مالي ترخص للجزائر ملاحقة الإرهابيين فوق ترابها رخّصت السلطات المالية للجزائر القيام بدوريات وعمليات عسكرية فوق ترابها لملاحقة العناصر الإرهابية التي ارتكبت الأربعاء الماضي مجزرة ضد حرس الحدود بمنطقة تينزوتين بولاية تمنراست. ثلاثة أيام بعد العملية الإجرامية التي راح ضحيتها ثمانية دركيين من حراس الحدود وثلاثة من الحرس البلدي بمنطقة تينزواتين الحدودية مع دولة مالي سمحت سلطات هذه الأخيرة للجزائر بملاحقة العناصر التي نفذت هذا العمل الإرهابي فوق ترابها. ونقلت وكالات إخبارية أمس الأول أن مصدر عسكري مالي صرح أن بلاده دعت القوات الجزائرية التي تسعى للقبض على الإرهابيين الذين قتلوا 11 عنصرا من حرس الحدود إلى مطاردتهم داخل أراضيها، وأضاف "يمكن للجيش الجزائري عبور الحدود وملاحقة أي مهاجم في أي مكان في أراضي مالي، إذا كانوا (الإرهابيين) في أراضي مالي فليأتوا ويلاحقونهم"، وحسب ذات المصدر المالي الذي رفض الكشف عن هويته فإن السلطات في البلدين تجريان في الوقت الراهن اتصالات لدراسة الإجراءات التي يمكن القيام بها لمواجهة المجموعات الإرهابية التي نفذت العملية. ويشار في هذا الصدد أنه ليست المرة الأولى التي تسمح فيها مالي للجزائر بتخطي الحدود في إطار عمليات مكافحة الإرهاب، لكن الجزائر لم تقم بذلك في أي مرة ولحد الآن، ولم يصدر حتى الآن أي رد من الجانب الجزائري عن العرض المقدم من طرف مالي، رغم أن سياسة الجزائر في هذا المجال معروفة منذ الاستقلال. ويمكن للعملية الإجرامية التي وقعت الأربعاء الماضي أن تشكل اختبارا حقيقيا لمدى جدية السلطات في دول الساحل والصحراء في الالتزام بالاتفاقات المبرمة منذ أشهر فيما يتعلق بالتنسيق لمكافحة الإرهاب في هذه المنطقة ، حيث سبق للجزائر أن احتضنت منذ بداية العام الجاري اجتماعات تنسيقية لمسؤولي الأمن في سبع دول من الساحل، وكذا اجتماعا لرؤساء أركان قادة جيوش هذه الدول في إطار المساعي الرامية إلى تضييق الخناق على العناصر الإرهابية بالمنطقة، وتبادل المعلومات والتنسيق في إطار مكافحتها، وكان رؤساء أركان هذه الجيوش قد انشأوا قيادة عمليات مشتركة وقوة مشتركة قوامها حوالي 70 ألف جندي لهذا الغرض.وكان مسؤولو الدول المعنية قد التزموا في أكثر من مناسبة بالاتفاقات المبرمة في هذا الإطار وعلى كل المستويات، إلا أن العملية الإرهابية الأخيرة ستشكل بدون شك اختبارا حقيقا لنوايا كل طرف على حدى.لكن بعض الحقائق في الميدان تبين في كل مرة أن بعض الدول غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها في هذا الإطار، حيث سبق لمالي بالتحديد أن دفعت فدية لإرهابيين احتجزوا رهائن غربيين فوق ترابها مقابل الإفراج عن هؤلاء، وكذا الإفراج عن عناصر إرهابية مطلوبة في الجزائر وغيرها لذات الغرض، ولم تتمكن مالي وموريتانيا على وجه الخصوص من الصمود أمام ضغوط وإغراءات الدول الغربية عندما يتعلق الأمر بحياة رعاياها المختطفين. وللتذكير فإن السياسة الخارجية الجزائرية في مجال الدفاع والأمن قائمة منذ الاستقلال على عدم القيام بأي عمليات عسكرية خارج الحدود، ما يعني أن العرض المالي قد يستقبل بالرفض، لكن الجزائر دعت في كل مرة كل دول المنطقة إلى الالتزام بالاتفاقات الخاصة بمكافحة الإرهاب، وعدم دفع الفدية للإرهابيين مهما كان الأمر.