يتهافت سكان عين عبيد بولاية قسنطينة هذه الأيام التي تشهد انخفاضا محسوسا في درجات الحرارة على تناول صحون الفول الساخن و احتساء مرقه الحار، مما ساهم في رفع عدد باعته المتجولين ، خاصة و أن الكثير من مستهلكي الفول يعتقدون بأنه بالإضافة إلى فوائده الغذائية هو دواء يخفف من تأثير نزلات البرد في الشتاء. عبد الوهاب أحد باعة الفول بالمنطقة يقول أنه اتخذ من هذا النشاط منذ عدة سنوات حرفة له عوض الاستسلام للبطالة، فملأ فراغ أيامه و استطاع بدخله البسيط أن يؤمن قوت أسرته، و قد اشتهر ببيع الفول الذي بدأه في أول الأمر كتجربة، لكن بمرور الزمن تحول إلى محترف، وهذا ما يمكنه أحيانا من تسويق أكبر قدر ممكن في اليوم. عن طريقة تحضيره للفول، يقول أنه ينقعه في الماء ليلا، و خلال الساعات الأولى من الصباح الباكر يمزجه بمرق يعتمد في تحضيره على التوابل، و في مقدمتها الفلفل الأحمر الحار و الجاف الذي يضفي عليه مذاقا مميزا، و يضعه على النار حتى ينضج، ، من أجل عرضه ساخنا ، على زبائنه الذين يفضل الكثير منهم احتساء مرقه الحار و الساخن، دون حبات الفول، للتخفيف من أعراض الزكام شتاء، و يقدمه عبد الوهاب للمرضى عادة دون مقابل،كما أكد. صحون الفول هذه التي لا يقدم معها الخبز، تصل إلى الزبائن عبر شوارع المدينة، فيلتفون حول العربة الصغيرة ليلتهموا الحبات الساخنة، ويكتفي بعضهم بالمرق. و في أحيان عديدة يتناول بعض المارة أكثر من صحن، وتطلب فئة أخرى إضافة حبات فول أخرى إلى الكمية الموجودة في الصحن، أو مقدارا آخر من المرق، و يتنقل عبد الوهاب إلى شارع آخر، وهكذا دواليك إلى أن يفرغ حمولة قدر الفول و يشبع رغبة زبائنه، ممن تعودوا على تناول هذه الأكلة يوميا. و يحافظ عبد الوهاب على محتوى القدر ساخنا، عن طريق لفه بطبقة من الجرائد، بينما كان عمي السعيد الفوال، أول بائع لذات الأكلة بالمنطقة، يضع تحت القدر داخل العربة الصغيرة، موقدا «كانون» يضم قطعا من الفحم ليضمن بقاء الفول في درجة حرارة عالية وبطعم شهي. و كان عمي السعيد ذائع الصيت في هذا المجال، قبل أن يضطر بعد أن تقدم به العمر، إلى التوقف عن ممارسة النشاط و التفرغ لسرد القصص و الأحاجي التراثية و النكت على أبناء عين عبيد ، و يعد أهم مرجع في عادات و تقاليد المنطقة المتعلقة بالفلاحة ، و المناسبات ومختلف الأعياد المحلية، ومرجعا في الأحاجي.