عين على السماء و أخرى على الأزقة و الخيم البلاستيكية و مدعوون يفرون حفاة وسط البرك يواجه منظمو حفلات الزفاف بقالمة هذه الأيام تحديات كبيرة فرضتها عواصف الخريف و تقلباته المناخية التي حولت بيوت الأعراس إلى مسابح في الكثير من المرات ، و أدت إلى تقليص مراسيم الزفاف إلى أدنى المستويات . فقد تعود القالميون على إقامة الأعراس خلال فصل الصيف لكن تزامن شهر رمضان مع موسم الأعراس دفع بالكثير إلى تأخير الموعد إلى فصل الخريف و البحث عن القاعات و الملاجئ الآمنة للاحتماء من غضب الطبيعة التي لا ترحم. قبل موعد الحفل تتوجه الأنظار إلى السماء لمعرفة حالة الطقس في ذلك اليوم و يتابع أصحاب العرس نشرات الأحوال الجوية و يتناقلون تفاصيلها و يستعدون لأي طارئ من خلال جلب الخيم البلاستيكية لتغطية أسطح المنازل التي تستعمل عادة لاستقبال المدعون من النساء و فرقة الدي.جي أو الفرق الموسيقية التقليدية التي عادة ما تنشط الحفل بالأزقة و الساحات التي تعد الفضاء المناسب لإقامة الأعراس الشعبية بولاية قالمة . و يجتهد أهل العرس في تركيب الخيم و تثبيتها بإحكام حتى تصمد أمام العواصف و الأمطار الغزيرة و تكون ملاذا للمدعوين الذين عادة ما يبدون نظامنا كبيرا مع أصحاب الحفل في مواجهة العاصفة الماطرة التي لا تلبث أن تقتلع الخيم و تلقي بها على رؤوس المدعوين و تحول المكان الى بركة من المياه كما حدث بأحد الأعراس المحلية مؤخرا أين اختلطت أطباق الكسكس و اللحم بالمياه و الأوحال جراء الأمطار الطوفانية التي اجتاحت المنطقة و اضطر المدعوون الى المغادرة و القليل منهم من حضر حنة العريس التي عادة ما تكون في نهاية الحفل . و يقول السكان المحليون بأن اقتران العرس بالأمطار الغزيرة يعد فأل خير على العروسين بينما يعتبره البعض الآخر سوء طالع و نذير شؤم كما يعتقدون . و لا تخلو أعراس الخريف بقالمة من النوادر المضحكة خاصة إذا صاحبتها العواصف الماطرة كهروب المدعوين حفاة مبللين بالأمطار و سقوط صاحب العرس وسط بركة من الأوحال و تبلل ثياب العروس و العريس و حدوث سرقات و ما يشبه أحداث الشغب داخل الغرف المظلمة إذا انقطع الكهرباء و عمّ الظلام . و بالنظر إلى عدم قدرة المنازل الصغيرة على استيعاب العرس الكبير خلال فصل الأمطار و العواصف يلجأ الكثير من المنظمين إلى قاعات الحفلات المجاورة أو الاستنجاد بمساكن الجيران لمواجهة التقلبات المناخية المفاجئة . و كثيرا ما تمر العاصفة بسرعة و تتبدد الغيوم و يستأنف الحفل من جديد بإصلاح الخيمة المنهارة و ترتيب المطبخ و تقديم ما أمكن من الأطباق الشعبية الشهيرة لبقايا المدعوين و فسح المجال للفرقة الموسيقية حتى تطرب الحضور و تنسيهم بعض ما عانوه في مواجهة العاصفة التي حلت بالعرس دون دعوة أو استئذان.