القصّر أول ضحايا الإجرام داخل المدن يُرجع المختصون تنامي ظاهرة الإجرام في الوسط الحضري إلى عدة أسباب، يؤكدون أن أولها المشاكل الأسرية و ضعف الرقابة الأبوية، ما ترتّب عنه خروج الطفل من المؤسسة العائلية لولوج عالم الإجرام ظنا منه أنه يوفر الحماية، كما طرح المتدخلون خلال استضافتهم في ندوة النصر، عوامل أخرى بينها تقييد دور الجمعيات و اختلالات الترحيل و التعمير التي شهدتها المدن الجديدة، ما نجم عنه نسيج اجتماعي غير متجانس اختفت فيه مظاهر الوعي الجماعي. أدار الندوة: ياسمين .ب / لقمان .ق / عبد الله .ب رئيس خلية التحليل الجنائي بأمن ولاية قسنطينة بن حمودة وليد حققنا نتائج باهرة في محاربة الإجرام بالوسط الحضري أغلب الجانحين تعرضوا لمشاكل أسرية أكد ملازم الشرطة بن حمودة وليد من المصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن ولاية قسنطينة، أن مصالح الأمن حققت «نتائج باهرة» فيما يتعلق بمكافحة الإجرام في الوسط الحضري، مرجعا أغلب الحالات المسجلة إلى مشاكل أسرية تُحوّل الأطفال إلى مجرمين صغار يكبرون بدورهم و يتحوّلون إلى تهديد على المجتمع. و ذكر رئيس خلية التحليل الجنائي العملياتي بأمن الولاية، أن الجريمة الحضرية متشعبة و تتحكم فيها عدة عوامل، لكنها لا تصنف من المنظور الأمني على أنها ظاهرة، فهي، كما قال، سلوك يمس فئة اجتماعية أو رقعة جغرافية لها مميزات تختلف من تجمع إلى آخر، إذ يلاحظ مثلا على مستوى الأسواق الشعبية و المراكز التجارية و الأماكن التي تتميز بالحركة الكثيفة للمواطنين، أن الجرائم المسجلة بسيطة، مثل السرقات و المضايقات و المناوشات الكلامية كالتي تحدث بسبب ركن السيارات، أما في الوسط الحضري شبه المأهول، أي بالمناطق المعزولة نسبيا، فيتضح أن نوعية الجرائم تتغير، إذ ينفذها أشخاص يدرسون سلوكاتهم، بالاعتداء على الأشخاص و سلبهم الأغراض و الممتلكات بعد الترصد لهم، كما يستغلون أوقاتا محددة كفترة أخذ السكان للقيلولة خلال فصل الصيف، و الفترات المسائية التي يختلف توقيتها حسب المكان و مدى خُولّه و انعزاله. و أضاف ضيف الندوة أن غالبية من يرتكبون هذا النوع من الجرائم، قصّر تتراوح أعمارهم بين 16 سنة و ما دون 18 عاما، حيث يتبين لدى التحقيق معهم أنهم متشبعون بمفاهيم الإجرام و لديهم استعداد ذهني لذلك، بالتأثر بصوّر "الرجلة" و إثبات الوجود و «الحقرة»، كما يتضح أن معظمهم يدخلون هذا العالم بعد استغلالهم من طرف المجرمين البالغين، و من بينهم إناث صرن يُستعملن في اصطياد ضحايا عمليات الاعتداء. و ذكر ملازم الشرطة بن حمودة، أن العديد من هؤلاء الأطفال الجانحين تسرّبوا من المدارس، فيشعرون نتيجة لذلك بأنهم يعيشون على هامش المجتمع، و بالتالي يحاولون إثبات وجودهم لأصدقائهم الذين ما زالوا يدرسون، من خلال الانحراف الذي يُترجم في الاعتداءات و تعاطي المخدرات و ارتداء ملابس تعبر عن «شخصية قوية». و قال المتحدث إن دراسة داخلية أجرتها مصالح الأمن بالولاية، أظهرت أن معظم حالات جنوح الأحداث و تورطهم في قضايا الإجرام، يعود سببها إلى مشاكل داخل الأسرة، مثل طلاق الوالدين أو وفاة أحدهما أو كليهما، و هو وضع يجعلهم مشتتين بين الأقارب و يدفعهم، بحكم مستوى تفكيرهم البسيط، إلى الخروج للشارع، لتأمين أنفسهم و إثبات