نظمت نساء قرية آث صالح التابعة لدائرة بوزقان، حوالي 70 كلم شرق مدينة تيزي وزو، حملات تطوعية لتنظيف المقابر،و تخليصها من النفايات المتراكمة و الحفاظ على حرمة الموتى. هذه المبادرة الخيرية اعتادت نساء المنطقة على القيام بها منذ سنوات، دون مناسبة أو أمر من أي جهة، و في ذات الخصوص تقول السيدة المسنة تسعديت بأنها تشارك في كل حملات التنظيف بالقرية، مشيرة إلى أن النساء ينظمن ما يعرف محليا ب «ثشمليث» أو ثيويزي»، بمعنى «التويزة» لتنظيف المقابر و أزقة القرى، إضافة إلى الحقول والبساتين، كما يساهمن في جمع محصول الزيتون وغيرها من الأعمال التي تتطلب جهدا بدنيا كبيرا من أجل الانتهاء منها بسرعة في إطار العمل الجماعي. وأوضحت المتحدثة للنصر، أن أشغال التنظيف التي يقمن بها اعتدن عليها منذ عقود طويلة، حيث يتم الاتفاق مسبقا على تنظيم «ثيويزي» و يعلن عنها في كل أرجاء القرية، وفي صباح اليوم المحدد تخرج النساء من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية باكرا وهن محمّلات بأدوات تقليدية بسيطة، تساعدهنّ في نزع الحشائش الضارة. و تشارك جميع النسوة أغلبهن ربات البيوت في العمل التطوعي لتنظيف أزقة القرية و رفع الأوساخ والقمامة، كما يتوجهن إلى المقابر لإزالة وحرق الأعشاب الجافة و الضارة التي تنمو حولها وتخليصها من مختلف أنواع النفايات التي ترمى فيها، لتبدو نظيفة وللحفاظ على حرمة الموتى. و أكدت السيدة تسعديت بأن النظافة شيء مقدس في قرى منطقة القبائل بأكملها، لذا تحرص النسوة على رفع الأوساخ من الأرض مهما كان نوعها، كما يقمن بطلاء جدران المنازل و واجهات القرى لتحافظ على جمالها، وبعد الانتهاء من العمل «الشاق»، يجتمعن لتناول وجبة الغذاء بين أحضان الطبيعة في أجواء أخوية مميزة، يسودها الفرح، فينسيهن تعب يوم كامل. وأضافت ذات المتحدثة أن نساء قرية آث صالح كغيرها من قرى دائرة بوزقان، تجمعهنّ المصلحة المشتركة، و النظافة في القرية واجب مقدس و تقليد عريق تتوارثه الأجيال، كما أكّدت أنّ تنظيف المحيط ، رغم أنه مهمة شاقة ومجهدة إلا أنهن يقمن بها بكل حب وإخلاص، ومن أجل التغلب على التعب الذي ينال منهنّ يردّدن ما يعرف في منطقة القبائل «أشويق» ، وهو عبارة عن غناء نسوي من التراث القبائلي التقليدي تردده النساء، سواء في البيت أو في الحقول عند قيامهن بأعمال متعبة للترويح عن النفس، كما يعبرن به عن حالتهن النفسية، في أجواء من الحيوية والنشاط.