لهفة التسوّق تنسي القسنطينيين زردة الشعبانية لم تعد للشعبانية مكانة كبيرة في مجتمعنا مثلما في الماضي، فهذه العادة الخيرية التي كانت تشرف عليها الطرق العيساوية و تهدف إلى جمع الهبات لمساعدة الأسر المعوزة في شهر الرحمة، بالإضافة إلى الطقوس التي ترافقها من جمع و إخفاء للأدوات التي يستعملها مريدي العيساوة في عروضهم على مدى أيام السنة ، اندثرت مع الوقت في قسنطينة بعدما كان الأهالي ينتظرونها بلهفة و يحضرون لها طيلة أسابيع. فالشعبانية عادة محلية ارتبطت بشهر شعبان المبارك و غالبا ما تكون في ليلته السابعة و العشرين حسب شيخ الطريقة العيساوية محمد الصالح كوكو الذي أوضح بأن الشعبانية في الواقع عبارة عن وصية تركها الأولون و تحث على التضامن و التآخي و التفكير في الآخر و منحه كل ما يحتاجه لقضاء شهر الصيام في أحسن الظروف و ذلك من خلال جمع كل الطرق و طلب الصفح و التسامح استعداد لرمضان من جهة و مساعدة الفقراء من جهة أخرى ، حيث يلعب هؤلاء دور الوسيط بين العائلات الثرية و الفقيرة بجمع الهبات و توزيعها على الأسر المعوزة قبل انطلاق شهر الصيام. و أضاف الشيخ محمد الصالح أن المناسبة كانت تتخللها طقوسا متنوعة منها جمع الأدوات التي يستغلها مريدي العيساوة في عروض الفرجة و المتمثلة في السكاكين، «السفافد «...و غيرها من الأدوات الخطيرة التي يتم وضعها في صندوق خاص»صندوق السر» و حفظها في مكان آمن لدى شيخ الطريقة إلى غاية السابع و العشرين من رمضان تاريخ استخراجها و استعمالها من جديد، و هو تقليد تم توارثه عن الأولين في الطريقة لكنه اختفى الآن حسبه و لم تعد هذه الطقوس تمارس في الشعبانية التي اقتصرت الآن على جمع هبات لفائدة الفقراء، مؤكدا أن حفل الشعبانية لم يختف كليا و إنما أصبح مختصرا على مريدي الطريقة الواحدة بعدما كان في الماضي يجمع كل مريدي الطرق الصوفية الأخرى و الذين يأتون من كل مكان حتى من الدول المجاورة و هو ما تعتزم الطريقة العيساوية على حد تصريح شيخها إعادة إحياءه السنة المقبلة و تنظيم أكبر شعبانية تكون ساحة لابريش بقسنطينة ركحا لها و يتم دعوة فرق العيساوة من كل أنحاء الوطن و الدول الشقيقة مثلما قال. و كانت الشعبانية المستوحى اسمها من شهر شعبان موعدا تستغله ربات البيوت في إعادة تهيئة مطبخهن بتجديد الأواني بشكل خاص لاستقبال ضيف عزيز يتم الاستعداد له بعناية كبيرة ، تعتمد بالدرجة الأولى على تطهير الدار و الجسد، لكنها اليوم تحوّلت إلى موعد تطبعه لهفة التسوّق و اقتناء كل ما تقع عليه العين من مواد غذائية و كأن الأسواق ستغلق أبوابها طيلة شهر رمضان، هذا على الأقل ما قد يعتقده المرء و هو يرى حمى التبضع التي تصيب الميسورين و ذوي الدخل البسيط على حد سواء، فلا يكاد أي محل يبقى خاويا من الزبائن بل يصل الحد بالبعض للوقوف في طوابير من أجل شراء قائمة طعام معدة مسبقا من طرف ربة البيت، و غالبا ما تحوي أغذية أساسية من سميد و زيت و طماطم...و غيرها من العناصر التي تدخل في إعداد أطباق رمضان و ليس هذا فحسب بل ثمة من المواطنين من يقومون بشراء مواد تخص إعداد حلويات العيد خوفا من التهاب الأسعار نهاية شهر الصيام. كل هذه العادات جعلت من شهر شعبان موعدا يخشاه الكثيرون و يحسبون له ألف حساب بعد أن كان موعد للاستعداد الروحي لشهر التوبة و المغفرة. مريم/ب