إقبال كبير على " سيرك عمار" بقسنطينة شهد نهاية الأسبوع "سيرك عمار" الذي احتضنت عروضه ساحة ملعب الشهيد حملاوي بقسنطينة، إقبالا منقطع النظير من العائلات التي أحضرت أبناءها الصغار و الكبار منهم، من أجل الاستمتاع بالعروض الشيقة و المتنوعة و أغلبها من بطولة عدد كبير من الحيوانات المتوحشة المدربة، و رغم غلاء تذاكر الدخول تشكلت طوابير طويلة من هؤلاء الزوار، ويكلف الجلوس في الصفوف الأولى 1600 دج ،أما الجلوس في الصفوف الوسطى و الخلفية، فيتراوح بين 1300 دج و900 دج. و الملفت أن هذه الطبعة من سيرك عمار الذي حطّ رحاله بالمدينة لرابع مرة، رافقتها حملة واسعة من الدعاية اليومية عبر أرجاء قسنطينة، ما يفسر التهافت على العروض التي انطلقت في 17 مارس الفارط ، تزامنا مع عطلة الربيع بالنسبة للتلاميذ. وقد نصبت خيمة بيضاء كبيرة بساحة ملعب الشهيد حملاوي لتخفي بداخلها عالما جميلا تتنوع فيها العربات الحمراء التي تبيع البوشار والبالونات المزينة بصور أبطال الرسوم المتحركة. و أعرب مجموعة من الأطفال التقت بهم النصر على هامش العروض، عن سعادتهم الكبيرة لأن السيرك أتاح لهم فرصة الاستمتاع بمشاهدة حيوانات متوحشة و هي تقفز وتجوب الحلبة على غرار الأسود والنمور والأفاعي والزرافات ، و مثل هذه الحيوانات لم يروها من قبل إلا على شاشة التليفزيون أو قرأوا عنها في الكتب و القصص. من جهتها المكلفة بالنشطات لدى إدارة السيرك،أكدت بأن عروض هذا الموسم مختلفة عن العروض التي تم تقديمها في السنوات الماضية، حيث أضيفت تعديلات عليها زادت من روعتها على غرار استعراض الحيوانات المفترسة كالنمر والأفاعي والتماسيح إلى جانب عرض الدراجات النارية الذي يحبس الأنفاس. كما حرص المنظمون على أن تستهل العرض برقصات فلكلورية هندية تجاوب معها الأطفال كثيرا، لدرجة أن العديد منهم رقصوا في المدرجات على إيقاع النغمات الخفيفة والعالمية ،وتم تطوير عرض «ميديوزا»الساحرة الخاص بالأفاعي، حيث تغير من نمطه الكلاسيكي الذي كان يعتمد على أفاع صغيرة، و أضحى يعتمد على المزيد من الإثارة و التشويق من خلال وضع الثعابين الضخمة و المخيفة فوق المرأة النائمة.العرض أبهر الجمهور،الذي كان يتابع حركات الثعابين و يترقب لدغها و نهشها للساحرة. كما أن عرض مروض الأسود والنمور أخد جانبا كبيرا من اهتمامات الجمهور الذي ذهل من حركات الأسود الخطيرة بعد أن ضرب المروض الأرض بسوطه وهو ما جعلها تقفز من مكان إلى آخر. أما النمور البيضاء الجميلة والمرعبة في نفس الوقت نظرا لضخامتها،و شكل مخالبها و أنيابها ، فقد زرعت الخوف والمتعة في قلوب الأطفال الصغار و هي تركض في حلبة السيرك لكن ما جعل البعض يطمئن هو وجود شباك سميك يفصل ما بين الجمهور والأسود والنمور المروضة. أما فقرة المشي على الحبل فكانت مذهلة للغاية ،خاصة وأن فتية هنود قاموا بالرقص على حبل عال جدا بطريقة جعلت كل الحضور يحبسون أنفاسهم ، خوفا من سقوطهم ، إذ لم يكن يوجد في الأرضية شيء يحميهم من الموت، وتضاعفت الإثارة عندما أقدم شاب على قيادة دراجة فوق حبل ما جعل كل الحضور يصيح بصوت واحد مشجعا الفتى على الاستمرار كي لا يسقط من الحبل. وأبدى الأطفال ابتهاجهم عن طريق صرخات إعجاب وضحكات من القلب، حيث استمتعوا بمختلف العروض المتنوعة منها البهلوانية والألعاب السحرية و النارية، بالإضافة إلى استعراضات على الحبال المعلقة وعروض الدراجات الهوائية التي تميزت بالتنوع والشمولية إلى جانب عروض لتقليد الحيوانات المختلفة كالأسود و الأفاعي والأحصنة. و قد شارك في مختلف هذه العروض الفنية المتنوعة مروضون و لاعبون من من عدة دول منها ايطالياالمكسيك ، الهند والبرازيل، و قد أبدعوا في تنويع اللوحات الفنية الحركية المميزة و الشيقة التي قدموها للقسنطينيين . و الجدير بالذكر أن أصول السيرك تعود إلى مؤسسه الأول أحمد بن عمار القايد» المولود سنة 1860 بالشرق الجزائري ،و قد قام بترويض الحيوانات المتوحشة التي أذهلت عروضها كل من شاهدها في تلك الفترة ،ما أكسبه شهرة واسعة فتسنى له تقديم أول عرض بانجلترا ، وهناك تعرف على ماري بونفو التي تزوج منها و هي فرنسية الأصل،فساهمت معه في تطوير السيرك . توفي أحمد بن عمار سنة 1913،و واصلت زوجته و أبناءه الستة مساره و أصبح اسم السيرك عالميا مرتبطا بايطاليا ،بعد أن تم بيع هذا الاسم لأكبر مسيري عروض السيرك بايطاليا «أل فلوريليجيو»، لكنه عاد في السنوات الأخيرة للدولة الجزائرية تحت مسمى السيرك الوطني الجزائري وتم الاحتفاظ باسم سيرك عمار لما يحمله من دلالات جزائرية أصيلة ،اقترنت بمفهوم الاستعراض والسيرك.