موسم الاصطياف في قبضة أصحاب الشمسيات وسماسرة الحليب والخبز عرفت ولاية عنابة منذ منتصف شهر جويلية الجاري إرتفاعا نسبيا في توافد المصطافين على الشريط الساحلي ، بدليل أن المعدل اليومي المسجل في منتصف الأسبوع أصبح لا يقل عن 70 ألف مصطاف، و الرقم يتضاعف بنحو خمس مرات كل يوم جمعة أو سبت، لكن تزايد هذا الإقبال قابلته جملة من النقائص التي طفت على السطح، و زادت من المعاناة اليومية للمصطافين، خاصة فيما يتعلق بنوعية الخدمات المقدمة، فضلا عن مشكل الإرتفاع الجنوني في أسعار المواد الإستهلاكية، الأمر الذي أثقل كاهل المصطافين الذين إختاروا عنابة لقضاء عطلة الصيف خلال هذه السنة، رغم أن " بونة " كانت مرشحة لأن تكون القبلة التي يحج إليها آلاف السياح الذين كانوا في السنوات المنصرمة يفضلون تونس ، إلا أن نوعية الخدمات المقدمة في شواطئ عنابة ، أثرت بصورة مباشرة على توافد السياح، بدليل أن الأسابيع الخمسة الأولى من موسم الإصطياف الجاري سجلت توافد زهاء 2 مليون مصطاف، و هو رقم يبقى بعيدا عن مستوى تطلعات القائمين عن قطاع السياحة بالولاية، و الذين كانوا يراهنون على تسجيل ما لا يقل عن 5 ملايين مصطاف، على مدار ستة أسابيع. روبورتاح : صالح فرطاس قبضة حديدية بين مستغلي الشواطئ و المصطافين بسبب الشمسيات الإجبارية أول إشكالية طرحها علينا مئات المصطافين خلال الجولة التي قادتنا إلى شواطئ عاصمة الولاية، قضية الشمسيات المنصوبة في جميع الشواطئ المسموح فيها بالسباحة، حيث أن كل مصطاف مجبر على كراء شمسية، حتى لو قام بجلب معدات الإصطياف معه، لأن مصالح البلدية قامت بمنح تراخيص لمجموعة من الشبان لإستغلال الشواطئ خلال موسم الإصطياف، و ذلك بنصب الشمسيات و الكراسي و الطاولات عبر كامل الشواطئ، و إرغام جميع المصطافين على إستغلالها مهما كانت الظروف. و هي قضية كانت قد تسببت في حدوث العديد من الشجارات بين المصطافين و مستغلي الشواطئ، حيث أن مساعي المصطافين لنصب شمسياتهم عبر الشواطئ يصطدم بالرفض التام لمستغلي كل شاطئ، مع التأكيد على منع إستغلال الواجهة المقابلة للبحر، كونها مساحة مخصصة لتعاونية الشباب المتحصل على رخصة من البلدية، و الخيار الوحيد يتمثل في الموافقة على تأجير شمسية للظفر بمكان على مستوى الواجهة الأمامية. هذه القضية طرحناها على مدير السياحة بولاية عنابة نورالدين بونافع الذي أكد بأن قضية إستغلال الشواطئ كانت قد منحت للبلدية، و أن إشكالية الشمسيات المنصوبة كالفطريات عبر جميع الشواطئ لا تعني بأن هذه الشواطئ ممنوعة على المصطافين الذين لا يستعملون الشمسيات المطروحة للكراء، مشيرا في سياق متصل بأن الشجارات التي تسجل من حين لآخر بسبب هذه القضية ناتجة عن سوء تفاهم، لأن تأجير الشمسية ليس إجباريا على كل مصطاف يقصد الشاطئ، و الإقدام على هذه الخطوة يبقى المغزى منه على حد قوله السعي لتوفير كل الخدمات للمصطافين، دون إرغامهم على نقل العتاد معهم. أسعار خدمات الشواطئ تبلغ ذروتها في " الويكاند " و في سياق متصل فقد أثار العديد من المصطافين في حديثهم للنصر قضية إرتفاع سعر كراء المظليات الشمسية، لأن تسعيرة تأجير