أولى سهرات ديما جاز بنكهة اسكندنافية و توابل موسيقية قسنطينية ألهبت فرقة «سلتيك سوشيال كلوب» الفرنسية الاسكتلندية، أول أمس قاعة العروض الكبرى أحمد باي بقسنطينة لدى افتتاح أولى سهرات الطبعة الرابع عشرة من المهرجان الدولي ديما جاز، إذ قدمت عرضا ساحرا نقل عشاق الجاز إلى السهول الاسكندنافية الخضراء، من خلال عزف محترف لمقاطع موسيقية وألحان من عمق الثقافة السلتية، امتزجت في نهاية السهرة بصوت الدربوكة و البندير المحليين، فكان العرض متكاملا متحررا من كل الحدود الجغرافية و الاختلافات الثقافية و الحضارية. الفرقة المتكونة من ستة أفراد من بينهم أربعة عازفين و مؤديين، استهلت عرضها بإلقاء التحية بلغة عربية سليمة و عبر أعضاؤها عن فرحهم بتواجدهم في مدينة قسنطينة التي قالوا عنها بأنها ساحرة طبيعة و فنا، قبل أن يتركوا الكلمة لآلاتهم الموسيقية المنفردة التي أبدعت مقاطع مختلفة من موسيقى الجاز ، الفلوك الريغي، الهيب هوب، الروك أند رول و البوب، فأدوا في البداية أغنية نادي «سلتيك سوشيال كلوب» وهي محاكاة لرحلة ميلاد الفرقة و موسيقاها المستمدة من عمق التراث السلتي، الفرقة مزجت بين الأداء الصاخب الحيوي و بين الجاز الهادئ، فغنت «برانساس دو لوريون» أي أميرة الشرق، بالإضافة إلى «تايم تو لوف»أي وقت الحب، كما غنت « ماي بلاسد بوي» أي فتاي المبارك، بالإضافة إلى أغنية «لودياك»، ومقطع «شيز دانسينغ» أي أنها ترقص. و بالرغم من أن الحضور لم يكن كثيفا مقارنة بالطبعات السابقة التي تعدى جمهورها عتبة 3 آلاف متفرج، إلا أن التفاعل كان كبيرا مع أداء الفرقة التي هزت مشاعر الحضور بأغنية « كريسماس 1940»، وهي أغنية مستمدة من عمق التراث الأوروبي، تتحدث عن مجموعة من الجنود خلال الحرب، اجتمعوا في ليلة هانئة فغنوا و استرجعوا ذكرياتهم و تبادلوا الصور، كما لعبوا خلالها كرة القدم، فكانت ليلة سلام خلدتها الموسيقى الشعبية و أعادت الفرقة توزيعها من جديد. الحفل كان ناجحا بكل المقاييس، رغم الخلل التقني الذي سرق هدوء القاعة في البداية، فالجمهور على قلته تجاوب بشكل كبير مع الأداء و الألحان ورقص حتى النهاية، أما العازفون فكانوا يرددون عبارات الشكر و الامتنان، قبل أن يهدوا الحضور توليفة موسيقية جميلة مزجت بين موسيقى الهدوة المحلية و أداء سيلتيك سوشيال كلوب الحيوي، فاستنطقت الفرقة القيثار و قرع القسنطينيون بقوة على البندير، أما الدربوكة فكانت لها وصلة خاصة أداها بالتنسيق مع أعضاء الفرقة العازف مصطفى العربي. محافظ المهرجان الدولي ديما جاز زهير بوزيد علق في نهاية الحفل على الإشكالية التي أخرت الإعلان عن احتضان قاعة العروض الكبرى أحمد باي لهذه الطبعة الجديدة من المهرجان، بعدما نفى الديوان الوطني للثقافة و الإعلام توقيع أي اتفاق مع المحافظة، بأن للديوان الحق في المطالبة بمستحقاته كمؤسسة، لكن المهرجان قبل كل شيء تابع لوزارة الثقافة، وله الحق في الاستفادة من المرافق الثقافية، مشيرا إلى أن المشكل لا يكمن في التسيير، لكن في عدم تحديد الوضعية القانونية للقاعة إلى غاية اليوم. تجدر الإشارة إلى أن الطبعة الحالية من المهرجان ، ستعرف برمجة سحب طومبولا للفوز بسيارة من نوع «سانديرو