محمد سعيدي .. رجل العقل والاتزان الذي يصعب تعويضه رحل السياسي و الديبلوماسي والإعلامي والمثقف محمد سعيدي الأسبوع الماضي في هدوء، تماما كما عاش سنواته الأخيرة، وسيحتفظ له كل الذين عرفوه بصورة المثقف البسيط، الإنساني، الصادق وغيرها من الخصال الآيلة للانقراض في زماننا. محمد سعيدي "الرجل المتوازن الذي ترك بصماته أينما اشتغل" كما قال عنه عامر مخلوف. وهو أيضا كما يقول أمين الزاوي: "الدكتورالذي مارس السياسة الحزبية والسفارة ومراتب السلطة إلا أنه ظل حريصا على أن يكون -وهو في كل هذه المواقع- مثقفا، له خطابه النقدي الذي يميزه". وكما يقول سعيد بوطاجين: "الحاضر والفعال في الحقل الثقافي، سواء بكتاباته في مختلف اليوميات الوطنية، أو من خلال مؤلفاته القيمة، أو من خلال تواجده الدائم في مختلف النشاطات والندوات والمحاضرات التي تهتم بالشأن الفكري والأدبي". إن الراحل محمد سعيدي الناقد والمترجم والسياسي.كما جاء في شهادة محمد الصالح حرزالله: "هو واحد من الذين قدموا الكثير للجزائر والعالم.دون أن يأخذوا حقهم من الاهتمام والرعاية"، والأجمل كما قال الشاعر عاشور فني: "ظل قريبا من الأجيال الجديدة ومتفتحا للحوار مع المستقبل والرؤى المغايرة" "كراس الثقافة"، في عدد اليوم، يحتفي بصاحب كتاب "من الاستقلال إلى الحرية"، وهذا من خلال هذه الشهادات التي يسردها بعض الكتاب والنقاد، وهم أصدقاء وزملاء الراحل. وهي شهادات توقفت عند حياة ومحطات وعطاءات الرجل في مجالاته المختلفة التي اشتغل فيها وعليها، والتي ساهم في إنجازها وإنجاحها في ذات الوقت مخلوف عامر/كاتب وناقد نموذج العمل والإتِّزان قبل أن ألتقي بالمرحوم "محمد سعيدي" في بعض المناسبات، وأُعاين هيْبته ووقاره، كنت قد عرفته في سبعينيات القرن الماضي من خلال تقديمه كتاب "المختار من القصة السوفياتيةّ". فبالرغم من قِصر هذه المقدمة إلا أني وقفت على ملاحظات كشفت لي-يومئذ- أن الرجل يقف على خلفية ثقافية نادرة خاصة وأنه يكتب بلغة عربية صافية ميسورة. فكانت فرصة لي أن اطلعت على "العميان يستردون الأبصار" ل"عبد الله قهار" و"المعلم الأول" ل"جنكيز إيماتوف" و"مصير إنسان" ل"شولوخوف" وغيرها من القصص المشوِّقة. طبعاً كانت ظروف الحرب الباردة والصراع بين الرأسمالية والإشتراكية، وكان لابد للمرء أن ينحاز إلى أحد الطرفيْن. فكان انحياز "محمد سعيدي " إلى اليسار واضحاً ليس مسايرة منه للخطاب الرسمي، وإنما لأن الروح الوطنية كانت تقتضي أن يرى في الامبريالية امتداداً للاستعمار الذي طالما عانى منه شعبُه، وأن الاشتراكية ليست نقيضاً لهذا الاستعمار وحسب، بل لأنها تستجيب لطموحات الناس من حيث هي تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية. لم يكن إعجابه بالأدب الروسي محصوراً في هذه القناعة السياسية، لكن كما يقول: "كان للتوازن الدقيق الذي حققه الأدب الروسي بين الاستيعاب الكامل للثقافات الأوربية وإخضاعها للواقع المحلي والاندماج في هذا الواقع ومواجهة معضلاتها –هكذا- نتائج هامة هي التي أهلته لأن يحتل المكانة المرموقة التي يتمتع بها". فهو لم