طالب عدد كبير من نواب المجلس الشعبي الوطني بتقديم مشروع قانون تسوية الميزانية للسنة المالية المعنية ناقص واحد فقط بدلا من ناقص ثلاثة كما هو معمول به اليوم حتى تكون لدراسته جدوى ملموسة، واشتكوا من غياب الوزراء وعدم استجابتهم لدعوات لجنة المالية والميزانية عند دراسة المشروع خاصة أولئك الذين سجلت قطاعاتهم عجزا واضحا، ولاحظ البعض منهم أيضا وجود فرق كبير بين تقرير مجلس المحاسبة الخاص بتنفيذ الميزانية والتقرير الذي يقدمه وزير المالية. قدم وزير المالية محمد جلاب أمس أمام نواب المجلس الشعبي الوطني مشروع القانون الخاص بتسوية الميزانية لسنة 2012 وفيه عرض مؤشرات تنفيذ ميزانية سنة 2012، وكشف أن النتائج المالية للسنة المعنية سجلت عجزا يقدر ب3569 مليار دينار، أي ما يعادل نسبة 22,53 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وقد بلغت نفقات ذات السنة 7474 مليار دينار منها 292 مليار دينار غير متوقعة، ما استدعى اللجوء للخزينة وصندوق ضبط الإيرادات لتغطية هذا العجز. ومثلت قطاعات التربية الوطنية والعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي وتمويل مسجد الجزائر الأعظم وتمويل تأمين الحدود البرية أهم المجالات التي استهلكت 292 مليار دينار غير المتوقعة التي سجلت عند تنفيذ ميزانية سنة 2012 حسب الوزير. وخلال المناقشة طالب عدد كبير من النواب المتدخلين بضرورة تقديم وعرض مشروع قانون تسوية الميزانية للسنة المعنية بناقص واحد فقط أو بناقص اثنين على الأقل بعد غلقها، وليس ناقص ثلاثة كما هو معمول به اليوم، حتى تكون دراسته ذات جدوى لأن تقديم القانون بعد ثلاث سنوات عن غلق السنة المالية لن يؤدي إلى أي فائدة، ويكون عدد من الوزراء المعنية قطاعاتهم بالعجز المسجل قد غادروا الحكومة، وبالتالي لا يوجد من يتحدث باسمها. وفي السياق اشتكى النواب أيضا من غياب الوزراء خلال مناقشة المشروع على مستوى لجنة المالية والميزانية، وقالوا أن عددا كبيرا من أعضاء الحكومة لا يلبون دعوات اللجنة خاصة أولئك الذين سجل المشروع عجزا في قطاعاتهم. وقال النائب نورالدين كيحل عن جبهة التحرير الوطني أن عدد أعضاء مجلس المحاسبة المقدر ب 207 قاض غير كاف إطلاقا للرقابة على ميزانية الدولة، كما تحدث عن وجود فرق كبير بين تقرير مجلس المحاسبة الخاص بتنفيذ الميزانية وصرفها والتقرير الذي يقدمه وزير المالية في مشروع قانون تسوية الميزانية، واعتبر أن تنفيذ الميزانية يتسم بالعشوائية وسوء التسيير. كما انتقد النائب ذاته منح اعتمادات مالية لمنشآت لم يتم انجازها على غرار مكتبات في سطيف وبرج بوعريريج، واعتبر الاعتمادات التي خصصت للذكرى الخمسين للاستقلال تبذيرا، وقال أن 56 مليار سنتيم أحرقت في ساعات ليلة الرابع إلى الخامس جويلية من سنة 2012، وانتقد أيضا عدم ذكر قطاع الأشغال العمومية في تقرير مجلس المحاسبة الخاص بنفس السنة، متسائلا عن السبب الحقيقي وراء ذلك في وقت انتقدت فيه عدة أطراف أداء هذا القطاع على نطاق واسع، ولاحظ النائب كيحل غياب الوزراء عن جلسات مناقشة مشروع قانون تسوية الميزانية ودعا إلى تدخل الوزير الأول لإنهاء هذه الظاهرة، وهو نفس الشيء الذي لاحظته النائب نورة خربوش عن تكتل الجزائر الخضراء والنائب مريم دراحي عن جبهة العدالة والتنمية، هذه الأخيرة انتقدت أيضا خلو التقرير الذي يقدمه الوزير من الإجراءات والتدابير التي يتم اتخاذها لمواجهة الخروق المسجلة في تنفيذ الميزانية واكتفائه بإبداء الملاحظات فقط. أما النائب لخضر بن خلاف عن جبهة العدالة والتنمية فقد انتقد هو الآخر ظاهرة غياب الوزراء الفاشلين على حد تعبيره، وقال أنه من غير المعقول أن تبقى 143 ألف منصب شغل شاغرة سنة 2012 ويتوقف التوظيف في وقت كانت فيه البلاد تعيش بحبوحة مالية، وانتقد تقديم مساعدات بالملايير لجمعيات وهمية. ولم تخلو تدخلات النواب أيضا من التطرق لمسألة الغاز الصخري الذي أدى إلى اندلاع احتجاجات في مدن الجنوب ضد قرار استغلاله، فقد تساءلت النائب نورة محيوت عن جبهة القوى الاشتراكية عن سبب مسارعة الحكومة إلى إصدار قرار لاستغلال الغاز الصخري في وقت كانت تقول فيه أن احتياطات البلاد من البترول والغاز قد ارتفعت؟ أما النائب لخصر بن خلاف فقد قال أن الاحتجاجات التي صاحبت قرار الحكومة كانت نتيجة عدم الاستشارة وعدم فتح نقاش واسع حول ملف الغاز الصخري، وستتواصل مناقشة مشروع قانون تسوية الميزانية اليوم على أن يرد الوزير ويصوت على القانون غدا.