ستايب واي»، أما باقي السهرات فستحييها كوكبة من نجوم الجاز من الجزائر و مختلف الدول من بينهم جمال صابري و كورتني باين. نور الهدى طابي مانو ماسكو وجيمي أونيل، عضوا فرقة سيلتيك سوشيال كلوب في ندوة صحفية حان الوقت لننفتح على الثقافات و نتجاوز الاختلافات الحضارية عبر أعضاء الفرقة الفرنسية الاسكتلندية سيلتيك سوشيال كلوب أمس، خلال ندوة صحفية نشطوها عقب إحيائهم لأولى سهرات مهرجان ديما جاز، عن إعجابهم بالموروث الموسيقي القسنطيني، لهذا خصصوا فقرة من فقرات العرض لإشراك موسيقيين من المدينة، عزفوا معهم مقطوعة غنائية امتزج فيها الطابعان الشرقي و الغربي، وهو مزيج قالوا عنه، بأنه «ضروري لتغذية الإبداع»، مشيرين إلى أن الوقت قد حان لينفتح أبناء الأرض جميعا على ثقافات بعضهم البعض، و يتجاوزوا اختلافاتهم الحضارية. مانو ماسكو، عازف الطبل الفرنسي مؤسس الفرقة، و زميله الاسكتلندي جيمي أونيل، أوضحا خلال الندوة بأن قسنطينة تعد محطة أخيرة لجولة فنية للفرقة بدأت قبل أربع سنوات، مشيرين إلى أن فرقتهما طالما عمدت إلى مزج موسيقاها بطبوع و ألوان أخرى من ثقافات مختلفة، إذ عملت مسبقا مع فنان سينغالي أضاف الى عزفها روحا إفريقية، فضلا عن أن جولاتها في العالم و حفلاتها في أوروبا و فرنسا تحديدا، أين تتواجد نسبة كبيرة من الجالية المغاربية ، سمحت لها بتكوين فكرة جيدة عن موسيقى شمال إفريقيا و الإلمام ببعض جوانبها، خصوصا ما تعلق بالآلات الموسيقية إذ سبق لأحد أعضائها أن اقتنى دربوكة بعد أن عشق صوت القرع عليها خلال حفلة للشاب مامي بسويسرا. وقال مانو ماسكو، بأن فرقته تحب المزج بين الطبوع و المغامرة في ما يتعلق بإدخال آلات أو مقاطع موسيقية جديدة على أدائها، مشيرا إلى أن فقرة القرع على الدربوكة خلال حفل قسنطينة، تم التحضير لها في أقل من خمس دقائق، رغم ذلك أنتجت مزيجا فنيا ناجحا وجميلا، ما يعني أن المغامرة في الفن ضرورية لتجديده، وهو توجه تختلف فيه الفرقة مع بعض الفنانين المحافظين الذي يميلون إلى التمسك بالروح القديمة للموسيقى التقليدية. سيلتيك سوشيال كلوب، حسب أعضائها، ورغم أنها تعتمد في موسيقاها على الموروث السلتي الاسكتلندي و الايرلندي و البريطاني و حتى الإسباني القديم، الذي تعود جذوره إلى القرنين 18و 19، إلا أنها تعمد دائما إلى إعادة توزيعها و خضرمتها من خلال مزجها بالطبوع المعاصرة كالبلوز و الفولك و الروك أند رول و الريغي، لإعطائها روحا و نفسا جديدا. بدوره أضاف عازف القيثار جيمي أونيل، بأن مبدأ الفرقة التي تأسست سنة 2014، قائم على أهمية الانفتاح على الآخر و الأخذ منه، مؤكدا بأنه على الفنان أن لا يخاف من الاختلاط بالآخر، فالاختلافات الثقافية مهما كانت، إلا أنها تنبع كلها من روح واحدة هي الأرض، و هناك دائما نقاط تقارب و تشابه في ما بينها، فالبندير مثلا، يشبه في صوته كثيرا آلة البودران الاسكتلندية. من جهة ثانية، أوضح الفنانون بأن ما يقدمونه لا ينحصر في لون غنائي واحد لأن الجاز موسيقى واسعة لا تعترف بالحدود و المقاييس، لذلك فإن الحديث عن بعد أعمالهم عن روح الجاز الحقيقية ليس صحيحا، أما بخصوص جديدهم فكشفوا عن ألبوم متنوع سيصدر نهاية نوفمبر الجاري.