه في الأدب العالمي وصاحب أطروحة حول الشاعر الفرنسي ارثر رامبو. عرف عن الراحل تفرده في السلوك والحياة كما في الشعر، فقد كان متصالحا وصوفيا في الشعر والحياة، وقد شكلت نصوصه فتوحات في الشعر الجزائري من ديوان الأول (الكتابة بالنار) المنشور سنة 1982.