شباب ونساء يقتحمون مجال تجارة الأعشاب العطرية تزدهر تجارة بيع الأعشاب العطرية كالقصبر و البقدونس في رمضان ، و يتحول ممتهنوها إلى نجوم الأسواق، نظرا للإقبال الكبير عليها ، باعتبارها ضيفا دائما على مائدة الإفطار، و هو ما يجعل هذا النشاط ينتعش و يصبح ملاذا لعدد كبير من الأشخاص، خاصة ذوي الأجر الضعيف لتحقيق دخل إضافي، وهناك عائلات تتخذ منه مصدر رزق. أسماء بوقرن انتقلت النصر إلى أسواق مدينة قسنطينة كسوق الإخوة بطو و بومزو، فلاحظنا في مداخلها و أروقتها عددا كبيرا من باعة الأعشاب العطرية الذين يستغلون عادة مداخل الأسواق الرئيسية و كذا أروقتها، لعرض مختلف الأعشاب العطرية الرائجة كالبقدونس و القصبر «الدبشة» و الكرافس، و كذا البرية، بالإضافة إلى بعض الخضر التي ترتبط في تحضيرها بهذه الأعشاب كالليمون و الثوم و البصل، و كذا الخضر الموسمية كالفجل والسبانخ ، و اتضح بعد أن تحدثنا إلى بعضهم بأن غالبيتهم يمتهنون هذا النشاط على مدار العام، فيما يعتبر القليل منهم دخلاء عليها استغلوها لتوفير دخل إضافي في رمضان لإعالة أسرهم. اكتشفنا أيضا خلال جولتنا الاستطلاعية، بأن هذا النشاط لم يعد حكرا على المسنين إذ اقتحمه شباب اكتشفوا بأنه كغيره من الأنشطة التجارية يحقق دخلا لا بأس به يسد احتياجاتهم، عكس ما يظهر للعيان، فالكثيرون يعتقدون بأن بائع «الدبشة» بسعر لا يتجاوز 20 دينارا ، يحقق دخلا زهيدا، غير أن الواقع غير ذلك، فهو نشاط كغيره من الأنشطة، يحقق دخلا ماديا لا بأس به. بائع بسوق الإخوة بطو بيع الأعشاب العطرية يحقق دخلا مقبولا قال لنا شاب في العشرينات من العمر وجدناه يعرض الأعشاب العطرية و بعض الخضر فوق طاولة داخل السوق، بأنه كان يعمل في محل لبيع الأسماك، لكنه توقف منذ سنتين عن العمل فيه بسبب الأجر الزهيد الذي كان يتقاضاه ، ليقرر بيع الأعشاب العطرية و السبانخ و الفجل و الليمون ، بعد أن وجد فيها دخلا يلبي متطلباته، موضحا بأنه يجلبها من بلدية حامة بوزيان، التي كانت تعتبر الممون الرئيسي للسوق ، لكن تم تسجيل تراجع في المنتوج مؤخرا . و تابع الشاب بأنه و بعد أن كانت هذه البلدية تغطي كل احتياجات السوق المحلي، لم تعد تستطيع ذلك، و أصبح تجار من ولاية باتنة يغطون احتياجات قسنطينة من هذه المواد، موضحا بأن السوق قبيل رمضان عرف نقصا كبيرا في العرض مقابل زيادة في الطلب، و السبب تلف المحصول بولاية باتنة، جراء الأمطار الطوفانية، مؤكدا بأن الربطة الصغيرة بالتجزئة من البقدونس أو القصبر سعرها 20 دينارا ، فيما يقدر سعر الربطة الكبيرة بالجملة 80 دينارا ، بعد أن كان في السنة الماضية ب 60 دينارا ، ما حتم على باعة السوق، حسبه، إضافة 10 دينار لسعر كل ربطة. و كان المتحدث يعرض على طاولته بعض الخضر التي تتماشى غالبا مع بيع هذه الأعشاب كالسبانخ بسعر 100 دينار، بعد أن كان سعره قبيل الشهر الفضيل 80 دينارا ، نفس الشيء بخصوص الفجل الذي أصبح سعر الربطة منه 150 دينارا ، بعد أن كان ب 100 دينار قبيل رمضان .و أكد البائع بأن أسعار الجملة ترتفع مع حلول رمضان. بائعة البقدونس بوسط المدينة غيرت نشاطي من الألبسة المستعملة للأعشاب خلال جولتنا بوسط المدينة، التقينا ببائعة أعشاب عطرية و طبية تبلغ من العمر 51 سنة، رفقة زوجها، كانت تفترش عند مدخل سوق الإخوة بطو، صناديق كرتونية و تعرض عليها مختلف أنواع الأعشاب من قصبر و بقدونس و كرافس بالإضافة إلى النعناع و الإكليل، بأسعار تتراوح بين 50 و 70 دينارا للربطة، التي تقلص حجمها مقارنة بالسنة الماضية، فيما عرف سعرها ارتفاعا بقيمة تقدر ب 20 دينارا . محدثتنا قالت بأنها تقطن ببلدية ديدوش مراد و كانت تشتغل من قبل بائعة للألبسة الفرنسية المستعملة «فريب» و كذا الحلي المقلدة، موضحة بأنها غيرت نشاطها بسبب ركود هذا النشاط، و لجأت منذ نحو سنة إلى بيع الأعشاب، لكونها