أم الدنيا تحجب الأضواء الإعلامية عن انتفاضة الياسمين سرقت أحداث مصر الأخيرة الضوء من شقيقتها تونس التي شغلت ثورتها الرأي العام العالمي لأكثر من أسبوعين، قبل أن تكسف شمسها لأن قمر مصر غطى عليها إعلاميا و خطف منها الأضواء عربيا و غربيا. و عكس تونس التي اقتصرت تغطيات وسائل الإعلام العالمية على مظاهراتها و أخبار عائلة الرئيس أكثر من أي شيء آخر، وجدت الصحافة مادة إعلامية متنوعة في أحداث مصر، ، خرجت عن الحدود السياسية و الاقتصادية إلى المنوعات التي طبعها الاهتمام المفرط بردود فعل الفنانين و نجوم مصر في مختلف المجالات الفنية و الثقافية تارة و تسجيل المواقف الطريفة و المتميزة للمتظاهرين كالزوج الشاب الذي اختار عقد القران بميدان التحرير الذي خلدته هو الآخر هذه الأحداث، حيث كتبت و عرضت حوله العديد من التقارير التي أشادت بتاريخه العريق كأحد أكبر ميادين القاهرة و الذي عرف في بداية تدشينه باسم ميدان الإسماعيلية نسبة إلى الخديوي إسماعيل قبل أن يتغيّر إلى "ميدان التحرير" تمجيدا لثورة 1919 و الذي شبهت الصحافة الغربية تصميمه بتصميم ساحة "شارل ديغول" بالعاصمة الفرنسية باريس و المعروفة بمعلمها التاريخي "قوس النصر".و بالإضافة إلى أحداث أيام الجمعة التي ستبقى دون شك خالدة في ذاكرة الشعوب لما حملته من معان قوية "جمعة الغضب"، جمعة الرحيل "و الصمود... نجح شباب مصر من خطف الأضواء من السياسيين و التي أجمعت الصحف العربية و الغربية على تفوقهم على القيادات "المحنطة"على حد وصف الأديب أحمد علي بصحيفة الوطن القطرية و الذي انضم إلى إعلاميي العالم في اعتبار شباب مصر محرك الثورة التي فشلت الأحزاب المصرية في إشعالها منذ عهود و اكتفت بلعب دور"الكومبارس" في مسرحية"الزعيم" الشهيرة. و تناقلت وسائل الإعلام يوميات شباب مصر مع التعذيب و الذل و البطالة و مختلف الضغوطات التي ساهمت في تفجير غضبه و خروجه إلى الشارع غير مبال بولاء القوات المسلحة للسلطة الحاكمة. و أخذ خبر الإفراج عن الناشط الالكتروني وائل غنيم الذي أطلق عليه اسم "وائل غوغل" حظه من التغطيات الإعلامية مثلما حدث مع زميله الشهيد خالد سعيد الذي لا زال اسمه يردد بميدان التحرير "كلنا خالد سعيد" تعبيرا عن رفض سياسة الترهيب التي يعتمدها الأمن في مصر.و كان للحلاق المجاني بميدان التحرير و تطوّع النساء لتنظيف خيام الرافضين لمغادرة ميدان الاحتجاج و استقالة الصحفية التي رفضت الانسياق وراء أكاذيب إدارة قناة التلفزيون الحكومي التي تعمل بها و انضمامها للمتظاهرين و استقالة الناطق باسم الأزهر و غيرها من الأحداث المثيرة مكانا بصفحات الجرائد و المواقع الإلكترونية و الأخبار التلفزيونية مما جعل مصر حاضرة 24ساعة على 24ساعة بكل البيوت العربية و هي المشاهد التي أعادت إلى الأذهان صور غضب الشعب العراقي و الإطاحة بصدام حسين.و إن كانت أحداث مصر قد حجبت بشكل أو بآخر أحداث تونس فإن هذه الأخيرة لن تفقد أهميتها و مكانتها في تحريك الوعي الجماهيري العربي و انتفاضة الشعوب بعد صمت طويل.