عملي بالتلفزيون الوطني البلجيكي أمر عادي وضع بصمته على أكثر من 400 عمل تلفزيوني بين أفلام وثائقية وتحقيقات للتلفزيون الوطني البلجيكي إنه المخرج الجزائري المقيم ببلجيكا شرقي خروبي الذي تحدث للنصر عن تجربته في مجال الإخراج بأوروبا وعن عمله الجديد "إبن خلدون" الذي اختار قسنطينة لتصوير أهم أجزائه لما وجد فيها من تنوع وثراء في الأنماط العمرانية لا سيما بقصر الباي ومسجد الأمير عبد القادر والتي قال المخرج أنها تشبه مدنا عديدة عاش بها مؤسس علم الإجتماع، المؤرخ والمفكر المغاربي والعربي إبن خلدون على غرار تونس وفاس واشبيلية... - النصر: فلنبدأ بفيلم "إبن خلدون" متى بدأتم التصوير وأين؟ - شرقي خروبي: أود أن أشير قبل كل شيء بأن هذا العمل الوثائقي يدرج ضمن برنامج تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، لأن إبن خلدون أقام بتلمسان ودرس بها، وهي مدينة تاريخية لا تزال تحافظ على النمطين العمرانيين للقرنين ال 13 و ال 14 وحتى القرن ال 11، وقد صورنا بها جزءا من حياة ومسار هذا العملاق، مبرزين معالمها وجمالياتها وخصائصها المذهلة، انطلاقة التصوير كانت قبل أكثر من ثلاثة أسابيع بقلعة بني سلامة بتيارت حيث كتب إبن خلدون مقدمته الشهيرة، ثم انتقلنا إلى تلمسان فبسكرة...والمحطة الرابعة هي قسنطينة...اكتشفت صدفة ثراء وتنوع وروعة الديكور والأنماط العمرانية الموجودة بقصر الباي، فقررت أن أقضي أكثر من أسبوع في تصوير مشاهد بين أجنحته لأنها تشبه خصائص العمران بأشبيلية وفاس وتونس ومدن أخرى عاش بها إبن خلدون كما صورت بعض المشاهد أمام مسجد الأمير عبد القادر خاصة لقاء المفكر والمؤرخ الكبير بالملك بيار الأول. و أواصل التصوير ببجاية والجزائر العاصمة وبرج بوعريريج ...وأثناء التركيب قد انتقل إلى فرنسا وإسبانيا لإثراء العمل بحوارات مع اخصائيين في علم الإجتماع والتاريخ والأنتروبولوجيا. المهم أن ننهي التصوير قبل شهر رمضان ويكون جاهز للبث في نهاية أكتوبر القادم، أتوقع أن يبث في البداية بتلمسان وأتمنى أن يعمم بثه في كل المناطق التي احتضنت عملية تصويره على الأقل. - من كتب سيناريو هذا الفيلم الوثائقي؟ - كتبته أنا وزوجتي الكاتبة والسيناريست هيلين بونيو، اعتمدنا كثيرا على السيرة الذاتية التي كتبها مؤسس علم الاجتماع وعلم السياسة الحديث المؤرخ المفكر والمؤرخ الشاعر ابن خلدون ، فقد كان من السباقين إلى كتابة سيرته بين الشخصيات العلمية والأدبية العالمية. لم نشأ تقديم عمل ثقيل وجاف يسلط الضوء على أعماله وانجازاته فقط بل أردنا إبراز جوانب أخرى في شخصيته ومواقفه، وعلاقاته، يمزج الخيال بالواقع. ستلتقون بابن خلدون الانسان في مشاهد تمثيلية تشخيصية يثيرها تعليق الراوي والحوارات التي اجريناها مع مؤرخين ومختصين في علم الاجتماع والانثربولوجيا من الجزائروتونس والمغرب ومصر وسوريا واسبانيا... أي البلدان التي عاش أو درس أو مر بها هذا الرجل العظيم.. -هل لنا أن نعرف أسماء الممثلين؟ -جسد شخصية العلامة بمختلف مراحل حياته من طفولته ومراهقته إلى شبابه ثم كهولته وشيخوخته ثلاثة ممثلين: الأخوين أسامة وأكرم جغيم وكذا الممثل دحمان عيدروس وتقمصت دور زوجته الممثلة موني بوعلام ويشارك في تقمص باقي الشخصيات مجموعة من الممثلين من مختلف الولايات التي نصور العمل بها. -وماذا عن لغة الحوار؟ -العربية الفصحى البسيطة جدا التي يمكن أن يفهمها جميع المشاهدين. - لمع اسمك الى جانب المخرج سالم ابراهيمي لدى اخراجكما لفيلم وثائقي حول فعاليات المهرجان الثقافي الافريقي الثاني الذي احتضنته الجزائر ثم غابت أعمالك عن الساحة الفنية الوطنية، في حين برصيدك مجموعة كبيرة من الأفلام الوثائقية والتحقيقات الكبرى من انتاج التليفزيون الوطني البلجيكي.. لماذا؟ -درست علم الاجتماع بالجزائر ثم انتقلت إلى بلجيكا لأدرس تاريخ الفن وكذا فنون البث في التليفزيون والسينما وكل ما يتعلق بهما، وتم توظيفي كمخرج بالتليفزيون الوطني البلجيكي وأقمت هناك. برصيدي حوالي 400 عمل يتراوح بين التحقيقات الكبرى والأفلام الوثائقية ذات الطابع الاجتماعي والسياسي والسياحي والانساني أذكر مثلا تحقيقا حول الحياة بغزة ومعاناة الفلسطينيين وتحقيقا حول مشاكل التبني بكولومبيا وفيلما حول كارثة تسونامي وآخر حول السياحة بالمغرب... إلخ وكل هذه الأعمال تدرج ضمن عملي اليومي العادي بالتليفزيون البلجيكي. لكن عندما أسمع بتظاهرات كبرى بوطني الأصلي الجزائر، لا أتردد في المشاركة في إحيائها كمخرج بأعمال مناسبة -ألا تعترضك مشاكل في ذلك؟ -لكي أتمكن من المشاركة في فعاليات تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية هذا الموسم باخراج فيلم "ابن خلدون" الذي تتكفل بانتاجه التنفيذي شركة "ليث ميديا" وتموله وزارة الثقافة الجزائرية، اضطررت لأخذ عطلة غير مدفوعة الأجر من التليفزيون البلجيكي.. وأنا جد سعيد بهذه المشاركة ويشرفني أن أقدم شخصية مغاربية عربية ذات بعد عالمي واجهت العديد من التحديات والمخاطر بصمود وابداع وقوة واعتلت مناصب سامية والتقت بشخصيات عظيمة ولا تزال أفكارها ونظرياتها ومبادئها تتحدى الزمن والنسيان. -مشاريعك -بالتليفزيون الوطني البلجيكي لا تعد ولا تحصى.. لكن أهمها بالنسبة إلي تحضير فيلم وثائقي حول شخصية رونيه فوتييه، لأسجل حضوري كجزائري في فعاليات إحياء الذكرى الخمسين للاستقلال..