جهود لجمع أشعار نسوية مجهولة المصدر رصد الباحث المتخصص في الأدب الشعبي، عبد الحميد بورايو عينات من نتائج الأبحاث الأكاديمية المهتمة بالأقوال الشعرية في الغناء الشعبي و الألعاب و الطقوس الممارسة من قبل النساء في مختلف المناسبات. الأستاذ المحاضر بجامعة تيبازة ،تحدث في مداخلة قدمها أمس خلال تظاهرة الشعر النسوي بقسنطينة، عن الجهود المبذولة في جمع و دراسة الشعر المديني النسوي و الذي عادة ما يعتبر شعرا جمعيا، باعتباره مجهول المصدر، رغم انتشاره و استمرار ترديده بالمناسبات الاجتماعية ، مثلما هو الحال بالنسبة للأشعار التي يزخر بها لون الحوفي الذي ترّدده الأمهات في تلمسان عند مداعبة أطفالهن، مشيرا إلى الثراء اللغوي و عبقرية البوح التي تتضمنها هذه الأشعار و الأقوال المرّددة في شكل غناء كالحوفي، الهوبي و السبيبة أو بوقالة. و من الأبحاث التي استند إليها تلك التي قام بها الباحث شاوش يلس بخصوص الشعر النسوي الحضري التلمساني الحوفي و تقارب أقواله الشعرية مع تلك الموجودة في البوقالة الممارسة بمختلف مناطق الوطن، و هو الشعر الذي تناوله الكثير من الباحثين الفرنسيين دراسة و بحثا حسبه إلى جانب عدد من الإعلاميين الجزائريين، مشيرا إلى أن ثمة من اعتبرها طقوسا للشعوذة و السحر، فيما صنّفها البعض الآخر كالإعلامي و الباحث الحمصاجي كمجرّد لعبة تؤدى لأجل الترفيه تميّزها أقوال شعرية تعكس نفسية المرأة و ظروفها الاجتماعية، و تعنى بالحياة اليومية للحواضر و الحب و الطبيعة التي لها علاقة بالموشحات الأندلسية مثلما جاء في تحليل أدبي آخر قامت به الباحثة جنيفييف قديس. و ذكر بأنه رغم جهل حقيقة مؤلفي هذا النوع من الإبداع الأدبي الشعبي ، يبقى من إنتاج المرأة الجزائرية عبر عصور مختلفة، خاصة في الغناء المصحوب بالموسيقى و الذي فرض نفسه و تبناه الكثير من المغنيين المعروفين سيّما في لون الموسيقى الأندلسية، مضيفا بأن هذا التراث له قيمة تاريخية و انثروبولوجية و ثقافية، مؤكدا على ضرورة الاهتمام أكثر بالظواهر الأدبية الشعبية و إخضاعها للدراسة كالأقوال الشعرية المسجلة في «الهوبي» المعروف ببشار و ما ارتبط به من طقوس العبور الممارسة من قبل عدد من المجتمعات في مناسبات اجتماعية الهدف منها منح الفتيات في سن الزواج فرصة اختيار شريك الحياة، و التي تؤدي خلالها النساء أغان بكلمات من تأليفها، كما عرّج المحاضر على طقس السبيبة مستندا إلى أبحاث الأنثروبولوجية مريم بوزيد سبابو، التي تضمنت أيضا طقس العبور الذي تقال فيه أشعار متميّزة عبارة عن مديح الذات الجمعية و هجاء الآخر. وذكر في الأخير بأنه رغم ما بيّنته بعض الأبحاث من حقيقة أن الكثير من تلك الأشعار ألفها رجال مثلما هو الحال بالنسبة للون الحوفي المفعم بالغزل، فإنه يحمل نظرة المرأة للرجل من خلال تكييف النساء لهذه الأشعار مع ظروفهن، عكس السبيبة الذي أكدت أبحاث مريم بوزيد أنها أشعار نسوية محضة، معتبرا إعادة الذاكرة نوعا من الإنتاج و الإبداع أيضا. و من جهتها قدمت الدكتورة راوية يحياوي مداخلة تطرّقت من خلالها إلى تماهي الذات مع المدينة في المنجز الشعري النسائي، مستشهدة بأمثلة من قصائد عدد من الشاعرات مثل وسيلة بوسيس و لطيفة حساني و غيرهن، أما الدكتور جلال الخشاب من جامعة سوق أهراس فتطرّق إلى الأبعاد النفسية و الجمالية للمدينة في الشعر النسوي.