وجودهم، بالبحث عن العمل للحصول على الأكل و الملبس، ليقعوا في الأخير ضحايا استغلال يبدأ عادة بإرغامهم على استهلاك المخدرات، لكي يتحولوا إلى مدمنين و منه إلى مروّجين مستعدين لارتكاب أية جريمة مقابل الحصول على حصتهم من المخدرات و إثبات الولاء لمُستغليهم، فتتوسع بذلك حلقة الإجرام. أما الجرائم المرتكبة من طرف البالغين و الذين تتراوح أعمارهم غالبا بين 19 إلى 30 سنة، فقد أكد ممثل الأمن أنها تختلف عن تلك التي يقوم بها القصر، فالبالغ، مثلما قال، يخطط و يحفز و يدفع و يجني ثم يستعمل الذكاء ليكون مسيطرا، مضيفا أن هناك فئات تنشط في تجارة المخدرات و سرقة المركبات و بيعها و إعادة شرائها و كذلك في الاعتداءات على الأشخاص و الممتلكات، ليؤكد أنه و في قسنطينة، تُعدّ السرقة بالعنف الأكثر انتشارا، تليها السرقات بالخطف و النشل و جرائم لفظية مثل قول الكلام الفاحش و سب الذات الإلهية. و الملاحظ، حسب محدثنا، أن فئة الأشخاص الذين تصل أعمارهم إلى 40 سنة فما فوق، ترتكب جرائمها داخل الأسرة و ذلك ضد الزوجة و الأخت و حتى البنت. و أكد ذات المتحدث أن أمن الولاية تحت رئاسة مراقب الشرطة عبد الكريم وابري، دأب على تنظيم لقاء شهري مع ممثلي جمعيات الأحياء، لمعرفة انشغالاتهم في الجانب الأمني، لكن ما يطرحونه، بحسبه، يصب غالبا في خانة مشاكل تخص جهات أخرى، ما يضطر الشرطي إلى أخذ المعلومة بطريقة ذكية، مضيفا أنه و من خلال السياسة التي انتهجها المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل، في مجال التحسيس و الشرطة الجوارية، تم حل العديد من القضايا عبر «الفايسبوك» بفضل تبليغ المواطنين، و كذلك عبر الرقم الأخضر، لكن أغلبية التدخلات لا تزال تتم بمبادرة من مصالح الأمن التي قال إنها تطورت كثيرا و حققت نتائج باهرة فيما يتعلق بمكافحة الجريمة. و عن حالة المدينة الجديدة علي منجلي، ذكر ملازم الشرطة أن الكثافة السكانية ارتفعت بها بشكل غير مسبوق، حيث انتقل إليها مُرحَّلون كانوا يعيشون بأحياء شعبية لها خصوصية تختلف عن التجمعات المفتوحة، و قد شملت العملية في البداية أعدادا قليلة جيء بها من وسط مدينة قسنطينة بين سنتي 2000 و 2004، ما جعل الوضع الأمني في الوسط الحضري مستقرا حينها، لكن السلطات المحلية انتهجت بعد ذلك سياسة ترحيل جماعي كبيرة، دون إعداد دراسة مسبقة عن الحاجيات في جانب المرافق الأمنية التي ارتفع عددها لاحقا، إلى درجة أن مركزا أمنيا وحيدا كان يغطي مدينة بكثافة سكانية تصل إلى 200 ألف نسمة. و أضاف المتحدث أن هذا الوضع أدى إلى تفاقم الأوضاع وقتها، خاصة أن الأطفال الذين قدموا خلال تلك المدة، كبروا فيما بعد و تشبعوا بأفكار أوليائهم الذين كانوا لا يزالون شبابا، متأثرين بذلك بالتركيبة و التنشئة الاجتماعية و الانفتاح على الآخرين في الوقت نفسه، بعدما كانوا يعيشون بحي مغلق يخافون فيه من الجار الأكبر سنا و يحترمونه، لكنهم وجدوا أنفسهم، يضيف الملازم بن حمودة، وسط مدينة كبيرة يتصرفون فيها بحرية كبيرة دون رقابة ذاتية، بما يؤدي بهم إلى دخول عالم الإجرام، منوّها بالمقابل بتقلص الجريمة بعلي منجلي بشكل كبير بعد إنجاز عدة مراكز أمنية، حيث تقتصر الحالات المسجلة اليوم على الجرائم البسيطة مثل السرقات. ي.