سلال : الجزائر ستصبح بلدا ناشئا اقتصاديا في آفاق 2020 قال الوزير الأول عبد المالك سلال أمس الأربعاء، خلال زيارته الميدانية لولاية وهران، أن الجزائر سطرت إستراتيجية خاصة تهدف بمقتضاها إلى أن تصبح بلدا ناشئا إقتصاديا في آفاق 2020، أي بعد ثلاث سنوات وذلك بفضل المشاريع الاستثمارية الكبرى التي ستعيد رسم خريطة اقتصاد البلاد وتنتقل به من إقتصاد مرتكز على مداخيل النفط إلى إقتصاد متنوع بفضل الصادرات خارج المحروقات التي طالب سلال بأن يتم رفع وتيرتها بما يسمح بدخول الأسواق العالمية بمنتوج جزائري في أقرب الآجال. ولتحقيق النماء الاقتصادي، شدد الوزير الأول أيضا على ضرورة توسيع الشراكة بين القطاع العمومي و الخواص وكذا بين الخواص أنفسهم، وهذا من أجل تكثيف الجهود لترقية المنتوجات وتجاوز العراقيل الممكنة، حيث وجه الوزير الأول هذه التوجيهات لكل المتعاملين الإقتصاديين الذين وقف عند مشاريعهم اليوم بوهران، ومن خلالهم للمستثمرين الوطنيين في مختلف المجالات. استهل الوزير الأول زيارته الميدانية لوهران أمس بالوقوف عند المزرعة النموذجية أين دعا الفلاحين للسعي للشراكة فيما بينهم من أجل ترقية ورفع الإنتاج في المواد الفلاحية المختلفة لتجاوز العراقيل التي تطرح في الميدان وعلى رأسها مياه السقي، وهنا حث سلال الفلاحين على ضرورة إستخدام آليات عصرية للسقي التي تسمح بحسن توزيع المياه وتوفيرها على مدار السنة خاصة في الفترات التي تجف فيها المنابع، لأن الماء هو العصب الأساسي لتطوير الفلاحة و أعطى الوزير الأول تعليمات لمضاعفة إستعمال المياه المعالجة من محطات الضخ والتصفية والتي تصل حاليا ل 400 مليون متر مكعب ويرتقب رفعها لتصل إلى 800 مليون متر مكعب لاحقا، والتي من شأنها دعم الموارد المائية الأخرى المخصصة للسقي الفلاحي، كما أرشد الفلاحين للتوجه لإستعمال المياه المالحة مثل مياه السبخة بوهران والتي يمكن أن تسقي مساحات إنتاج مادة القرنون لتوجيهها أيضا للتصدير. وإعتمادا على هذه التقنيات قال سلال أنه يجب رفع الإنتاج الفلاحي ومردود المساحات المسقية لجعلها تصل ما بين 40 و50 قنطارا في الهكتار في الشمال و70 قنطارا في الهكتار في الجنوب الذي يتوفر على كميات مرتفعة من المياه. جاء هذا أثناء وقوفه عند المزرعة النموذجية «أوروس» للإنتاج الفلاحي والتي تقع في سهل ملاتة القريب من محطة ضخ المياه المعالجة بالكرمة ولكن لا تستفيد المزرعة كثيرا من تلك المياه في السقي مما جعل مردودها قليلا مقارنة بالأراضي الشاسعة التي تتربع عليها والتي تفوق 1400 هكتار منها فقط 285 هكتارا مسقية وينتظر أن تنتج حوالي 40 ألف قنطار هذا العام من الفواكه المختلفة. السكنات الذكية هي النمط العمراني الإلزامي في المشاريع الجديدة وفي مجال السكن، أوضح الوزير الأول أنه يجب المرور لإنجاز سكنات ذكية وعصرية وطي ملف النمط القديم للبناء وهذا بربط المدن العمرانية الجديدة بكوابل الإتصالات السلكية واللاسلكية قبل إنطلاق أشغال الإنجاز، مشيرا إلى أن الدولة وضعت صيغا مختلفة للسكن و طالبت بإرفاقها بمرافق حياتية، ولكن يجب وفق الوزير الأول إشراك المقاولين الخواص في الإنجاز بمقاييس عالية. وبالقطب العمراني الجديد بمسرغين الذي سيطلق عليه تسمية «المدينة الجديدة