لابد من تجديد علم العقيدة ومعالجة ظاهرة التكفير تعد العقيدة من أخطر وأهم قضايا الشريعة التي عني بها قديما وحديثا هل نحن ملزمون بالمنهج والموضوع الذي ترسخ في التراث أم لابد من تجديد علم العقيدة ليواكب العصر؟ إن العقيدة أصل الدين الذي اتفقت عليه الرسالات السماوية جميعها من لدن آدم إلى خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم لأن قضاياها قطعية وثابتة في أصولها وأركانها، تتعلق بأصول الإيمان كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر، ثم نشأ حول العقيدة المتضمنة في القرآن الكريم علم، أول ما أطلق عليه الفقه الأكبر ثم عرف تسميات أخرى منها علم التوحيد وعلم أصول الدين.. وقد وضع العلماء لهذا العلم مناهج وموضوعات تتباين بتباين المدارس والمذاهب العقدية، وكانت تعكس التحديات المطروحة على العقيدة عصرئذ، ولكن هذا العلم التاريخي في حاجة اليوم إلى تجديد وإعادة صياغة عقيدة بما يؤدي إلى وحدة المسلمين ويستجيب لتحديات العصر. ماهي المسائل والمقولات العقدية التي يمكن تجاوزها حديثا ولا نبقى حبيسين في دائرتها؟ إن المسائل العقدية التي لم يعد لها أثر عملي في العصر الحديث على مستوى المنهج كثيرة منها الصياغة النظرية التجريدية لأمور الإيمان حتى لا تبقى في دائرة المنهج العقلي المجرد عن البعد النفسي الوجداني الذي يميز العقيدة الإسلامية، في مصادر الوحي، حيث إن هذا العلم نشأ متأثرا بالفلسفة اليونانية والمنطق الأرسطي التي تبنت العقل المجرد في تناول مسائل الإلهيات، لذا يجب التركيز على البعد النفسي وكذا الجانب الاجتماعي الذي يتجلى في مختلف مقولاتها وأسسها، فمن العبث اجترار المسائل الخلافية القديمة التي هي اجتهادات بشرية محكومة بظروف زمانية ومكانية، مثل قضية خلق القرآن وبعض مسائل الصفات والذات، أو الرد على بعض الفرق البائدة التي لم يعد لها وجود فكري أو عملي، ولا مانع من الاستفادة من مناهج العصر العلمية الطبيعية والإنسانية التي تكشف السنن المطردة في الكون والنفس والمجتمع الدالة على أفعال الله تعالى المفضية إلى إثبات وجود الله ووحدانيته وعظمته. تعج الساحة الإسلامية المعاصرة بالكثير من الفرق القديمة التي ورثناها عن التاريخ الإسلامي، هل يمكن تحقيق التقارب المذهبي بينها لاسيما وأن الصراع بينها أصبح في بعض الحالات دمويا وطائفيا؟ إن الحوار الذي شرع فيه البعض باسم التقارب بين المذاهب الإسلامية لم يفض إلى نتيجة تذكر؛ لأنه انصب على قضايا جزئية عاطفية بل كانت آثاره كارثية في واقع المسلمين؛ لذلك فلا مناص من القيام بمراجعات ذاتية لدى كل الفرق بما يجعلها تتطابق في مناهجها وآرائها العقدية مع كليات القرآن الكريم الإيمانية، والخروج من الدائرة المنغلقة على المذهب؛ لأن أصل الفرق سياسي وليس ديني ولكنه اتخذ في المسار التاريخي صبغة الدين وأقحم في أصوله؛ ولابد من مراجعة المنهج بأكمله أصولا وفروعا. تنتشر في المجتمع المسلم المعاصر ظاهرة التكفير، وادعاء بعض الفرق أنها الفرق الناجية دون غيرها، بما تفسرون هذه الظاهرة وما معالم علاجها؟ إن ظاهرة التكفير ظاهرة مرضية تنتشر في ربوع العالم الإسلامي كالنار في الهشيم ومن العوامل التي أفرزتها الجهل بالدين أو الغلو فيه والتعصب المذهبي الطائفي الذي يصطلح عليه بالفرقة الناجية أحيانا علاوة على بعض ردود الأفعال على ضغط التيار الإلحادي المستهتر بالدين والمستفز لمشاعر المسلمين في ديار الإسلام، والظلم الاجتماعي والتهميش والاستبداد وغيرها من العوامل، ولعلاج الظاهرة لابد من إشاعة العلم الصحيح بالدين أولا وذلك بتوظيف المؤسسات الدينية والتربوية والإعلامية وإدماجها في هذا المشروع، وترسيخ قيم احترام الدين على مستوى القوانين وواقع المسلمين واحترام مشاعرهم والسعي لمجابهة بؤر الفقر والاستبداد والظلم الاجتماعي.