ب رئيس لجنة الإفتاء بمديرية الشؤون الدينية السعيد سرداني على الإمام النزول إلى الشارع لمحاربة الظاهرة أوعز الإمام و رئيس لجنة الفتوى بالمديرية الولائية للشؤون الدينية بقسنطينة، الدكتور السعيد سرداني، الانتشار الكبير للعنف في الوسط الحضري إلى غياب الرقابة الاجتماعية، كما أكد أنه يجب الخروج من المسجد حتى تنجح الحملات التوعوية. وأوضح عضو المجلس العلمي بالمديرية المذكورة، أن غياب الرقابة الاجتماعية داخل المدن تزيد من نسبة العنف والجرائم المرتكبة على عكس المناطق الريفية، مضيفا أن عدم معرفة الناس في المدن ببعضهم البعض تدفع بكل طرف إلى فرض سيطرته على الآخر ما يولّد العنف في نهاية المطاف، كما أوضح أن الرقابة الاجتماعية كانت في السابق تتم عن طريق العائلة والأعيان والأشخاص الكبار في السن داخل الحي، إلا أنها في الوقت الحالي أصبحت جد نادرة ما فتح الباب على مصراعيه أمام مرتادي الإجرام. زيادة على هذا فقد أكد محدثنا أن أكبر فئة من مرتادي الإجرام والعنف يقصدون أحياء بعيدة عن المناطق التي يقيمون بها، وذلك للإفلات من الرقابة الاجتماعية، كما أوضح أن المناخ المتوفر في المدن من طبيعة العمران يخلق استعدادا لدى البعض للعنف والجنوح، ليتطور هذا الشعور ويصبح ثقافة سلبية تسود المجتمع بشكل عام، إضافة إلى نقص التربية الدينية والمدرسية، وهي كلها عوامل تزيد من تفشي الظاهرة داخل الوسط الحضري عموما. وفي إجابته على التساؤل المطروح حول عدم تناول الخطب في المسجد، للمشاكل اليومية للمواطن والأحياء وانصرافها نحو أمور دينية بحتة، أجاب محدثنا أن العبادات دورها أخلاقي، أي أن تطرق الإمام في الخطب إلى لما يحدث يوميا، لا جدوى منه، لأن الجانحين ومعتادي الإجرام لا يرتادون المساجد، مؤكدا أن الحل يكمن في الخروج من دور العبادة من أجل الاحتكاك أكثر بهذه الفئة ومحاولة الأخذ بيدها نحو الطريق الصحيح، رغم ذلك فإن مديرية الشؤون الدينية وبالتشاور مع الكثير من الفاعلين والمختصين، قامت، يضيف المتحدث، بإعداد برنامج ثري يشمل خطبا ونشاطات فكرية تتناول قضايا تهم المواطن.وبالمقابل أوضح رئيس لجنة الإفتاء بولاية قسنطينة، أن الحراك الكبير و المتسارع للأحداث، يجعل من الإمام غير قادر بمفرده على مواكبتها، وبالتالي فإنه من الواجب تكاثف جهود جميع الهيئات والمؤسسات الحكومية والمدنية من أجل القيام بحملات تحسيسية تمهد لبعث أجيال جديدة تناهض العنف، فضلا عن تنويع الخطاب الديني والنزول به إلى الشارع بدل إلقائه في المساجد فقط، على شاكلة ما يحدث حاليا مع بعض العبادات كالزكاة والحج، وبالتالي استهداف العينة المطلوبة وبالقدر المطلوب، مؤكدا أن هذه الطريقة يمكن أن تقدم نتائج جد إيجابية، سيما وأنه لمس من موقعه كإمام قبولا للنصيحة للكثير من الشبان. عبد الله.ب أستاذة علم الإجتماع الحضري بغريش ياسمينة التفريغ العمراني خلف حروب شوارع ترى المختصة في علم الإجتماع الحضري بغريش ياسمينة، بأن التطور التكنولوجي والتفكك الأسري، قابلهما توسع وانتشار لمظاهر الإجرام، كما تؤكد الأستاذة بجامعة عبد الحمدي مهري بقسنطينة، بأن المجتمع يعاني من أزمة أخلاقية غُيبت فيها النخبة والقدوة عن قصد، وهو ما ساهم في تنامي الإضطرابات السلوكية التي تؤدي إلى الجريمة. وتؤكد المتحدثة بأن الملاحظ والأكيد بأنه كلما زاد التطور