زبانة»، طالب سلال بإلزامية إيجاد سبل لربط المدينة العمرانية الجديدة بالسبخة، التي قال أنه وفق معطيات الأقمار الصناعية فهي لا تتوسع بعد إتخاذ الإجراءات المناسبة، مما يدفع لإستغلالها لبعث الحياة في محيطها من خلال هذا الربط الذي سيسمح بإنعاش الحركية فيها وجعلها متنفسا للقاطنة مستقبلا، وبهذا يتم تحويل المعضلة إلى قيمة سياحية مضافة مثلما قال سلال، الذي أكد أن قرار الموافقة النهائية على المخطط العمراني للمدينة الجديدة سيكون قبل بداية الدخول الإجتماعي القادم. نصف مليون طن من السكر ستصدر سنويا وبمصنع السكر الذي دشنه الوزير الأول أمس ليدخل الخدمة ب 700 ألف طن سنويا، شدد سلال على ضرورة توجه كل منتجي السكر في الجزائر نحو تصدير هذه المادة للخارج، خاصة وأن الجزائر ستحقق بفضل هذا المصنع اكتفاء ذاتيا من مادة السكر وبالتالي يجب توجيه الفائض للتصدير، مبرزا أن حاجيات السوق الوطنية من السكر تصل إلى ما بين 1,6 مليون طن و 2 مليون طن سنويا وبدخول هذا المصنع حيز الخدمة سيصل المنتوج إلى 2,5 مليون طن سنويا مما يعني أن أكثر من نصف مليون طن من السكر يمكن تصديرها سنويا في إنتظار دخول مصانع أخرى في الإنتاج. كما أبرز سلال أن المشروع يتطلب العمل أيضا على إطلاق إنتاج الشمندر السكري في مساحات فلاحية قال أن الدولة ستساعد المستثمر لتسهيل الحصول عليها من أجل تقليص فاتورة إستيراد المواد الأولية لإنتاج السكر، وبالتالي خفض أسعار السكر مستقبلا. وألح الوزير الأول على ضرورة الحرص على تكوين اليد العاملة في هذا القطاع حتى يكون المنتوج ذو تنافسية عالمية. للتذكير فقد دشن أمس الوزير الأول المصفاة الوهرانية الكبرى للسكر التي افتتحت أول مصنع لها أمس بمنطقة الحامول بوهران الذي سيشغل حوالي 3000 عامل بين دائم ومؤقت، وهذا في انتظار إنجاز مصنعين آخرين في غضون الثلاث سنوات المقبلة. وبالمنطقة الصناعية ببطيوة، وضع الوزير الأول حجر الأساس لمصنع الزيوت الصناعية والتشحيم التابع لشركة «توتال» الفرنسية والذي شهد تأخرا ب 3 سنوات، حيث قال سلال أنه يجب الإسراع في تجسيد هذا المشروع الذي يندرج ضمن الرؤية الإستراتيجية للجزائر مع شركة «توتال» لتطوير مجال البيتروكيمياء بهدف خلق القيمة المضافة ووقف استيراد هذه المواد، مبرزا أن الدولة توفر كل الإمكانيات لتطوير هذا الفرع من البيتروكمياء، علما أن قضية مشاريع «توتال» في الجزائر خاصة التي تشهد تأخرا كبيرا كانت محور المحادثات بين الوزير الأول عبد المالك سلال و نظيره الفرنسي خلال زيارته الأخيرة للجزائر. وأوضح ممثل شركة «توتال» أن هذا الإستثمار بلغ 4,5 مليار دج وسيخلق 200 منصب شغل مباشر، وأن أشغال الإنجاز ستستغرق 16 شهرا على أن يسلم المشروع في أوت 2018، ويتوقع القائمون على المصنع أن يبدأ الإنتاج ب 40 مليون طن سنويا بينما الطاقة الحقيقية هي 180 مليون طن سنويا. وهنا شدد الوزير الأول على ضرورة الوصول في أقرب وقت للطاقة الحقيقية للإنتاج كون المشروع إستراتيجي بالنسبة للدولة التي تسعى لتنويع الصادرات خارج المحروقات وخاصة المواد البيتروكيمياوية مثل الزيوت الصناعية والتشحيم التي يتم استيرادها حاليا. نسعى لأن تكون الجزائر من أكبر المنتجين للحديد والصلب في المنطقة المتوسطية وغير بعيد عن «توتال»، كان