موجة الحرّ تدخل المدينة في سبات و تحبس القسنطينيين داخل منازلهم يلاحظ المتجول في شوارع قسنطينة بداية من الساعة الحادية عشرة صباحا و إلى غاية السادسة زوالا ، بأن المدينة تغط في سبات عميق . تراجعت حركة المارة و أغلقت غالبية المحلات أبوابها . واجهات العمارات يميزها مظهر النوافذ المغلقة بإحكام بسبب موجة الحر التي جعلت القسنطينيين يفضلون " الإعتكاف " في منازلهم إلى غاية غروب الشمس. حرارة الطقس التي بلغت درجات قصوى منذ بداية الشهر الماضي و وصلت حد 46 درجة مئوية مع أول أيام أوت الجاري ، صاحبها إرتفاع محسوس في رطوبة الجو التي بلغت 40 بالمائة . هذا ما زاد من معاناة القسنطينيين المضطرين لقضاء الصائفة في منازلهم أو خلف مكاتب العمل ، نتيجة نقص كبير في مرافق الإستجمام و السياحة ، وهو ما دفع بالأطفال و الشباب إلى السباحة في مياه المجمعات المائية و النافورات. العائلات القسنطينية إتخذت بدورها كافة الإحتياطات لمواجهة موجة الحر، فالنوافذ تغلق بإحكام و لا تفتتح إلا بعد الزوال بفترة . يعتمد الجميع على المكيفات الهوائية، و هي العادة التي خلقت مشكلا إضافيا يتمثل في إنقطاع التيار الكهربائي الناجم عن ضغط الإستهلاك . ببلدية الخروب مثلا تسجل بها إنقطاعات يومية لمدة 15 دقيقة إلى ساعة كاملة ، بداية من الساعة الثانية ظهرا و إلى غاية الرابعة. فئة أخرى من القسنطينيين تتخوف من خطر الزلازل بسبب درجات الحرارة التي يعتبرها البعض غير طبيعية . إذ يعتقد الكثيرون بوجود علاقة بين حرارة الجو و حركة الزلال . ما جعل البعض يعيش ضغطا نفسيا غير مسبوق . موازاة لذلك إكتفى العديد من المواطنين بشراء مكيفات هوائية ، لا تقل أسعارها عن مليوني سنتيم. أمام موجة الحر التي تعيشها قسنطينة ، صارت محلات البوظة الواقعة بمدينتي الخروب و علي منجلي ، و بحيي سيدي مبروك و المنظر الجميل ، المقصد الوحيد للعائلات التي تقاطع الشارع نهارا لتجنب الحر و ضربات الشمس القوية . يجد الكثيرون في هذه المحلات مكانا للتنفس و الهروب من ضغط الظهيرة ، خصوصا و أن غالبيتهم يقضون ما بين خمسة إلى ستة ساعات كاملة مختبئين من الحر، سواء داخل منازلهم أو في أماكن العمل. حركة النقل بشوارع المدينة تأثرت هي كذلك بدرجات الحرارة ، إذ يضطر الفرد إلى الإنتظار مطولا لركوب سيارة أجرة . طبعا إذا توفرت ووافق سائقها على الوجهة المطلوبة ، على إعتبار أن غالبية السائقين يفضلون أخذ قيلولة ما بعد الظهر و إستئناف العمل بعد الرابعة زوالا . آخرون يضطرون إلى إحتمال ركوب حافلات النقل العمومي بإكتظاظها وحرارتها و روائحها و إزعاجها الشديد. نور الهدى طابي/تصوير: الشريف قليب