"حياة الشارع أهون من ظلم الزوج وتجاهل الأقارب" يرفض الكثير من الأشخاص دون مأوى الالتحاق بمراكز الرعاية الاجتماعية، رغم قسوة الشتاء و المخاطر المحتملة التي قد يتعرضون إليها ليلا ،من قبل عصابات الإجرام ،الأمر الذي يثير حيرة اللجان الولائية المكلفة بهذه المهمة و دهشة المحسنين . لحظة تفقدك وضعية الأشخاص بدون مأوى، تدرك قمة المعاناة و الآلام ومتاعب الحياة التي دفعتهم إلى هذه الأمكنة الضيقة، يفترشون الأرض بمختلف المواد كالكارتون و البلاستيك لامتصاص برودة الأرضية، وعادة ما يختارون الأفنية الخارجية المغطاة للمساجد، أو بالقرب من مقرات الامن لحماية أنفسهم من الاعتداءات المحتملة التي يتعرضون إليها من قبل قطاع الطرق وعصابات الإجرام خاصة بالنسبة لفئة النساء المتشردات. الأمر الذي يثير الدهشة و الاستغراب أكثر أن الكثير من عديمي المأوى يرفضون الالتحاق بمراكز الرعاية الاجتماعية التي يوفرها الهلال الأحمر الجزائري و المراكز التابعة لمديرية النشاط الاجتماعي ولو مؤقتا، حسب عبد الله بلقاسم رئيس مكتب بمديرية النشاط الاجتماعي بولاية عين الدفلى، حيث يكتفون، كما قال، بالمساعدات المقدمة كالألبسة والأغطية و الوجبات الساخنة وتفقد حالتهم الصحية من قبل اللجنة الولائية المكلفة بهذه المهمة. تم لحد الآن إحصاء 18 شخصا عبر شوارع المدينة، و رغم محاولات إقناع أعضاء اللجنة و من بينهم الحاج قدور إمام مسجد الخضراء، نصحهم بعدم تعريض النفس البشرية للهلاك، مدعما حديثه بأدلة من الكتاب و السنة، إلا أنهم لم يقتنعوا بذلك، مفضلين المبيت في العراء تحت درجة الصفر. لكل شخص قصة يصعب انتزاع تفاصيلها، فهناك من هرب من البيت تحت ضغط المشاكل العائلية، و أخرى استقرت منذ 4 سنوات تحت سقف المسجد العتيق بسبب حمل غير شرعي، في حين يبرر البعض التحافهم السماء تحت مبرر الحاجة وعدم امتلاك مسكن، فيما يجد البعض الآخر أنفسهم مضطرين لامخيرين في البحث عن عمل، أو انقطعت بهم السبل بفعل تراكم الثلوج عبر الطرقات،غير أنهم متفقين على أن الخير لا يزال متجذرا في المجتمع من خلال المساعدات المقدمة من طرف المحسنين أو الجمعيات الخيرية التي تبادر كل مرة بتوزيع الأغطية و الأفرشة عليهم. إحدى السيدات قدمت من مدينة شرشال بتيبازة إلى عين الدفلى، روت بمرارة للنصر العنف الذي تعرضت له من قبل زوجها و حرمانها من رؤية أبنائها، مؤكدة بأن حياة الشارع أهون من ظلم الزوج و تجاهل الأهل و الأقارب .