للوفد الحكومي وقفة عند مصنع الأنابيب الملحمة التابع لمؤسسة الأشغال العمومية والبناء والري الذي اعتبره سلال الأكبر في إفريقيا مما يؤهله للتوجه للتصدير مع الحرص على إلزامية أن يكون الإنتاج معترفا به عالميا، حيث طالب الوزير الأول بضرورة الإنطلاق في الإنتاج من أجل المرور لإبرام إتفاقيات لإستغلاله من طرف سوناطراك ووزارة الموارد المائية، كون المصنع يختص بإنتاج الصنفين من القنوات والأنابيب. ولدى استعراضه لمختلف المشاريع التي يتضمنها مركب الحديد والصلب التركي «توسيالي»، قال الوزير الأول، أن الجزائر تسعى لأن تكون من أكبر المنتجين للحديد والصلب في المنطقة المتوسطية وهذا بوجود عدة مشاريع تندرج في هذا المسعى منها مصنع «توسيالي» بوهران الذي ينتج حاليا ما يقارب 2 مليون طن سنويا وسيرتفع إنتاجه ليصل لحوالي 5 مليون طن سنويا مع دخول الوحدة الثانية للإنتاج الخدمة ومركب الحجار بعنابة ومركب بلارة بجيجل مع القطريين، و الذي سينتج قريبا 2 مليون طن من الحديد على أن ترتفع قدرته الإنتاجية لاحقا إلى 4 ملايين طن سنويا، بالإضافة لمصنعين لخواص في عنابة والمسيلة، وبهذه المشاريع الإستثمارية حسب الوزير الأول ستتمكن الجزائر من الإنتقال لمرحلة تصدير الحديد والصلب لعدة أسواق عالمية. كما أوضح سلال أن التوجه الجديد لإستراتيجية الدولة يرتكز أيضا على ضرورة خلق مؤسسات صغيرة ومتوسطة للشباب حول هذه المركبات الكبيرة من أجل خلق مهن جديدة وتوفير مناصب شغل أكبر، وقال في ذات الصدد «هذا مشروع هيكلي بالنسبة للجزائر التي تسعى للنماء الإقتصادي». وعلى صعيد آخر، قال الوزير الأول لمسؤولي «توسيالي» أنه يجب الشروع في إستغلال المواد الأولية من منجم غار جبيلات بتندوف لتحقيق النهضة، مشيدا بالعلاقات الثنائية بين الجزائر وتركيا. على المنتجين الصيدلانيين تصنيع جزئيات الأدوية ووقف استيرادها وفي مجال الصناعة الصيدلانية، دعا الوزير الأول المنتجين لضرورة إستغلال الإمكانيات للإنتقال لمرحلة ثانية وهي تصنيع المكونات الأولية للدواء أي «جزيئات الدواء» التي يتم استيرادها حاليا وهذا كون الصناعة الصيدلانية في الجزائر عرفت تطورا كبيرا يسمح لها بإستغلال خبراتها وتجربتها الميدانية في الإنتقال لصناعة المركبات الأولية للأدوية المختلفة، بالإعتماد على الإطارات الذين تلقوا تكوينات مختلفة خارج الوطن، وأضاف سلال أنه يمكن البدء بشراكة مع مصنعين أجنبيين، ثم إنتاج المركبات الأولية للدواء ذات علامة «صنع في الجزائر» بنسبة مائة بالمائة. وكان ذلك عند وضع الحجر الأساس للوحدة الثانية لصناعة الأدوية لمجمع «صوفال» الذي ينشط في هذا المجال منذ ربع قرن، وستكون الوحدة الثانية مختصة في إنتاج المضادات الحيوية المدعمة بالكبريت وهذا في غضون 2020، وتنتج حاليا من خلال مصنعها الحالي مختلف أنواع المضادات الحيوية. وفي إطار زيارته الميدانية لوهران، وقف سلال على مدى تقدم أشغال الملعب الأولمبي بمنطقة بئر الجير والذي سيكون جاهزا في آفاق 2018 ليكون مخصصا لإحتضان الألعاب الأولمبية في 2021. ودشن الوزير الأول فندق «فوربوينت باي شيراتون» أين قال أنه يجب الإنتقال لإنجاز هياكل فندقية من تصنيفات تفوق نجمتين كون الجزائر سترتقي بخدماتها السياحية وفق المقاييس العالمية.