التكنولوجي ارتفعت مؤشرات العنف، الذي يرتبط بشكل مباشر بالحضرية، بحسب ما يبرزه غالبية المختصين في المجال، مضيفة أن للأسرة دور كبير في انتشار الجريمة، بعدما «استقال» الأب والأم عن دورهما وتحججا بتحسين الأوضاع الإقتصادية، لكنها تشير إلى أن البحث عن الوضع الاجتماعي أو الظهور في المجتمع هو الهدف الأول للوالدين. وتضيف الأستاذة بغريش، بأن خروج الأم للعمل للمساعدة في مصاريف المنزل، قد دمر الأسرة، فهي تترك، بحسبها، الأطفال للبدائل أو كما يصطلح عليه في علم الاجتماع بالأم البديلة، كدار الحضانة أو الأقارب وفي أحسن الأحوال المدرسة، والتي تتمثل مهمتها في الحراسة وليس التربية، ولهذا نجد الأطفال في الشارع بدل البيت في سن مبكرة. و هنا تطرح المختصة في علم الاجتماع تساؤلا رئيسيا «من يربي في هذه الحالة الطفل على الأخلاق والمبادئ؟»، قبل أن تجيب "طبعا لا يوجد»، فالطفل، بحسبها، يحتاج إلى الأمن لكنه يتعرض للإقصاء والتهميش وهو في سن صغيرة وحين يستنجد بالوالدين لا يجدهما، أما الأم فهي تعود إلى البيت متعبة مساء بعد يوم كامل من العمل والتنقل عبر المواصلات و الضجيج، ثم تجد نفسها في مواجهة المهام المنزلية و لا تمتلك الوقت للاهتمام بأبنائها، وهو ما ينمي تدريجيا الكبت و الضغينة والحقد في نفسية الطفل، ليقوم بإخراجها في المجتمع. ومن جهة أخرى تقول الأستاذة بغريش بأن الأطفال يتجرعون يوميا العنف في الرسوم المتحركة و الألواح الإلكترونية، مضيفة أن وسائل الإعلام اليوم تدفع إلى ارتكاب الجرائم، وهو ما يدفع الطفل إلى محاكاة أو تقليد هذه الأعمال، و لمحاولة إثبات ذاته والدفاع عن نفسه يمارس العنف، لأن ما هو شائع اليوم ينص، مثلما تؤكد المتحدثة، على أنه لابد أن تكون ذا طباع شرسة حتى تكتسب مكانة في المجتمع. و في ولاية قسنطينة على سبيل المثال تؤكد الأستاذة، بأن الوضع الأمني قد تحسن عما كان عليه، لكن فيما سبق أثبتت نتائج دراسة أجرتها عن المدينة الجديدة علي منجلي، بأن انتشار الجريمة سببه التعمير أو التفريغ العمراني الهائل على المدينة، حيث لم تنجز أي دراسات مسبقة و لم يتم الأخذ بآراء المختصين في السياسة الحضرية، رغم وجود ترسانة قانونية تشدد على ضرورة استشارة آراء التربويين والإجتماعيين في عملية الإسكان، إلا أن الظروف الإستعجالية لهذه العمليات، لم تأخذ هذه النقطة بعين الإعتبار، وهو ما أدى، كما قالت، إلى ظهور حروب شوارع كانت محصورة في نقاط محددة، و ظهرت بوادرها الأولى في المدرسة، مشيرة إلى أن الوضع مازال يتطلب دراسة وتحليلا دائمين. وترى المتحدثة أن عدم تحقيق الفرد لحاجاته يجعله يلجأ العنف، كما أن هشاشة الوضع الإجتماعي والضغوطات ومشكلات الحياة في جميع المجالات، تدفعه إلى ذلك، ما جعلنا اليوم أمام جريمة ترتكب من طرف الطفل والمرأة التي أصبحت رقما فاعلا في الجريمة بالجزائر، على حد قول الباحثة في علم الاجتماع. وتبرز المختصة بأن المجتمع يعاني من أزمة نخبة أو قدوة، فالشباب اليوم لا يجدون من يقتدون به، كما أن صورة الأستاذ اهتزت وأصبحت مرادفا لجمع المال والحركات الاحتجاجية والإضرابات، و كذا الطييب، فيما صار الإمام يُصور وكأنه سارق لصناديق الزكاة، إذا فالمجتمع يعاني، بحسب المتحدثة، من أزمة أخلاقية كبيرة جعلت صورة اللص الذي يمارس سلوكات مشينة