خمسة مخرجين يتقنون الأمازيغية رفضوا تمجيد الشاعر سي محند أو محند في "المتمرد" في مشوار المخرج رشيد بن علال العديد من الأعمال السينمائية الطويلة و القصيرة التي أنجزها كمشرف على التركيب الذي كان اختصاص دراسته في معهد السينما و كمخرج سينمائي أهمها فيلم " المتمرد" الذي يتناول سيرة الشاعر " سي محند أو محند" الذي واجه حملة إعلامية لمنعه من الإقتراب من حياته لأنه لا يتقن الأمازيغية. في هذا الحوار الذي خص به النصر يكشف للقراء عن سبب قبوله بإخراج هذا العمل بعد رفض خمسة مخرجين ذلك ، وإيمانه الكبير بأن هذا الفيلم الذي يمجد أحد أبرز الشعراء بالوطن سيدخل تاريخ السينما الجزائرية . فيلمك " المتمرد، سي محند أو محند" يعتبر من بين الأفلام الأمازيغية النادرة في الجزائر، هل لاقى رواجا في الجزائر ؟ -فيلم المتمرد يضاف إلى قائمة صغيرة للأفلام الامازيغية الجزائرية كمسلسل " ماشاهو " ، " جبل باية " و " الهضبة المنسية " ،و بالمناسبة أحيي كثيرا السينمائيين الذين أنتجوا هذه الأعمال لأنهم رفعوا من خلالهم تحدي الهوية متجاوزين عقبة اللغة الفصحى التي فرضتها الدولة في تلك الفترة تعسفا، و على رأسهم الفنان محمد آمزارت الذي فارق الحياة منفيا في الخارج. ففيلم " المتمرد " يروي حياة شاعر عظيم مازالت نصوصه التي تنبأت بالكثير من الأشياء المصيرية في مستقبل الجزائر تعيش في الذاكرة و يعتبر في ثقافتنا الشعبية أكثر شعبية و شهرة من شخصية جحا. و بالتالي هو ليس ثمرة الخيال لأن " سي محند أو محند " كان يحرك بأشعاره ضمائر الناس في تلك الفترة الاستعمارية ، بالنسبة لي و للمنتج كان تحديا كبيرا لأن كلانا لا يتحدث اللغة الأمازيغية . الأمر الذي أثار غضب أشباه المثقفين القبائل الذين شنوا على الفيلم حملة شرسة ، حتى قبل الانطلاق في تصويره ، و شكك الكثير من الصحافيين في قدرتي على إخراجه. و بعد صدور الفيلم فوجئت بصمت الذين انتقدوه قبل ولادته، لأن اللغة ليست أبدا عائقا في الإخراج و الدليل مسلسل " لالة فاطمة نسومر" الذي تناول هذه البطلة الأمازيغية التي كانت تعيش في أعالي جبال القبائل و هي تتحدث عربية مشرقية ، و مسلسل " عيسات إيدير " الذي أسكت آخر تلك الأصوات . " المتمرد" عرض مرات قليلة في الجزائر غير أنه حظي فيها بإعجاب كبير ، على غرار العرض الأول بقاعة ابن زيدون بحضور ممثلة وزيرة الثقافة الذي تلاه عرضان آخران في كل من بجاية و تيزي وزو. هذا الفيلم كانت له حكايات و قصص كثيرة و حتى لو لم يلق رواجا الآن أتصور أنه سيدخل التاريخ لأنه يحكي عن شخصية عظيمة تستحق التحليق بأشعارها خارج حدود الجزائر ، و جائزة مهرجان أغادير التي انتزعها تشهد بذلك . كيف جاءتك فكرة إخراج فيلم عن الشاعر " سي محند أو محند" ؟ -رفض خمسة مخرجين يتقنون اللغة الامازيغية إنجاز هذا الفيلم قبلي ، و لازلت أجهل إلى اليوم أسباب رفضهم ، و لذلك عندما وافقت عليه أحسست بأنني أمام مهمة صعبة و ضرورية كنت مستعد لخوض العديد من المعارك لإتمامها ، خاصة وأن المنتج كان يعاني من مشاكل كثيرة مع كاتب الحوار الذي تأخر في تقديم حوارات الفيلم و اختيار الأشعار الأكثر تعبيرا عن شخصية البطل .والمنتج زميل دراسة قديم و يملك خبرة كبيرة و هذا ما حفزني لقبول العرض دون تردد ، و توقيع العقد بمبلغ رمزي تكريما لروح سي محند أو محند ، و لأثبت أن عدم معرفتي للأمازيغية لا يمكن أن يشكل عائقا بالنسبة لي، لكونها تعتبر جزءا من ثقافتي و هويتي كجزائري. كيف تجد واقع السينما الجزائرية في الوقت الراهن، و هل تعتقد أن الأمور ستتحسن مع فتح مجال السمعي البصري؟ -السينما في الجزائر تعاني من حالة ركود كبيرة، فهي تحيى فقط عند الاحتفال بمناسبات معينة لأنه لا يوجد سياسات خاصة بالإنتاج السمعي البصري ، مما يسبب قلقا دائما لأصحاب المهنة الذين يواجهون مشكلة كبيرة في التوزيع و في توفير صالات العرض التي تحتضن أعمالهم . فالسينما هي فن و صناعة في نفس الوقت، و الإنتاج في الوطن مازال مرتبطا بالإعانة التي تقدمها لجنة قراءة تقليدية أعضاؤها يتقلدون نفس المناصب منذ فجر التاريخ ، يجمعهم عامل مشترك واحد، هو أنهم لا أحد منهم كتب سيناريو واحدا طيلة حياته. فالأزمة السينمائية عندنا ليست جديدة و القطاع مهدد بالمزيد من الانحطاط في المستقبل الذي قد لا ينهض منه أبدا ، فماعدا معهد السينما لا يوجد أي مركز تكوين آخر يعلم فنون السينما ، و لم تعد المنح الدراسية للخارج موجودة كما في السابق ، و هذا ما قد يدفعنا في القريب العاجل لطلب المزيد من التقنيين من الخارج لأن الفرق في المعارف بيننا و بينهم يزداد شساعة مع الوقت. وانفتاح قطاع السمعي البصري سيلعب حتما دورا إيجابيا بالنسبة للمخرجين و التقنيين الأجانب ، فالجزائريون برؤوس الأموال الجزائرية يطلبون عون الأجانب من أجل إنجاز أفلامنا التاريخية كمسلسل "عيسات إيدير" و "فاطمة نسومر"، و ربما سنصل يوما من خلال خوصصة الإنتاج إلى ترشيحات الأوسكار التي تنالها كل السنة الدول التي تعتبر السينما فنا و صناعة في نفس الوقت. هل لديك مشاريع سينمائية أخرى ؟ -قبل أن أدخل في أية مشاريع سينمائية جديدة يجب أن أكمل أولا الأعمال العالقة، كفيلم" الحل الأخير" الذي أنتج من قبل " ستوديو كوم" في إطار "الجزائر عاصمة للثقافة العربية" و الذي جمد منذ سنة 2007 بسبب مشاكل مادية ، و فيلم قصير آخر بعنوان " حافلة تدعى رغبة" من إنتاج مؤسسة "لونا فيزيون" الذي صور في الصيف الماضي بوهران و الذي أريد أن أشكر بالمناسبة سكانها على دعمهم.