شيوخ وأعيان ولاية تبسة يصادقون على اتفاقيّة الصّلح احتضنت جامعة تبسة أوّل أمس جمعيّة عامّة هي الأولى من نوعها منذ سنة 1964 ضمّت العديد من شيوخ وإطارات وأعيان العروش المتواجدة بولاية تبسة ، بحضور ورعاية والي الولاية ورئيس المجلس الشّعبي الولائي ، أين تمّ الاطّلاع على فحوى الاتفاقيّة ومناقشتها والمصادقة عليها ، والالتزام بتطبيقها ابتداء من تاريخ انعقاد الجمعيّة . وقد عمل أهل الوجاهة والعقلاء بالولاية على ضبط عمليّة الصّلح وأحكامه من خلال هذه الوثيقة لتكون مرجعا لهم لا يختلفون حولها فيما بينهم وبين غيرهم من أهل الولايات الأخرى ، ويشمل مجال الاتفاقيّة أساسا الصّلح بين أهل الضحيّة وأهل القاتل عند وقوع جرائم القتل بنوعيه وهما القتل العمدي والقتل الخطأ . ففيما يتعلّق بالقتل العمدي الذي هو إزهاق روح إنسان عمدا والذي يجب أن يتوفّر فيه ركن القصد ، يتمّ فيه الصّلح بين العائلات والعروش ، ويكون الغرض منه أن يقدّم أهل القاتل الاعتذار لأهل الضحيّة عن الجرم الذي ارتكبه ، وتحصر دائرة القتل في نطاقها الضيّق ولا يجوز الإساءة إلى كلّ أسرة القاتل أو عرشه ، فيما يبقى للقضاء اختصاص تكييف الوقائع وتحديد الفاعل ومن المسؤول عن القتل ، وتطبّق مساعي الصّلح حسب التّكييف الأوّلي للقتل العمدي حتّى وإن غيّره القضاء لاحقا أثناء سير القضيّة . وأشارت الاتفاقيّة على أنه لا عبرة بسنّ الضحيّة أو القاتل وتطبّق مساعي الصّلح حتّى و إن كان القاتل حدثا ، ولا عبرة أيضا بالظّروف المشدّدة التي تصاحب القتل أو بالوسيلة المستعملة في تنفيذه ، ويكون تقديم واجب العزاء بعدد معقول من أهل القاتل ( في حدود 20 فردا ) مع تقديم إعانة ماديّة معقولة لأهل الضحيّة . وحدّدت الاتفاقيّة المتّفق عليها في لقاء الأعيان مبلغ الديّة الذي يدفع إلى أهل الضحيّة ب 40 مليون سنتيم ما لم يتفق الطّرفان على خلاف ذلك، ويعدّ هذا المبلغ مساعدة مقدّمة لهم لتطييب خاطرهم ، ويسلّم هذا المبلغ إلى الشّخص الذي يعيّنه أهل الضحيّة ممثّلا عنهم وخلال انعقاد مجلس الصّلح . أمّا في حالة القتل الخطأ الذي هو فعل غير مقصود يصدر عن الفاعل ويفضي إلى حالة وفاة الضحيّة بغضّ النّظر عن الوسيلة المستعملة، فالصّلح فيه يتمّ بين العائلات والعروش ، وأهل القاتل مطالبون بتعظيم الأجر لأهل الضحيّة والوقوف إلى جانبهم في البداية ، وقد حدّدت الاتفاقيّة في هذا الشّأن مبلغ 20 مليون يدفعه أهل القاتل إلى أهل الضحيّة إذا وقع القتل بطريق الخطأ نتيجة حادث مرور تسبّبت فيه مركبة أو درّاجة أو درّاجة ناريّة مؤمّن عليها لدى شركات التّأمين ، أمّا الحالات الأخرى للقتل الخطأ كحالة عدم وجود تأمين على السيّارة المتسبّبة في حادث المرور ، أو حالة القتل الخطأ بوسائل أخرى فهنا يدفع أهل القاتل إلى أهل الضحيّة مبلغ 40 مليون سنتيم إلاّ إذا اتفق الطّرفان على خلاف ذلك ، وتوضّح الوثيقة أنه لا يشكّل الصّلح الواقع أو السّعي فيه عرقلة لعمل السّلطات الأمنيّة والقضائيّة المكلّفة بالقضيّة أو تدخّلا فيه ، وليس بديلا عنه و لا يقوم مقامه ، فالسّلطة القضائيّة تصدر حكمها على القاتل بصفة مستقلّة ، ويمكن لأهل الضحيّة المتضرّرين من وفاته أن يتأسّسوا أمام المحكمة المختصّة لمطالبة القاتل بالتّعويض ، ولا يمنعهم من ذلك الصّلح الواقع ، ويقع التّعويض على عاتقه وحده إلاّ إذا التزم أهله بالوفاء به بدلا عنه في عقد الصّلح ، غير أنه يمكن لأهل الضحيّة وبمحض إرادتهم أن يتنازلوا عن طلب التّعويض . وفيما يتعلّق بالتّعامل مع الولايات الأخرى فلم تهمل الاتفاقيّة ذلك ، أين أشارت إلى أنه إذا كان الضحيّة مقيما بولاية تبسة وكان القاتل مقيما بولاية أخرى ، فإذا وقع الصّلح بين الطّرفين فإنّ بنود هذه الاتفاقيّة هي التي تطبّق إلاّ إذا اتّفق الطّرفان على شروط أخرى . كما تطبّق هذه الاتفاقيّة أيضا إذا كان القاتل مقيما بولاية تبسّة وكان الضحيّة مقيما بولاية أخرى ولم توجد اتفاقيّة مماثلة يتمسّك بها أهل الضحيّة وما لم يتّفق الطّرفان على شروط أخرى، ويمكن إجراء الصّلح في الحالات الأخرى سيما تلك المتعلّقة بالمشاجرات والاعتداءات الجماعيّة التي لم تفض إلى القتل ، وبالشّروط التي يتمّ الاتّفاق عليها حالة بحالة مع مراعاة حصر الوقائع في نطاقها الضيّق، ومواساة الأطراف المتضرّرة . وحول مجالات تطبيق اتّفاقيّة الصّلح ،فقد أكّد أحد الشّيوخ المعروفين بالولاية أن مجال الصّلح بين المتخاصمين واسع وهو وسيلة فعّالة تنهي الكثير من النّزاعات القائمة بينهم ، في الوقت الذي سنّت فيه الدّولة قوانين عديدة تحثّ على إجراء الصّلح بين المتقاضين أو تعيين وسيط يسعى فيه بينهم . وأضاف ذات المتحدّث أن أهمّ المنازعات التي تنشأ بين الأفراد وتثير ردود فعل خطيرة في المجتمع ، تلك التي تتعلّق بجرائم القتل ، ذلك أن القتل جريمة تضرّ بالفرد والمجتمع وبسببه تنشأ العداوة بين أهل الضحيّة وأهل القاتل وتتأجّج مشاعر الكراهيّة والحقد ، و تترسخ أفكار الانتقام وردّ الفعل ، معتبرا الصّلح القائم بينهم كفيل وحده بعودة المودّة والألفة بينهم من جديد ، ولهذا فإن مجال هذه الاتفاقيّة يشمل أساسا الصّلح بين أهل الضحيّة وأهل القاتل عند وقوع جرائم القتل بأنواعه.