يكن يرى في هذا الأدب المضمون السياسي وحده، بل ما يحمله أيضاً من قيم إنسانية وجمالية، إذْ استلهم التقاليد الثقافية الموْروثة وطعَّمتها بوعي مستقبلي تُرجم في أعمال عمالقة الأدب المعروفين. لذلك يضيف أنه: "من النادر أن تجد في القرن العشرين كاتباً يحترم نفسه لم يتأثر بطريق مباشر أو غير مباشر ب -تولستوي- أو –دستايفسكي- أو -غوركي-". إنه الرجل المتوازن الذي ترك بصماته أينما اشتغل. في ملحق "الشعب الثقافي" ومجلة"آمال" و"مجلة الثقافة" فضلا عن وجوه كثيرة تخرَّجت على يديْه بوصفه أستاذاً جامعياً وباحثاً متميزاً. عندما نستحضر تلك الفترة اليوم، من الواجب أن نعترف بفضل تلك المنابر التي أُنشئت والجزائر لم تندمل جروحها –بعد- من آثار الحرب، وبإمكاناتها المحدودة جدّاً، ومع ذلك استقطبت من الأقلام الناشئة من أصبحوا اليوم أسماء بارزة في الداخل والخارج. ومن غير شك أنه الإنسان الذي يتمتع بطاقة هائلة مكَّنته من أن يجمع بين العمل السياسي والديبلوماسي،ويساهم في إصلاح التعليم، يقوم بذلك كله في صمت وبأخلاق عالية من التواضع وحب الوطن. كان من هواجسه الأساسية أن يتابع الحركة الثقافة والأدبية في بلادنا، وأن يسهم في تنشيطها. وربما لو تفرَّغ لها وللنقد الأدبي خصوصا-وهو الزيتوني الذي خبر العربية وغذَّاها بالثقافة الإنسانية المعاصرة-لخلَّف لنا جواهر في هذا الحقل لا يمكن لأي دارس أن يستغني عنها. ولكن يكفي أنه أخلص للوطن ولم يبخل بما أعطاه الوطن، فكان من خيرة الأساتذة معرفة وخلقاً. أمين الزاوي/ روائي رجل العقل والحرية والحداثة كان الدكتور محمد سعيدي حضاريا، متحضرا في كلامه وابتسامته وجلسته ولباسه. كان مثقف العقل والحرية والحداثة. يحلم بجزائر المعاصرة والتقدم وحرية الرأي والاختلاف. كان مجتهدا يعرف كيف يستمع ويدرك كيف يناقش. يحترم خصمه ولا يتسامح معه حول رأي أو فكرة. رجل جدل. كان صديق المعري شغوفا بأفكاره. يقرأ المعري ليلا فيجيء في الصباح الموالي للحديث عنه وكأنه يتحدث عن مثقف التقاه البارحة في ناد أو في مدرج جامعي أو في حي من أحياء العاصمة. كان يحب في المعري شجاعته، ويعتقد بأن الجرأة هي أساس الفعل التنويري. الجرأة المؤسسة على المعرفة والقراءة.كان قارئا لابن رشد يعتبره جده في إعمال العقل وفي طريقة المحاورة والنقد.كان الدكتور محمد سعيدي قريبا من الأجيال الجديدة في الكتابة وفي أسلوب التفكير وفي التعاطي مع قضايا الحياة، لم يكن العمر بالنسبة إليه حاجزا للعيش فكريا وسلوكيا مع الأجيال التي هي في عمر أبائه وأحفاده. كان قوي الشخصية. حتى وإن كان الدكتور محمد سعيدي قد مارس السياسة الحزبية والسفارة ومراتب السلطة إلا أنه ظل حريصا على أن يكون وهو في كل هذه المواقع مثقفا، له خطابه النقدي الذي يميزه. كان في ذلك شبيها بمصطفى الأشرف ورضا مالك. في أيام مرضه الأخيرة زرته بباريس، تواعدنا والتقينا بمقهى، جلسنا لبعض الوقت في الحديث، لم يكن حديثه حديث مريض ولا عن المرض، بل في كل جلستنا هذه كان يحدثني عن قراءاته وعن مشروع كتاب فلسفي تاريخي يحضره، وقد ذهب في إنجازه شوطا. كان يواجه المرض بالعقل والفكر والأمل. في مرضه وجدته، على الرغم من بعض الانهيار في الجسد، يقظا لا شيء يشغله سوى حب الجزائر التي كان يريدها جديدة معافاة من مرض التخلف والإرهاب و وحدة الفكر.