الشمسية ليوم واحد تتراوح ما بين 300 دج و 500 دج حسب الحجم، و هي أسعار غير مضبوطة، كونها ترتفع في نهاية الأسبوع، بسبب تزايد الإقبال، في حين أن كراء الطاولة يكلف كل مصطاف مبلغ 200 دج، إضافة إلى إلزامية دفع ما قيمته 100 دج عن كل كرسي يوضع تحت التصرف. بالموازاة مع ذلك فقد حاولنا معرفة رد فعل بعض الشبان الذي كان يشرفون على عملية تأجير الشمسيات و الكراسي و الطاولات، حيث كان الإجماع على أن إستغلال الشواطئ يمنح للشباب البطال بالبلدية، و ليس للمستثمرين الخواص ، كون هذه العملية تساهم في مساعدة العديد من الشباب على كسب القوت اليومي من تأجير الشمسيات و الكراسي، و الشبان المتحصلون على تراخيص إستغلال، مسجلون بصفة رسمية لدى مصالح البلدية، و كذا الجهات الأمنية، مما يعني حسبهم بأن العملية قانونية، و قد تم تنظيمها منذ حادثة جويلية 2008، لما قامت وحدات الأمن بتطهير شواطئ عنابة من أصحاب الشمسيات الذين كانوا يزاولون نشاطهم بطريقة فوضوية. مواقف السيارات بتسعيرة خارج تكاليف الخدمات القبضة الحديدية بين المصطافين و مستغلي الشواطئ تطرح أيضا على مستوى مواقف السيارات، لأن أسعار " الباركينغ " تضاعفت مقارنة بما كانت عليه في السنوات الماضية، و كل صاحب سيارة مجبر على دفع مبلغ 100 دج ، و هو السعر الذي لا علاقة له بباقي الخدمات المعروضة في الشاطئ، و التي أصبحت هذه السنة إجبارية على غرار الكراء الحتمي للشمسيات و الكراسي، مما جعل عشرات المصطافين يصفون هذا الأمر بالنصب والاحتيال عليهم، مرجعين سبب ذلك إلى غياب الرقابة ، كون المتحصلين على إمتياز إستغلال الشواطئ فرضوا منطقهم، بإعتماد تكاليف باهظة على كل من يستغل خدماتهم، مع توزيع كل شطر من الخدمات، بين موقف السيارات و كراء الشمسيات، رغم أن الأمر يختلف على مستوى بعض الشواطئ التي إستغلها الخواص هذه السنة، حيث أن تكلفة اليوم الواحد بالنسبة للعائلة لا تتجاوز عتبة 700 دج. كيس الحليب ب 35 دينار و الخبر بسعر مضاعف الوجه الآخر لمعاناة المصطافين بشواطئ عنابة هذه السنة يتمثل في قضية ندرة المواد الغذائية ذات الإستهلاك الواسع، و هي الفرصة التي يحاول السماسرة إستغلالها لفرض منطقهم في هذا الظرف، بدليل أن ولاية عنابة تعرف هذه الأيام تذبذبا نسبيا في توزيع مادة الحليب، بسبب تعرض وحدة إنتاجية تابعة لأحد الخواص لعطب، مما جعل بعض الأطراف التي تحكم قبضتها على سوق الحليب تعمد إلى إنتهاج نمط جديد في توزيع الكمية المستخرجة من وحدة البوني، مع رفع سعر الكيس الواحد من الحليب إلى عتبة 35 دج. أما بخصوص الخبز فإن الطلب على هذه المادة تزايد بشكل ملفت للإنتباه، في ظل إقدام العشرات من أصحاب المخابز على التوقف عن العمل عن الإنتاج و توفير الخبز لسكان أحياء مدينة عنابة، و المصطافين على حد سواء، ، في رد فعل إحتجاجي على ظاهرة الإنقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي ، و ما تكبده الخبازون من أضرار جسيمة طالت معدات و تجهيزات المخابز، و هي الوضعية التي إستثمر فيها بعض " السماسرة" الذين أصبحوا يلجأون إلى شراء كميات معتبرة من الخبز، و طرحه للبيع في السوق