تلقى رواجا كبيرا، خاصة في الشهر الفضيل، قائلة بأن الدخل الذي تجنيه يوميا يساعدها في سد احتياجات أبنائها الثمانية، و بالمقابل تسعى جاهدة لجمع مبلغ إضافي ، بغية تسديد تكاليف العملية الجراحية لزوجها الذي يعاني من مشكل في البصر، مشيرة إلى أنها تغادر البيت رفقة زوجها عند الخامسة صباحا. و ما وقفنا عليه خلال حديثنا إلى هذه البائعة ذات الوجه الشاحب و التي دفعتها الظروف إلى الخروج للشارع و البحث عن عمل شريف لتعيل أبنائها، أن أغلب زبوناتها نساء ، من بينهن من تكتفي بشراء الأعشاب العطرية و أخريات يفضلن شراء الأعشاب الطبية، حيث وجدنا عجوزا في السبعينات من العمر تعاني من مرض السكري، تشتري أوراق شجرة الحلموش أو الريحان ، بعد أن نصحتها البائعة بغليها و شرب مائها، لأنها ، حسبها، تخفض نسبة السكر في الدم ، كما قدمت البائعة لزبوناتها شروحات بخصوص فوائد كل عشبة تعرضها، فمثلا عشبة الإكليل تعالج آلام القولون ، بنقعها في ماء مغلى، و سعر الربطة 50 دينارا ، أما الزعتر فيعالج، على حد قولها، آلام البطن و سعر الربطة 100 دينار، فيما يستعمل النعناع لخفض الضغط الدموي و سعر الربطة 50دينارا ، و عند استفسارنا عن مصدر معلوماتها ، قالت بأنها ورثتها عن جدتها التي كانت تشتغل في مجال التداوي بالأعشاب . سألناها عن مصدر سلعتها ، فقالت بأنها تشتريها بالجملة، من عند ممون يشرف بنفسه على توزيعها في الأسواق و على الباعة، و لا تعلم بالضبط مصدرها. عمي عمار بائع بوسط المدينة «حامة بوزيان الممون الرئيسي بالأعشاب العطرية لأسواق قسنطينة» عمي عمار ، بائع في 67 سنة من العمر، التقيناه داخل سوق الإخوة بطو أمام مربعات بيع اللحوم و الأسماك، أكد لنا بأنه منذ نحو 25 سنة و هو يشتغل في هذا المجال، و عن مصدر الأعشاب التي يعرضها قال بأنه يشتريها بالجملة من فلاح ببلدية حامة بوزيان يتكفل بتوزيعها على الأسواق مقابل 80 دينارا للربطة الكبيرة، فيما يبيع ربطة البقدونس و القصبر و الكرافس بالتجزئة بسعر يقدر ب 20 دينارا ، و الكيلو غرام من الثوم المحلي ب 200 دينار ، و الليمون ب 300 دينار للكيلو . حسان دبوز ممون أسواق قسنطينة تخليت عن الهندسة واستثمرت في زراعة الأعشاب العطرية الممون الرئيسي لأسواق مدينة قسنطينة بالأعشاب العطرية حسان دبوز، يقيم ببلدية حامة بوزيان، و هو في 43 سنة من العمر، حاصل على شهادة مهندس دولة في الهندسة المعمارية ، قال للنصر بأنه اختار مجال الفلاحة الذي ورثه عن والده ، فقد كان يبيع الأعشاب العطرية منذ أن كان عمره عشر سنوات مع أخوته، و كان حينها والده يقوم بغرسها في بستان منزلهم، فيما يتكفل هو و إخوته ببيعها بالتجزئة ، موضحا بأنه رغم تفوقه في الدراسة و تحقيق حلمه بولوج الجامعة و التخرج، إلا أنه ظل يزاول نفس النشاط، الذي طوره كثيرا، فبعد أن كان يكتفي ببيع المحصول الذي يجنيه من حقل والده بالتجزئة، أصبح الآن يزود قسنطينة و ولايات مجاورة بالأعشاب العطرية. مستثمرتي ببني حميدان وأزود ولايات أخرى بمنتوجي محدثنا قال بأنه يستغل قطعة أرض مساحتها 10 هكتارات بمنطقة الضبابية ببلدية بني حميدان ، بالإضافة لمنطقة البشير ، حيث يغرس كلا من القصبر والبقدونس والكرافس والنعناع والفجل و «البرتقالة»، ليبيعها بالجملة، حيث يزود أكثر من 100 بائع بهذه المادة ، موزعين على الأسواق و المراكز التجارية بوسط مدينة قسنطينة و المدينة الجديدة علي منجلي و سيدي مبروك و الدقسي عبد السلام، كما يمون أسواق بعض الولايات المجاورة كميلة و سكيكدة و أم البواقي، مضيفا بأنه منذ نحو 20 سنة و هو يزاول تجارة الجملة رفقة إخوته، و عن أسعار هذه المادة قال بأن سعر الربطة يقدر ب 70 دينارا، و هو نفس سعر ربطة الفجل، مشيرا إلى أنه في حالة نقص الإنتاج ، يلجأ لأسواق الجملة بكل من باتنة و العاصمة و بسكرة لتغطية السوق المحلي.