كان الدكتور محمد سعيدي محترما ومحبوبا من قبل الأديب والفيلسوف والمؤرخ والمواطن العادي. يرحل عنا الدكتور محمد سعيدي فأشعر بما يشبه الدوار، أشعر بشيء ينقص هذه المدينة، بغيابه أشعر بفراغ في هذه الجزائر الكبيرة، برحيله أشعر بخلل يضرب جمهرة المثقفين. سعيد بوطاجين/ روائي،مترجم وناقد ظاهرة ثقافية نادرة يتعذر تعويضها أعتبر الراحل الدكتور محمد سعيدي من الكفاءات الجزائرية التي لا يمكن العثور عليها في كل الأوقات. كان الرجل، إضافة إلى اهتماماته السياسية والمناصب التي شغلها بكفاءة عالية، ظاهرة ثقافية نادرة يتعذر تعويضها. لقد ترك ذهابه ثغرة حقيقية في الوسط الفكري والتاريخي والأدبي والفني. عاش المرحوم محمد سعيدي حاضرا وفعالا في الحقل الثقافي، سواء بكتاباته في مختلف اليوميات الوطنية، ومنها ، أو من خلال مؤلفاته القيمة، أو من خلال تواجده الدائم في مختلف النشاطات والندوات والمحاضرات التي تهتم بالشأن الفكري والأدبي، وهو أمر نادر في بلد لا تهتم فيه الشخصيات السياسية بكل ما له علاقة بالإبداع والتأليف والعقل. لقد ظل طوال حياته متابعا لما يصدر، يستمع ويقرأ ويناقش عن دراية وخبرة ومطالعة، ورغم تقدم سنه وحالته الصحية فقد كان دائم الحضور، وبشغف الشباب، كأنما كان يريد معرفة كل شيء عن المنجز الجزائري برمته. الدكتور محمد سعيدي رجل علماني وعقلاني من الذين يعرفون جيدا الثقافات الأجنبية ومختلف الآداب وعلم الجمال، وببعض الدقة والتحليل الممنهج الذي له علاقة بتكوين أكاديمي لا يستهان بقيمته ومرجعياته، وذلك ما كان يبدو في طروحاته ونقاشاته الهادئة العارفة بالتفاصيل والأصول. كان تحليله متزنا ومتكاملا على كافة الأصعدة، من ذلك النوع الذي يجمع الفلاسفة والمفكرين الكبار على المستوى العالمي. قبل سنين كثيرة كتب عني دراسة مطولة في الخبر اليومي، ووقتها انتبهت لقدراته التحليلية وطريقة تعامله مع النصوص الإبداعية. كان ذلك، بالنسبة إلي، اكتشافا حقيقيا لقدراته المنهجية والأكاديمية. والواقع أني لم أكن أتوقع من رجل سياسي أن يمتلك كل تلك الخبرة في النظر إلى مسائل فنية لا تعني الساسة الذين لا يقرأون. ثم تابعت لاحقا كل كتاباته، كما قام بإهدائي بعض ما كتبه. كان الدكتور محمد سعيدي يناديني ابني. وقد ابتدأت حكاية الابن هذه في لقاء جمعنا بالراحل الطاهر وطار في أحد النشاطات بالعاصمة. لا أدري تحديدا أي شيء كان يجمعنا. ربما كل الأشياء كانت تقربنا من بعضنا، لكني تفاديت الاحتكاك به احتراما لعلمه وسنه. لقد بقيت في مربعي تفاديا للسطو على مكان لا أستحقه. لقد اعتبرته أستاذا كبيرا واعتبرت نفسي تلميذا عليه أن يستفيد من خبرة الآخرين وعلمهم. كان الرجل عارفا بعدة أمور نجهلها، كثير الاطلاع على عناوين وتيارات لا نعرفها، ذا تجربة شحذها الوقت، وغاية في التواضع والأناقة مع كل الفئات والأعمار، وتلك ميزة مهمَة قل ما نعثر عليها في وقتنا