هو الذي ينتصر في الأخير، بينما تحول لاعب كرة القدم إلى قدوة، لكن يُقلد فقط في صبغة الشعر أو اللباس في أحسن الأحوال. وترى ضيفة ندوة النصر بأنه لا يمكن تحميل جمعيات الأحياء أو الأمن مشكلة انتشار العنف، بل لابد من تدخل جميع الفاعلين من سلطة ومختصين في الإقتصاد والاعلام وحتى الأئمة للتقليل من نسبة الإجرام، مضيفة أن الكلّ مطالب بالمساهمة من الموقع الذي يوجد فيه ومكانته الإجتماعية، فضلا عن مرافقة الشباب و الأطفال وتحسين طرق وقنوات الإتصال بين الأبناء والآباء و تفعيل أدوار الأولياء. لقمان/ق رئيس فيدرالية المجتمع المدني عبد الحكيم لفوالة الجمعيات بحاجة لغطاء قانوني للتدخل ذكر رئيس فيدرالية جمعيات المجتمع المدني لولاية قسنطينة عبد الحكيم لفوالة، أن أكثر أسباب العنف بالوسط الحضري تكمن في استقالة الأسرة وتخليها عن دورها المنوط بها، كما أوضح أن هيئته قامت بالعديد من الحملات التحسيسية غير أنها اصطدمت بالكثير من المعوقات، وبالمقابل انتقد الاتهامات المتعلقة بغياب الفعاليات المدنية في الحد من الظاهرة. وصرّح عبد الحكيم لفوالة خلال مشاركته في ندوة النصر، أن الغياب الكبير للأسرة واستقالة الأبوين بشكل خاص عن أداء الدور المنوط بهما، دفع الأطفال إلى البحث عن بدائل أخرى، فتحوّلوا مع مرور الوقت إلى منحرفين ومعتادي الإجرام، وهي ظاهرة لم تكن مطروحة بنفس الحدة في سنوات سابقة، وذلك على الرغم من الظروف الاجتماعية والاقتصادية القاهرة التي كانت تعيشها أغلب العائلات الجزائرية. ورفض المتحدث ربط الفقر بالانتشار الكبير للعنف داخل المدن وحتى المستوى التعليمي، مقدما أمثلة كثيرة عن تفشيه داخل المؤسسات التعليمية والجامعات، وحتى في المستشفيات، سواء تعلق الأمر بالعنف الجسدي أو اللفظي، ناهيك عن تزايد استعمال الأسلحة البيضاء، والاستغلال الكبير للقصر في الجرائم، فضلا عن ما يحدث مؤخرا من تفاقم كبير للجريمة المعلوماتية. كما تطرق رئيس فيدرالية جمعيات المجتمع المدني إلى غياب دور النخبة وكذا الأعيان، سواء في المدينة أو الأحياء عن أداء دورهم، وهو ما ترك، بحسبه، المجال مفتوحا أمام معتادي الإجرام من أجل «تجنيد» بعض الأطفال والشبان سيما ما تعلق بالفئات الهشة، حيث قال إن لهذا الفراغ دور كبير في تفشي ظاهرة العنف خاصة في المدن، وذلك لعدم وجود قدوة يُحتذى بها. و أوضح ذات المتحدث أن للجمعيات والمجتمع المدني دور كبير في تصحيح الوضع، من خلال لعب دور توعوي لوقف الانتشار الرهيب للعنف في الوسط الحضري، سواء من خلال القيام بحملات تحسيسية أو المساهمة في مبادرات الصلح في حالات وقوع صدامات بين الأحياء أو العائلات، وهي مهام دأبت، بحسبه، فيدرالية جمعيات المجتمع المدني على أدائها في عدة مناسبات. وبالمقابل أعاب ذات المتحدث تحميل السلطات المسؤولية للمجتمع المدني، حول تفشي ظاهرة العنف بشكل عام، معتبرا أن هذه المهمة تقع على عاتق الجميع و بأن ضمان الاستقرار والهدوء في الأحياء مهمة منظومة كاملة، تنطلق من الأسرة كخلية أساسية في تكوين المجتمع إلى جانب الجمعيات والأعيان والمسجد والمدرسة وغيرها من المؤسسات المدنية، فيما تواصل المصالح الأمنية المهمة من خلال تطبيقها للقانون على الميدان و يتكفل جهاز العدالة بمعاقبة المتسببين في المشاكل. و يرى عبد الحكيم لفوالة أن هيئات المجتمع المدني والجمعيات خصوصا، غير محمية ولا تملك أي غطاء قانوني يسمح لها بالتحرك بالشكل المطلوب، حيث طالب بضرورة توفير حماية قانونية تسمح للفاعلين في المجال التوعوي بالتدخل في بعض الحالات، مضيفا أنه وجد نفسه، في إحدى المرات، متابعا قضائيا بعد تدخله لفض نزاع داخل أسرة. عبد الله.