حكم قاضي جلسة الجنايات المنعقدة أمس بمجلس قضاء قسنطينة، بالإعدام في حق المتهم بإضرام النار في جسد الشابة أميرة مرابط بالخروب قبل سنتين، ما أدى إلى وفاتها، و قد جرت المحاكمة في أجواء خيّم عليها الخزن و التأثر بالنظر لفظاعة الجريمة التي هزت الرأي العام المحلي و الوطني. وتعود حيثيَّات القضية إلى 29 أوت 2016 حسب قرار الإحالة، عندما نشب شجار بين الضحية والمتهم "ح.عبد الوهاب" البالغ من العمر 34 سنة و المدعو "النمس"، و ذلك نظرا لخلاف بين الطرفين، تطور إلى حدِّ التشابك جسديا، ليقوم برشِّ قارورة بنزين كانت في يده على جسد المرحومة وإضرام النار به، حسب تصريحات شهود عيان على الحادثة الأليمة، ما أدَّى لسماع دوِّي منها وهي تجري وتطلب النجدة من الجيران، وألسنة اللهب تتصاعد منها في مشهد درامي، ليغيثها جار لها بالعمارة، وتحُوَّل بعد ذلك إلى المستشفى المحلي بالخروب لتلقي الإسعافات الأولية، ومنه إلى المستشفى الجامعي ابن باديس، لتلفظ أنفاسها الأخيرة هناك بتاريخ 4 سبتمبر من ذات العام عن عمر 34 سنة، متأثرة بحروق من الدرجة الثانية والثالثة، حسب تقرير الطبيب الشرعي، بعدما أصابت النار 45 بالمائة من جسد الشابّة. وعقب الحادثة مباشرة، قام الجاني بجمع مبلغ مالي وفرَّ للمغرب، و من هناك اتصال بأخت الضحية التي كان على علاقة بها، حيث أصدرت السلطات الجزائرية قرار بحث وتوقيف في حقه، نفذته الشرطة الدولية "انتربول" وسلمته للقضاء، غير أن الفاعل كان يواجه تهمة أخرى، وهي الخروج من الحدود بطريقة غير شرعية وحكم عليه ب50 ألف دج غرامة، لكن دركيا تعرف عليه وأمر بتوقيفه عن تهمة القتل والفرار. ولدى سماع المتهم في التحقيق القضائي، اعترف بفعله برواية مغايرة، مؤكدا علاقته مع أخت الشابة أميرة غير أنه أحسَّ بتغيرها فقرر تركها، وهو ما أثار حفيظة الضحية، التي هددته بالسجن، حسب أقواله، إن لم يتزوج شقيقتها، كما صرح أنه صباح الحادثة، كان بصدد إصلاح شاحنته من نوع "مازدا" لعمله كخضَّار متنقل، وهذا بالقرب من مقر سكن الضحية، التي رمقته بنظرات أثارت، وفقا لتصريحه، حفيظته فشتمتها و ردت عليه بالمثل، ليقوم برشها بالبنزين وهو في حالة غضب، وعلى اعتبار أنه كان يحمل ولاعة انطلقت الشرارة واشتعلت النار بجسدها. وحسب تصريحات الشاهدين لدى الضبطية القضائية، فقد أمسك المتهم بالضحية من رقبتها و بدأ يشتمها، فيما حاولت هي الهروب منه، لكنه سكب البنزين عليها وأضرم النار، ثم لاذ بالفرار، لكن هذين الشاهدين غابا عن جلسة المحاكمة. وأظهر المتهم بجسده الهزيل، تأثره بموت الضحية، كما بدا قادرا على المحاكمة عكس المرَّة الأولى التي ادعى فيها الجنون، رغم ظهوره الشاحب وسرحانه مرات عدة خلال المحاكمة والمرافعات، و قد صرح الجاني لدى استجوابه من طرف القاضي، عدم نيته في إضرام النار بها، و قال إنه فعل ذلك وهو تحت تأثير مخدر من نوع "ديازي" حتى يتجاوز قلقه ومشاكله، حسبه، مكذبا تصريحات الشاهدين الاذين أسعف أحدهما الضحية قبل وفاتها. أخت المرحومة استدعيت على أساس الشهادة، وقالت إن المتهم هدد أختها مرارا بقتلها للتسبب في توتير العلاقة بينهما، كما قام بفعلته مع سبق الإصرار والتخطيط، فيما لم تتمكن أمُّ الضحية من النظر إلى وجه الجاني، وفضلت البقاء خارج القاعة، عكس زوجها الذي بكى بتأثر لدى تلاوة الوقائع، واستعاد رباطة جأشه بصعوبة خلال أطوار المحاكمة. النائب العام قال في مرافعته بثبوت الوقائع ووضوحها للعيان، و ذكر بأن روح الضحية أميرة مرابط تحوم فوق رؤوس هيئة المحكمة للمطالبة بحقها والقصاص، ملتمسا أقصى عقوبة شرَّعها الدستور، مع العلم أن الجريمة أثارت استياء المواطنين و قد نظمت بعدها وقفات سلمية عبر الوطن للتنديد ببشاعتها.