الحالي لأن الناس كبروا كلهم، ومنهم من كبر قبل الوقت وأصبح زعيما لا يستهان بمقدرته الإلهية. التقيت آخر مرة بالدكتور محمد سعيدي في مقهى قبالة اتحاد الكتاب الجزائريين مع مجموعة من الشعراء والكُتاب والصحفيين، وكان مرهقا، ثم تهاتفنا لاحقا. لقد كنت أعرف وضعه الصحي. كان الراحل، رغم حالته، يعرف كيف يستمع جيدا ويسرد كالقطن والجدول، بمهارة فائقة وبعبقرية ملمَة بالمصطلحات والمفاهيم والأفكار والأسس والتطورات التي حصلت للمنظومة الفكرية والجمالية. كان يناقش ويتحدث تأسيسا على معرفة دقيقة، وعلى رؤية صافية. خسارة كبيرة حقا، ومن المؤسف أن لا يهتم الإعلام الوطني والمؤسسات والقنوات التلفزيونية المختلفة بموته، ما عدا بعض الإشارات العابرة التي كانت تريد التخلص من الخبر، كأنه لم يكن شيئا يذكر، مجرد صرصور مثلا. هذه القنوات والجرائد منشغلة بالأقدام والطبول والشعوذة التي سكنت الرؤوس إلى درجة مخيفة. أمَا موت عالم فلا يعنيها لأنه ليس لاعبا في الفريق الوطني لكرة القدم. أيَ مصير هذا الذي ينتظرنا جميعا في ظل هذا الاستهتار بكل ما له علاقة بالعقل؟ رحم الله أستاذنا محمد سعيدي الذي عاش كبيرا ومات كبيرا. عاشور فني/ شاعر وناقد ومترجم الأب الروحي لجيل بأكمله فقدت الأسرة الثقافية والنضالية في الجزائر واحدا من أبنائها المشهود لهم بالحضور الإيجابي الفعال على مدى عقود من الزمن، ساهم في الحياة النضالية أثناء الثورة وغداة الاستقلال وعُرف بالمثابرة كفاعل في الحياة الثقافية الوطنية، مسؤولا على رأس المؤسسات الثقافية ومبادرا بفتح المنابر للأجيال الجديدة خلال فترة السبعينيات ومتابعا للنشاطات الثقافية من موقعه في المسؤوليات السياسيةوالدبلوماسية. شخصيا تعرفت عليه من خلال مساهماته وحضوره الثقافي قبل أن ألتقي به شخصيا. قرأت له حوارات ومساهمات في الصحافة والمجلات وقدكان حضوره قويا من خلال جيل السبعينيات الذي كان يرعاه. فهو بمثابة الأب الروحي لجيل بأكمله. التقيته وجها لوجه في مهرجان محمد العيد بمدينة بسكرة سنة 1984. كنت حصلت على جائزة الشعر الأولى وتشرفت بأن ناولني شهادة المشاركة وكتبا كثيرة رفقة الشاعر العربي الكبير عز الدين المناصرة وبحضور المرحوم عبد الرحمان الجيلي من السودان والمرحوم حسين الأعرجي من العراق وشعراء جزائريين منهم الأستاذ أحمدحمدي وإدريس بوذيبة ومحمد زتيلي. وقد حضرت ذلك المهرجان رفقة عدد من الشعراء الشباب منهم عمار مرياش وعياش يحياوي وكان الأستاذ محمد سعيدي يومهامحافظا للحزب لكنه حضر الملتقى مع المثقفين والشعراء وأدار جلسة حول النقد الأدبي شارك فيها أساتذةوشعراء. في السنوات الأخيرة التقيته عدة مرات خلال الأنشطة الثقافية متحيزا للثقافة والفكر والتقدم، لم تغره المناصب ولم تغيره المغريات ولم تؤثر فيه الإحباطات التي عرفها التيار الوطني التقدمي الذي يمثله وظل وفيا لذاته ولفكره ومتمسكا بالحوار الصريح والعميق وسيلة لتجاوز الخلافات السطحية. ظل قريبا من الأجيال الجديدة ومتفتحا للحوار مع المستقبل والرؤى المغايرة. فقدت الجزائر في شخصه مثقفا نشطا ومناضلا وطنيا صلبا