ب الناشط مزهود عبد الناصر الكثير من الجمعيات موجودة على الورق فقط يؤكد الناشط في المجتمع المدني مزهود عبد الناصر، بأن الجمعيات الفاعلة في الميدان تبذل مجهودات في محاربة الجريمة، لكنها تذهب سدى لعدم إمتلاكها أي سند سلطوي أو قانوني، رغم اعترافه بأن العديد منها موجودة فقط على الورق. وذكر المتحدث بأن العديد من رؤساء الجمعيات أضحت تهمهم مصالحهم الشخصية على حساب انشغالات السكان و اهتماماتهم، لكنه أشار إلى أن الجمعيات التي تنشط في الميدان لا يصل صوتها و لا تجد آذانا صاغية، إذا فالمجتمع المدني مقصي، حسبه، حتى في حال تبليغه عن الجرائم، إذ يُطلب من أفراده تقديم شكوى مباشرة وهو ما «يعرضهم لمشاكل»، مشيرا إلى أن "تغييبه" ساهم في انتشار العنف، بينما أصبح المواطن الصالح غير قادر على مساعدة المصالح الأمنية خوفا على نفسه، في حين يواجه الشباب أخطارا يومية ما قد يعرضهم للانحراف، على حد قوله. و عن وضعية المدينة الجديدة علي منجلي التي شهدت في السنوات الماضية حروب شوارع، علّق المتحدث بالقول "في علي منجلي على سبيل المثال، مازلنا إلى اليوم نطالب بتدعيم الأمن.. لقد نادينا منذ السنوات الأولى بإنشاء المراكز و الحمد لله اليوم أصبحت تسع مراكز أمنية موجودة وتحسن الوضع عما كان عليه، لكن لا يوجد تنسيق مع جمعيات المجتمع المدني»، كما دعا السيد مزهود إلى فتح تحقيق في الجمعيات التي تنشط على الورق فقط وتنصب نفسها على المواطنين دون أن تحارب الظواهر الاجتماعية. لقمان/ق الناشط في المجتمع المدني لوصيف يوسف فوضى التعمير ساهمت في انتشار الجريمة قال الناشط في المجتمع المدني بالمدينة الجديدة علي منجلي السيد لوصيف يوسف، بأن وضعية العمران الفوضوية بالمدن، ساهمت في انتشار الجريمة، داعيا إلى ضرورة تطوير نظام الأجهزة والمنظومة الأمنية، قصد تفعيل ما أسماه بالرقابة الذاتية وحماية المجتمع من الإجرام. ويرى المتحدث بأن طبيعة العمران الفوضوية في حد ذاتها، تساعد المجرمين على ممارسة الإنحراف، فعلى سبيل المثال يبرز السيد لوصيف بأن انعدام الإنارة ببعض المواقع وترك محلات ومستودعات شاغرة بالعديد من أحياء علي منجلي، سهل على المجرمين الإختباء وإخفاء كل ما هو ممنوع، مشيرا إلى أن دور المجتمع المدني يقتصر على التحسيس والوقاية لا أكثر ولا أقل، من خلال تنظيم الحملات والنشاطات الدورية في الرياضة والثقافة، فضلا عن مساهمته بالإعلام وإبلاغ السلطات بالمشاكل والتجاوزات، عبر مختلف وسائل الإعلام أو الوسائط المباشرة وغير المباشرة. و دعا الناشط الجمعوي إلى ضرورة تدعيم الأجهزة الأمنية بأنظمة متطورة للمراقبة عن بعد لمحاربة الجريمة وحماية المجتمع، الذي سيمارس في هذه الحالة الرقابة الذاتية وبالتالي يتخلص من العنف، كما أشار إلى ضرورة تطبيق القوانين، وكذا رد الاعتبار للشباب الذين تورطوا في قضايا العنف في بداية حياتهم وإدماجهم في المجتمع، بدل تركهم يغرقون في الجريمة.