لا يبدو عليها ثقل السنين وهي تحاورك، فهي من حيث النشاط في عمر شابة، ومن حيث الذاكرة في عمر الكهولة، ومن حيث الإقبال على الحياة في عمر الزهور، محاورة رائعة بامتياز، تصر على صيام رمضان كفريضة وتتمسك بصوم أيام من شعبان و رجب، إذا استطاعت إلى ذلك سبيلا، الجدة صرهودة ستيتي لم تترك السنون الثقال آثارها عليها، بالرغم من أن وثيقة ميلادها و بطاقة تعريفها الوطنية تؤكد أنها من مواليد 06 جويلية 1894 بشينيو بولاية قالمة، أين ولدت وترعرعت قبل تنقلها إلى مدينة تبسة. عاشت الجدة صرهودة أجمل أيامها بتبسة، حيث تزوجت في سن العشرين وأنجبت 15 ولدا، من بينهم 6 كتبت لهم الحياة، فأرخوا من جديد لتواصلها مع 24 حفيدا، و تحتفظ الجدة صرهودة بتفاصيل دقيقة عن مدينة تبسة القديمة التي توسعت و تضاعفت أحياؤها، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عقود، قالت أن تبسة كانت محاطة بالحقول و المروج التي صارت لاحقا بنايات، كما أن ذاكرتها مشبعة بصور الاستعمار الفرنسي الذي كان ينكل بالجزائريين، في الوقت الذي تذكرك برؤساء الجزائر من الحكومة المؤقتة، إلى غاية الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، الذي تقول إنها كانت تصوت له منذ ترشحه للرئاسة سنة 1999. الجدة صرهودة لا تتوانى عن توجيه النصح للجزائريين من أجل المحافظة على الجزائر التي تعتبرها أمانة تركها الشهداء و المجاهدون، وعلى الجيل الجديدة المحافظة على هذه الأمانة، وبرأي الواثقة فإنها تتوقع مستقبلا زاهرا للجزائر. ابنة 122 عاما، تعد من أكبر المعمرات بولاية تبسة، إنها تعيش في منزل أحد أبنائها بقلب مدينة تبسة، في جو تسوده الألفة و الدفء العائلي، طعامها بسيط وغير مرتبط بالأطباق المعاصرة، و لا تعاني إلا من مشكل صحي واحد هو ارتفاع الضغط الدموي، و ظل طبيبها الدكتور مصطفى حابس يتابعها طيلة عقود، وبعد تقاعده توجهت لأحد الأطباء الذي نصحها، كما قالت، بإخفاء سنها مازحا، لكي لا تصاب بالعين، مشيرة إلى أن عيناها لا تزالان قادرتين على الإبصار و التمييز بين الأشياء، رغم تقدمها في السن. جدير بالذكر أنه تم أمس الأربعاء تكريم السيدة صرهودة، باعتبارها أكبر معمرة بولاية تبسة، من طرف دار المسنين وجمعية جسر الأمل لأطفال التوحد، بالتنسيق مع مديرية النشاط الاجتماعي و التضامن، حيث جرى حفل التكريم بدار المسنين بمدينة بكارية، و ذلك بمناسبة اليوم الوطني للمسن، كما تضمن الحفل معرضا خاصا بأنشطة المقيمين بهذه الدار البالغ عددهم 67 شخصا، و وزعت في الوقت نفسه 5 كراس متحركة على المقيمين بدار المسنين، في الوقت الذي تم تنصيب مكتب للوساطات الاجتماعية وهو المكتب الذي ستعهد له مهمة فض النزاعات العائلية قبل وصولها إلى القضاء.