وإنسانا صاحب قيم رفيعة. وفقدت فيه الثقافة سندا قويا للطموحات المستقبلية في وقت تزداد فيه النزعة المحافظة ضراوة والقيم التجارية استفحالا. ولكنه ترك بصمته بارزة في الجيل الذي عرف بجيل السبعينات وفي التوجهات التي حكمت فترة كاملة من تاريخ الجزائر الثقافي تقوم أساسا على الربط بين الممارسة الثقافية والممارسة السياسية. محمد الصالح حرزالله/ كاتب وإعلامي كان مواكبا للحركة الأدبية الجديدةوكان مثقفا من طينة الكبار عادة، أتحاشى الحديث والكتابة في مثل هذه المناسبات.وقد رفضت مرارا طلبات مماثلة، حول عديد الأصدقاء المبدعين الذين رحلوا فجأة عنا،وكان رحيلهم مؤلما ومفاجئا،وخسارة للإبداع الجزائري والإنساني.نعم أقول ذلك،وعشرات الأسماء تتزاحم في ذاكرتي:عبد الحميد بن هدوقة ومالك حداد وكاتب ياسين والطاهر وطار والطاهر جاووت وعبدالله ركيبي ومحمد مصايف. وأبوالقاسم سعد الله والجنيدي خليفة وعمار بلحسن وعمر البرناوي وبلقاسم بن عبد الله ويوسف سبتي وعبد الله بوخالفة وصفية كتو ونادية قندوز وغيرهم. نعم القائمة طويلة إذا ما تذكرنا الراحلين من عظماء هذا البلد: من فنانين تشكيليين وسينمائيين وفلاسفة وسياسيين كبار ومجاهدين رحلوا تباعا وفي فترة زمنية قصيرة.إنهم جيل من العظماء المؤسسين.كل في مجاله. إن الراحل محمد سعيدي الناقد والمترجم والسياسي.هو واحد من هؤلاء العظماء الذين قدموا الكثير للجزائر والعالم.دون أن يأخذوا حقهم من الاهتمام والرعاية.فقد رحل وهو يسكن شقة متواضعة في حي ليفرجي الشعبي بالعاصمة.مثله مثل سي عبد الحميد مهري وبلقاسم سعد الله وغيرهم الذين قضوا معظم حياتهم في شقة متواضعة في حي الاسفوديل.ولم يطمعوا في مال أو جاه.لأنهم كرسوا حياتهم لخدمة قضايا الوطن والأمة. وإذا عدت للحديث عن محمد سعيدي الذي تربطني به علاقة متميزة: أقول إنه على الصعيد الأخلاقي يتصف بصفات الأنبياء مثله مثل الراحل عبد الحميد مهري الذي عرفته عن قرب أيضا -فقد كان مديري في دار المعلمين ببوزريعه-. ولم أسمع من أي منهما كلمة نابية أونميمة في شخص ما. ضف إلى ذلك التواضع الكبير.والجدية في العمل والنقاش.بل والتفاني في خدمة قضايا الوطن.ونكران الذات، على حساب الأسرة والقضايا الخاصة. الأديب محمد سعيدي هو من عرض علي رئاسة تحرير مجلة "آمال" الأدبية سنة 1979.بحضور الأديب الإعلاميجمال العيادي عضو مجلس النواب البلجيكي حاليا.وهو من كان يدير الورشة الأدبية في إتحاد الكُتاب الجزائريين بهدف خلق حركة نقدية جادة. فكنا نلتقي أسبوعيا في إتحاد الكُتاب لنتدارس ونحتفل بالإصدارات الأدبية الجزائرية،أنا وحمدي ورزاقي وأزراج وحمري وزتيلي وغيرهم من الادباء وننشر حصيلة النقاش في مجلة "آمال". محمد سعيدي كان مواكبا للحركة الأدبية الجديدة وهو من قدم لمجموعتي القصصية الأولى "الابن الذي يجمع شتات الذاكرة". وأنا أعتز بتلك الدراسة الجادة والمتميزة. نعم لقد كان مثقفا من طينة الكبار.وقد سافرت معه كثيرا بسيارتي لحضور الملتقيات الأدبية والثقافية.وكان نِعمَ الرفيق ونِعمَ الأخ ونِعمَ الصديق.رحمة الله عليك يا صديقي وأسكنك فسيح جنانه.