الموازية، و ذلك بتسخير أفواج من الأطفال تتكفل ببيع الخبز على مستوى الشوارع، حيث تباع الخبزة الواحدة بمبلغ 15 دج، بصرف النظر عن شروط العرض و نظافة المنتوج المسوق. أطفال يبيعون كل شيء لتغطية النقص المسجل في خدمات الإطعام على صعيد أخر فإن النقص الكبير المسجل في خدمات الإطعام على مستوى شواطئ ولاية عنابة يزيد من المتاعب اليومية للمصطافين، لأن عدم التوفر على مطاعم في معظم الشواطئ فسح المجال أمام أصحاب المقاهي وكشكات الأكل الخفيف و " الفاست فود " لمضاعفة أسعار سلعهم إلى أكثر من 50 بالمائة، رغم أن بعض السلع لا تستوفي شروط النظافة، فتجد الباعة المتجولون يسوقون مواد معرضة لأشعة الشمس طوال النهار، وهؤلاء الباعة جلهم من الأطفال من الجنسين، حتمت عليهم الظروف إمتهان هذه الحرفة الموسمية من أجل مساعدة عائلاتهم، ومنهم من ضحى بعطلته الصيفية حتى يستطيع إدخار بعض من المال لشراء مستلزمات الدخول المدرسي القادم، و ظاهرة عمالة الأطفال في الشواطئ عرفت انتشارا رهيبا بعنابة هذه السنة، و قد زادت في تفاقمها الأوضاع المعيشية الصعبة و المتدهورة التي يعيش على وقعها الأطفال، الذين يصرون على تحدي كل المخاطر التي تعترضهم من سرقة ومطاردة، والتنافس فيما بينهم يصل في بعض الأحيان إلى الشجار، حتى وإن كان معظم هؤلاء الأطفال يتكتمون عن دخلهم اليومي، إلا أنه يتراوح غالبا ما بين 800 إلى 1000 دينار، وهذا حسب إقبال المصطافين و كذا " شطارة " كل بائع صغير في إقناع الزبائن بإقتناء المنتوج الذي يبيعه، لأن كل شيء أصبح قابلا للبيع بشواطئ " بونة "، و قوافل الباعة المتجولون تجوب الشاطئ على إمتداد ساعات اليوم دون كلل أو ملل، رغم أن أشعة الشمس لها تأثير مباشر على سلامة البضاعة الموجهة للمصطافين. إختناق كبير في حركة المرور و بلوغ أعالي الكورنيش يدوم ساعتين إلى ذلك فإن معاناة المصطافين بمدينة عنابة تخرج عن نطاق الخدمات المقدمة، و إشكالية العجز الكبير المسجل في مرافق الإيواء، لتمتد إلى الإختناق الكبير الذي تعرفه وضعية حركة المرور ب منذ حلول موسم الإصطياف، خاصة على إمتداد طريق " الكورنيش"، و كذا بوسط المدينة ، حيث يبقى التنقل من شارع إلى آخر على متن السيارة ضربا من الجنون ، و أي سائق عليه أن يتحلى ببرودة الأعصاب ، و الصبر الطويل، للمغامرة وسط الإزدحام الكبير الذي يشهده وسط المدينة وكل الشوارع التي تربط بين مختلف المناطق الإستراتيجية. و لعل ما زاد من حدة المعاناة في حركة تنقل المصطافين أشغال الحفر التي تندرج في اطار صيانة شبكات المياه و الطرقات و انجاز مشاريع قنوات التطهير ، و عليه فمن الصعب الخروج من الإزدحام بسرعة سواء في أوقات الذروة أو أي ساعة أخرى من النهار، لأن التنقل من " الكور " إلى أعالي الكورنيش العنابي في الفترة المسائية يستغرق ما لا يقل عن ساعتين من الزمن، و هذا بسبب إفتقار الولاية لطرق فرعية و منافذ من شانها أن تجنب المصطافين المرور عبر زحمة وسط المدينة أثناء توجههم إلى الشواطئ، بدليل أن المسلك العابر للضاحية الغربية مرورا بحي الصفصاف اصبح يشهد إختناقا كبيرا، خاصة في الفترة المسائية من كل يوم.